ساعات من الأمطار عرت هشاشة البنية التحتية وكشفت سوء تسيير المسؤولين لقي ثلاثة أشخاص مصرعهم بالبيضاء بعد انهيار منزل جراء التساقطات المطرية التي عرفتها المدينة، كما غرقت مجموعة من الأحياء وسط مياه الأمطار التي اقتحمت بعض المحلات التجارية. وتأثرت حركة السير والجولان، التي عرفت اكتظاظا كبيرا في جل شوارع البيضاء، إذ وجد العديد من السائقين أنفسهم أسرى في شوارع المدينة، ما يكشف بنية تحتية ضعيفة، تتعرى كل سنة دون أن يتدخل المسؤولون عن المدينة، الذين فضل أغلبهم السفر إلى قطر لمتابعة مباريات المنتخب الوطني، عوض الاهتمام بحل مشاكل البيضاويين. تصوير: عبد اللطيف مفيق "شي في قطر... وشي في خطر" ناجون من الغرق في مياه الأمطار بالبيضاء يحملون المسؤولية إلى منتخبين والشركة المكلفة قضى سكان بالبيضاء، منذ زوال أول أمس (الأربعاء)، ساعات في الجحيم، بعد أن وجدوا أنفسهم وسط محيطات من مياه الأمطار عجزت البنيات التحتية لقنوات التطهير السائل عن استيعابها، وأظهرت أعطاب المخطط المديري لإنقاذ المدينة من الفيضانات. ولم تمض إلا دقائق عن التساقطات المطرية المرتقبة التي لم تتجاوز 30 ميلمترا، حتى تحولت أجزاء من المدينة إلى برك شاسعة من المياه، كما غرقت شوارع كبيرة وأزقة ودروب في الأنسجة العمرانية القديمة وسقط منزل في مرس السلطان، وغمرت المياه منازل ومحلات تجارية، وفاضت مياه الواد الحار في أحياء السكن العشوائي، أو الأحياء الناقصة التجهيز. وبدوار "كميرة" بالحي الحسني بالبيضاء، رفع المواطنون شعار "شي في قطر شي في خطر"، في إشارة إلى انتشار صورة لنبيلة ارميلي، عمدة المدينة، ونائبة لها في ملعب "البيت"، أول أمس (الأربعاء)، حيث كانت تتابع أطوار المقابلة التي جمعت المنتخب الوطني ونظيره الفرنسي وانتهت بفوز الديكة. وظهرت العمدة ترتدي قميص المنتخب الوطني وسط الجمهور رفقة مقربين منها، في الوقت نفسه الذي بدأت تنتشر فيديوهات وصور عن معاناة مواطنين من التدفقات المائية الكبيرة التي غمرت منازلهم بهذا المجمع السكني العشوائي، ما أثار موجة من السخط عليها في مواقع التواصل الاجتماعي. وبينما كان المغاربة يتابعون مباراة المغرب وفرنسا، عرى الرجال والنساء والأطفال على سواعدهم بدوار "كميرة"، لمنع أمواج المياه من الدخول إلى المنازل، في غياب الشركة المكلفة بالتطهير السائل، ومنتخبين، خصوصا الذين وزعوا وعودا في الانتخابات السابقة بإيجاد حل نهائي لسكان هذا الدوار، قبل أن تتحول الوعود إلى سراب. والتقط السكان المتضررون صورا وفيديوهات، تظهر حقيقة الوضع، والحالة المزرية التي يعيشها القاطنون وسط براريك مزدحمة بالأثاث، وأزقة ضيقة لا تسمح بمرور سيارات الإسعاف ورجال الوقاية المدنية، كما تفضح "سنطيحة" بعض المسؤولين الذين يستعملون مناطق البؤس والفقر والهشاشة خزانات من الأصوات الانتخابية يلجؤون إليها كل خمس سنوات. وشكل غرق مدار "باشكو" في الساعة الثانية زوالا، فضيحة كبرى، إذ التقط مواطنون أشرطة مصورة لقاطرة طرامواي تخترق أمواجا من المياه، بينما توقفت حركة السيارات والحافلات من مختلف الاتجاهات، خوفا من الغرق، بسبب التدفقات المائية القوية التي غطت الطرق والممرات واستقرت تحت القنطرة. وفي اتجاه شارع القدس و2 مارس بعين الشق، تحولت الأحياء إلى مسابح عائمة، إذ تسربت المياه إلى محلات تجارية، وأفسدت السيول بضائع وممتلكات خاصة، وغرقت سيارات