كشفته دراسة صدرت للمعهد المغربي لتحليل السياسات وتناولت معطيات وأرقاما وجداول وأوصت بالعلاج أكد الباحث محمد بويخف، في دراسة تحت عنوان "أكبر ورش للحماية الاجتماعية تحت رحمة ضعف الاستهداف" نشرت بموقع المعهد المغربي لتحليل السياسات، أن منظومة الحماية الاجتماعية تفتقد لآلية الاستهداف الاجتماعي، كما تشكو تضخما في البرامج والمبادرات والمتدخلين، ناهيك عن ضعف الحكامة وغياب التنسيق. وتعتبر هذه الدراسة الأولى من نوعها التي رصدت بعض اختلالات الخطة الوطنية للحماية الاجتماعية، بناء على معطيات ومسارات وجداول وتحليل مبادرات، مؤكدا على سبيل المثال، أن الملك أعطى تعليمات لوضع "السجل الاجتماعي الموحد" في خطاب العرش 2018، بصفته آلية الاستهداف الاجتماعي لضمان النجاعة، "لكن لا يعرف إذا ما كانت شبكة برامج الحماية الاجتماعية، خاصة المشروع الضخم المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية المحددة تنزيلها في الفترة 2021-2025، سوف تستفيد من تلك المنظومة أم لا؟". وأوضح بويخف أن التدقيق المقارن للجدولة الزمنية لتنزيل مختلف برامج الحماية الاجتماعية والجدولة الزمنية لتنزيل منظومة الاستهداف، تكشف عن وجود عدم التناغم بين الجدولتين. "فالطبيعي أن يكون نظام الاستهداف قائما وفعالا لتأطير تنزيل برامج الحماية الاجتماعية، غير أن الذي تكشفه تلك المقارنة هو تأخر إعداد سجلات منظومة الاستهداف، مما يعني مواصلة حرمان برامج الحماية الاجتماعية من النجاعة". وقال المتحدث ذاته إن الذي يعزز هذه الشكوك هو ضعف حضور الحديث عن ورش إعداد منظومة الاستهداف في الخطاب الحكومي، مؤكدا أن البرنامج الحكومي 2021-2026 لا يتضمن أي إجراءات تهم هذه المنظومة، رغم أهميتها المحورية، كما أن أشغال اللجنة التوجيهية لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية، المنعقدة في 18 فبراير الماضي، التي ترأسها رئيس الحكومة، لم تتم الإشارة فيها إلى ورش إعدادها، كما أن العرض الذي قدمته وزيرة الاقتصاد والمالية أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بالبرلمان في 23 فبراير الماضي، لمناسبة اليوم الدراسي حول "استدامة أنظمة التقاعد في ظل تعميم الحماية الاجتماعية"، لم يتضمن أي إشارة لمنظومة الاستهداف. ويروم نظام الاستهداف، حسب الدراسة نفسها، إلى تحقيق نجاعة برامج الحماية الاجتماعية، خاصة في ما يتعلق باستفادة المستحقين من الدعم الاجتماعي، وتحقيق عنصر العدالة الترابية من حيث شموله جميع أقاليم المملكة. وكي تستفيد برامج الدعم من نظام الاستهداف ينبغي لهذا الأخير أن يكون جاهزا ومنزلا في جميع الأقاليم ليؤطر عمليات تنزيل تلك البرامج. "وهذا ما يجعل لعنصر مقارنة الجدولة الزمنية لتنزيل منظومة الاستهداف من جهة، والجدولة الزمنية لتنزيل برامج الحماية الاجتماعية، من جهة ثانية، أهمية حيوية في قياس مدى استفادة هذه الأخيرة من منظومة الاستهداف، وبالتالي تحقيق النجاعة المطلوبة ولتيسير عملية المقارنة بين الجدولة الزمنية لتنزيل نظام الاستهداف والبرمجة الزمنية لتنزيل أهم برامج الحماية الاجتماعية المشار إليها سابقا، يقدم الجدول التحليلي التالي، المعد بناء على المعطيات السابقة، مقارنة عملية بينهما". يوسف الساكت ثلاثة مستويات أوصى الباحث، في تقديم عدد من المعطيات وجداول مقارنة، إلى العمل على ثلاثة مستويات، يتعلق الأول بتسريع عمليات تعميم اعتماد منظومة الاستهداف "السجل الاجتماعي الموحد والسجل الوطني للسكان". كما ينبغي في هذا المستوى الإسراع بإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، بدل إسناد القيام ببعض مهامها إلى السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية في مرحلة انتقالية، مع تحديد هذه المرحلة الانتقالية وتقليصها ما أمكن. ذلك أن القيام ببعض مهام الوكالة دون باقي المهام، وخلال مرحلة انتقالية قد تطول، من شأنه إفراغ المنظومة من معناها على اعتبار أنها تمثل الإطار المؤسساتي الطبيعي للوكالة. ويتعلق المستوى الثاني "بتأجيل تنزيل مختلف البرامج الكبرى إلى حين تعميم اعتماد منظومة الاستهداف. وهذا يتطلب من جهة، رفع ملتمس بذلك إلى الملك، ومن جهة ثانية، إدخال تعديلات استدراكية تهم الجدولة الزمنية بالنسبة إلى البرامج التي تضمنها البرنامج الحكومي. وهذا الشطر الأخير يتطلب جهدا تواصليا بالأساس حول جدوى التأجيل ومزياه وأهميته". أما المستوى الثالث، فيتعلق بمراجعة شبكة البرامج الاجتماعية وشبكة المتدخلين في تنزيلها، وهي منظومة تعاني ضعف الحكامة والالتقائية، ما يعني هدر الجهود وضعف ترشيدها، ما يفرض عقلنتها وترشيد تدبيرها.