فرنسا تواجه تهمة التواطؤ مع الإرهاب ببوركينافاسو والتمهيد لاستعمار جديد بالمنطقة تتواصل انتفاضة إفريقية أخرى مطالبة برحيل فرنسا عن إفريقيا، إذ تعيش بوركينافاسو على وقع أشهر من المظاهرات الشعبية المنادية بجلاء جيوش ماكرون، المتهمة بالفشل في إحقاق الأمن في وجه ما تصفه بالهجمات الإرهابية. وتوترت العلاقة بين بوركينا فاسو وفرنسا بعد محطات عدة تصاعدت فيها الانتقادات التي تحولت إلى احتجاجات على الدور الفرنسي في ما يتعلق بالوضع الأمني في البلاد، إذ طالبت حكومة واغادوغو رسميا القوات الفرنسية الموجودة على أراضيها بمغادرتها في غضون شهر. خرجت حشود المواطنين في بوركينافاسو رافعة شعار "ديكاج"، (ارحل)، في وجه القوات الفرنسية المرابطة في ضواحي العاصمة على وقع هجمات متتالية تعرضت لها العاصمة وفي ظل مؤشرات على أن سلطات واغادوغو ترغب في التوجه أكثر نحو روسيا، بحثا عن تعاون أنجع من وجهة نظرها في مواجهة ما تصفه بالهجمات الإرهابية التي تتهم القوات الفرنسية بالتقصير في مواجهتها، بل ويهمس غاضبون من سياسات باريس أنها تتواطأ معها. وتأخرت فرنسا في الرد على بيان رسمي صادر عن حكومة بوركينا فاسو، كان متوقعا بعد قرارات سابقة تدفع في اتجاه جلاء القوات الفرنسية من البلاد، في حين بدأت باريس تستعطف بقاء قواتها، معتبرة أن تهمة التواطؤ قوية ومبالغ فيها بذريعة أن ما يقارب 60 جنديا فرنسيا قتلوا أثناء مواجهتهم للعمليات المسلحة في تلك المنطقة، وأن ذلك يناقض ادعاء التواطؤ مع العدو الذي لا يستند على أسس واقعية، في حين تفيد تقارير محلية أن هناك تبادلا للخدمات بين القوات الفرنسية والجماعات العسكرية المسلحة في شمال مالي، وأن التدخل الفرنسي تسبب في انتشار الجماعات المسلحة في مالي وبوركينافاسو وازداد عددها، كما اتسعت رقعة عملياتها الجغرافية لتشمل العديد من الدول الإفريقية، وجعل بوركينافاسو تدخل نادي دول غرب إفريقيا الرافضة للوجود الفرنسي وأن باريس دخلت في عمليتها الأولى "سرفال" بأهداف محددة وواضحة بغية منع التقسيم في شمال مالي، وهو ما نجحت فيه نسبيا، لكن التغير نحو عملية مفتوحة من حيث الزمن جعلها شبيهة باستعمار جديد بالمنطقة. ونفت خريسولا زخاروبولو نائبة وزيرة الخارجية الفرنسية خلال زيارة لها إلى بوركينا فاسو اتهامات لباريس بالتدخل في مستعمراتها السابقة، معتبرة أن بلادها لا تفرض شيئا، وأنها لم تأت إلى واغادوغو للتأثير على أي قرار أو خيارات معينة. وعكس ما قالته الوزيرة فإن فرنسا تضغط بتسريب تقارير سرية تقول بأنها تكشف رغبة السلطات ببوركينافاسو في تنويع شراكات بلادها الدولية، وفي أول المؤشرات هناك حديث عن تقارب مع روسيا بالذات التي قيل إن رئيس وزراء بوركينافاسو زارها سرا مطلع دجنبر الماضي. وبغض النظر عن صحة التسريبات الفرنسية أكد رئيس وزراء بوركينافاسو في لقاء جمعه بالسفير الروسي أخيرا أن روسيا خيار منطقي في ظل الدينامية التي تمر بها البلاد والمنطقة ككل، مضيفا أنه يجب "منح فرصة لشراكة بلاده مع روسيا وتعزيزها علها تكون أكثر نجاعة". ياسين قُطيب