ودراجات نارية، ووجد سائقو سيارات الأجرة وحافلات صعوبة في التحرك. وامتد طوفان المياه إلى الطريق السيار الحضري، خصوصا في المقطع الطرقي بين سيدي مومن وسيدي البرنوصي، إذ عجزت القناطر وبعض الأنفاق عن تحمل التدفقات المائية الهائلة التي زاد من حدتها، ضعف البنيات التحتية ومشاريع السدود الصغيرة التي تقوم بوظيفة تجميع المياه والتحكم فيها، قبل رميها في قنوات الواد الحار. وبرياض الألفة، نجا صاحب دراجة نارية من موت محقق، بعد أن انزلقت العجلة الأمامية في حفرة كبيرة مغمورة بالمياه وهوى النصف الأمامي للدراجة في القعر. ووجد السائق نفسه عالقا في موقف لا يحسد عليه، إذ حاول إنقاذ دراجته، دون أن ينتبه إلى ارتفاع منسوب المياه الذي قد يسحبه إلى العمق، لولا بعض المواطنين الذين قدموا له المساعدة في الوقت المناسب. يوسف الساكت برقيات إنذار تسقط رجال سلطة مصالح الداخلية تحقق في تجاهل إرساليات توصلت بها قيادات وجماعات تهددها السيول والفيضانات تجري مصالح إقليمية للإدارة الترابية تحقيقات بسبب تجاهل برقيات إنذارية توصلت بها قيادات وجماعات المناطق المهددة بالسيول والفيضانات وعدم اتخاذ التدابير اللازمة استعدادا للتدخل الفوري لرفع الضرر في قرى ومداشر ومراكز توجد على خارطة خطوط بؤر خطر الكوارث الطبيعية. وتوصل ولاة وعمال بنداءات استغاثة من جمعيات محلية تحذر من تكرار كارثة 2014، التي دفعت أعدادا من سكان المناطق المهددة بالفيضان إلى الهجرة، بعد انهيار منازلهم، مسجلة تهاون قياد القيادات ورؤساء الجماعات المعنية في التعامل مع برقية النشرة الإنذارية الموزعة منتصف الأسبوع الماضي. وتضمنت النداءات الموجهة للداخلية معلومات تكشف تأخر مجالس جماعية في إكمال أوراش إصلاح قنوات عشوائية لتصريف مياه الأمطار تسببت في سقوط ضحايا. وتواظب الداخلية على توزيع برقيات لنشرات إنذارية على مدار الساعة تشدد على ضرورة حملها على محمل الجد وعدم التعامل معها بالاستخفاف، بالنظر إلى أن المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية أصبحت مرشحة للتزايد، في إشارة إلى ما عرفه المغرب في المواسم الأخيرة من فيضانات، ما يفرض اتخاذ الاحتياطات وعدم المخاطرة بأرواح السكان. ولا تقتصر البرقيات الإنذارية على استنفار السلطات الإقليمية والجماعات الترابية، بل تتسع دائرتها لتشمل كذلك الأمن الوطني والدرك الملكي وقوات الجيش الملكي والقوات المساعدة والوقاية المدنية، إضافة إلى القطاعات الأخرى المعنية، خصوصا التجهيز والصحة، وكل قطاع حكومي معني بحسب المناطق والوقائع. وينتظر أن يرتفع مؤشر الخطورة في برقيات الداخلية لـ"القياد" بعدما ما أفادت المديرية العامة للأرصاد الجوية بأن أمطارا قوية أحيانا رعدية، من 20 ملمترا إلى 120، وتساقطات ثلجية من 20 سنتمترا إلى 40، ورياح قوية نسبيا من 50 كيلومترا في الساعة إلى 70، ستتواصل إلى غاية اليوم (الجمعة)، بعدد من المناطق. وتترقب المديرية نزول أمطار قوية أحيانا رعدية من 70 إلى 120 ميليمتر، بكل من طنجة أصيلة، والفحص أنجرة، وتطوان، والعرائش، ووزان، والمضيق الفنيدق، وشفشاون. وفي نشرة من مستوى يقظة برتقالي، أفادت المديرية العامة للأرصاد الجوية بأن تساقطات ثلجية تتراوح مقاييسها ما بين 20 ملمترا و40، مرتقبة بإفران وبولمان وبني ملال وأزيلال وميدلت، ابتداء من صباح أمس (الخميس)، إلى غاية اليوم (الجمعة). ياسين قطيب