ضعف التواصل والأعطاب التقنية أخرت عملية التنزيل وحرمت فئات عريضة من الاستفادة إذا كان مشروع الحماية الاجتماعية ورشا وطنيا غير مسبوق من شنه أن يشكل ثورة اجتماعية لفائدة المواطنين لتأمين مستقبلهم الصحي والاجتماعي، نظرا لما يحمله من مزايا لفائدة الفئات المستهدفة، فإن الارتباك كان أهم عائق لتعميم الاستفادة وفق الخطة المرسومة. ومن بين أوجه الارتباك التي شهدتها أوراش الحماية الاجتماعية، قضية عملية التسجيل في السجل الوطني للسكان، الذي أصبح في نظر شريحة واسعة من المواطنين فرصة للحصول على الدعم المباشر، بعدما أدى ضعف التواصل من قبل الجهات المكلفة وعدم شرح أعوان السلطة للأسر أن الأمر لا يتعلق ب"دعم مادي" أو ما يطلق عليه بالدارجة "معاونة" وإنما هو للحصول على رقم تعريفي مدني واجتماعي لا يستهدف الفئات الفقيرة والمعوزة، فحسب بل شمل جميع شرائح المجتمع وكذا المواطنين الأجانب القاطنين بالمغرب، وهو رقم يعتبر من الشروط الأساسية للتسجيل بالسجل الاجتماعي الموحد الذي عن طريقه سيحدد الأشخاص الذين يستحقون الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، (أدى) إلى "الفوضى" والارتباك. وظهرت تداعيات ضعف التواصل وانتشار الإشاعة وسط الناس، في إثارة الازدحام بالإدارات المعنية بالتسجيل، فأمام طمع عدد مهم من الأسر في الحصول على الدعم، تسببت مرابطة أفرادها وازدحامهم في حرمان عدد مهم من الفئات الأخرى الراغبة في التسجيل والمستوعبة لماهية الورش، وهو ما أدى إلى ارتباك في عملية التسجيل بالسجل الوطني للسكان، الأمر الذي سيؤخر الهدف المتوخى منه. وإذا كان السجل الوطني للسكان شهد ارتباكا واضحا بسبب ضعف التواصل، فإن المشكل كان أعمق بالنسبة لمشروع تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، بعدما صار المواطنون يعيشون قلقا كبيرا مخافة ضياع حقهم في الاستفادة. وفي الوقت الذي تم فيه الإعلان عن أن المشروع سيشمل الفئات المعوزة المستفيدة من نظام المساعدة الطبية "راميد"، عن طريق الاستفادة بكيفية تلقائية من نظام التأمين الإجباري عن المرض الخاص بالأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك، مع احتفاظهم بجميع المكتسبات الممنوحة لهم في إطار نظام المساعدة الطبية، ظهر ارتباك كبير في تنزيل الخطوة، بعد أن وجد عدد من المواطنين أنفسهم محرومين من حق العلاج خلال هذه الأيام التي تشهد توقيف العمل ببطاقة "راميد" ومن الأسباب التي أدت إلى بث الخوف في نفوس حاملي بطاقة "راميد" من ضياع حقهم في الاستفادة من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، ضعف التواصل، وعدم توصل أصحاب بطاقة "راميد" برقم التسجيل عبر رسالة نصية مقابل توصل البعض بها، وهو ما نشر الإشاعات وسط الجيران وأبناء الحي الواحد الذين يتمتعون بالوضعية نفسها. وفي ما يخص الأرقام التي تم وضعها رهن إشارة الراغبين في معرفة تفاصيل المشروع وهوية الأشخاص المستفيدين الذين تم تسجيلهم تلقائيا وكذا كيفية التسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فإنها تظل في وضعية "خارج التغطية" أو "مشغول". أما الأشخاص الذين قرروا التسجيل عبر الموقع الرسمي المخصص لهذا الغرض، فقد صدموا بالعطب التقني الذي جعل عملية التسجيل معقدة، إذ بعد تدوين جميع المعطيات الخاصة بالشخص الراغب في الاستفادة وسلوك مراحل العملية، سرعان ما يتم إجابته بأن الرسالة التي بعثها خاطئة أو عليه إعادة الكرة مرة أخرى لوجود مشكل تقني، وهي العوائق التي تجعل الفئات غير القادرة على التنقل إلى مكاتب القرب المعتمدة أو وكالات الضمان الاجتماعي تعيش تخبطا كبيرا، خوفا من أن تصبح خارج نادي المستفيدين، خاصة أن هناك مرضى يعانون أمراضا مزمنة وجدوا أنفسهم "لاديدي لا حب الملوك" بعدما حرموا من مواصلة العلاج الطبي الذي كانوا يستفيدون منه ببطاقة "راميد"، في الوقت الذي استبشروا فيه خيرا بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض لولوج أحسن المراكز الصحية والحصول على تعويض مصاريف الأدوية المكلفة. محمد بها