حماية مشبوهة لمستشارين من الانتماء السياسي نفسه تعفيهم من أحكام تضارب المصالح كشفت تقارير توصل بها عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، النقاب عن ممارسات وصفت من قبل أعضاء في مجالس منتخبة بأنها تمرد من قبل رؤساء جماعات وعمال على مقتضيات دوريات الداخلية، خاصة الدورية رقم (1854D) الصادرة مارس الماضي، والتي تمنع ربط المصالح الخاصة للمنتخبين مع الجماعة، التي هم أعضاء فيها أو مع هيآتها، أو إبرام عقود للشراكات وتمويل مشاريع جمعياتهم، وبصفة عامة أن يمارس كل نشاط قد يؤدي إلى تنازع مصالح، سواء بصفة شخصية أو بصفته مساهما أو وكيلا عن غيره أو لفائدة زوجه أو أصوله أو فروعه. وسجلت رسالة موقعة من قبل رئيس لجنة المرافق العمومية والخدمات بجماعة تابعة لتراب إقليم مديونة، أن مطالب مستشارين والتماساتهم من رؤساء يجمعهم الانتماء السياسي نفسه ومن سلطات الوصاية ذهبت سدى، إذ لم تقنع المصالح الإقليمية للإدارة الترابية بجدوى التراجع على نقط في جداول أعمال دورة أكتوبر الماضي، خاصة تلك التي تمخضت عن قرارات يشوبها عيب تضارب مصالح، كما هو الحال في وضع خارطة تهيئة الطرق الجديدة، مكنت رئيس مجلس جماعي من تجهيز مشاريع تجزئات سكنية من مالية الجماعة وعلى حساب مناطق آهلة، تعتبر ذات أولوية، بالنظر إلى المستوى المتردي للخدمات الجماعية فيها. ولم تكن مواكبة سلطات الوصاية في مستوى صرامة المقتضيات الواردة في دورية وزير الداخلية المتعلقة بتضارب المصالح، إذ تمكن منتخبون من إيجاد أساليب مبتكرة للتحايل على مساطر الاستفادة من عقود تفويت عقارات جماعية باستبدال أسمائهم بأسماء أقاربهم. وتفوت هذه الممارسات "الريعية" مداخيل مهمة على خزائن الجماعات، بالنظر إلى أن أغلب المستفيدين يتهربون من أداء وجيبات الكراء، إضافة إلى الضعف المسجل في السومة الكرائية المطبقة على جل الأملاك التابعة للجماعات، إذ يتراوح ثمن كراء محلات تجارية في ملكية جماعات قروية بين 20 و 40 درهما، بسبب عدم مراجعة السومة كل ثلاث سنوات طبقا للمواد 3 و4 و5 من القانون المتعلق بكيفية مراجعة أثمان كراء المحلات المعدة للاستعمال المهني. وما يؤكد أن المنتخبين يحتكرون كراء العقارات الجماعية أن الرؤساء لا يستطيعون اتخاذ أي إجراء في حق المتقاعسين عن أداء واجبات كراء، من قبيل فسخ العقود عن طريق القضاء، إعمالا للحسابات الانتخابية. ولم يجد برلمانيون بدا من تقديم مقترح قانون لإدارة مجلس النواب يروم منع تضارب المصالح في عمل المسؤولين، بالتنصيص على لائحة المسؤولين والمنتخبين الذين يجب عليهم "التصريح الإجباري بمصالحهم أو المصالح التي يمكن أن تنشأ بحكم مهامهم الجديدة". وأدخل مشروع القانون الوزراء في دائرة منع تضارب المصالح، إذ نص على إجبارية تصريح أعضاء الحكومة بكل الأنشطة الاقتصادية والمهنية التي يمكن أن تشكل تنازعا للمصالح داخل أجل ثلاثة شهور من تعيينهم، وأن يكونوا في وضعية جبائية سليمة تجاه المصالح الضريبية. ياسين قُطيب