مؤتمر “بوليساريو” مات قبل الولادة

المقاطعة الشعبية الواسعة للندوات التحضيرية أغضبت المخابرات الجزائرية وأذنابها بقلم: الفاضل الرقيبي منذ تأسيسها في 1973، و"بوليساريو" تراهن على قيمة قانونية مغلوطة، مفادها أنها الممثل الشرعي والوحيد للصحراويين. ورغم أنها هي التي ابتدعت هذه الكذبة، فقد عملت، وبدعم من عرابيها بشتى الطرق، لترسيخها مسلمة في النزاع، كما تقوم بالعديد من الشطحات الاستعراضية لمحاولة تثبيت هذه المغالطة. وعلى رأس هذه المسرحيات ما يسمى المؤتمرات الشعبية، التي تعتبر كرنفالات من الحقبة السوفياتية البائدة، التي نجحت، في البداية، في خداع بعض شرائح سكان المخيمات، لكن مع مرور الوقت واتساع رقعة الوعي، تهاوت العديد من أشرعة دعايتها، التي خدرت بها أذهان الصحراويين سنوات طويلة، فلم تعد المؤتمرات تحقق لقيادة "بوليساريو" أي تماسك داخلي، بل تحولت إلى حلبات لصراعات قبلية، وتزاحم على كسب ود الأجهزة الأمنية الجزائرية. وبدل أن تكون محطة للتقييم والمراجعة الداخلية، أصبحت عبارة عن سوق نخاسة تباع فيها الذمم وتصرف فيها مبالغ طائلة محصلة من تبرعات المنظمات المانحة لفائدة السكان، لكنها تنتهي في جيوب الممونين الجزائريين، كما حصل في المؤتمر السابق في 2019، حيث استولت شركة يديرها مقرب من أحد الجنرالات على مليوني أورو. لكن هذه النسخة من المؤتمر ستكون مختلفة تماما عن خارطة الفشل السابقة، لأنها تعقد في ظروف داخلية مرعبة تعيشها الجزائر و"بوليساريو"، على حد سواء. فالهزات التي شهدتها المؤسسة العسكرية الجزائرية، وموجة الاعتقالات التي طالت مجموعة واسعة من أصدقاء قادة "بوليساريو" داخل الجيش الجزائري، أثرت بشكل مباشر على الخارطة السياسية للرابوني، وهو ما ظهر واضحا، في الآونة الأخيرة، في كل تحركات الجبهة، إذ تكاد تكون قد اختفت من الساحة، إذا ما استثنينا بعض عروض الأزياء التي يقوم بها المجرم إبراهيم غالي، في بعض دول الحظيرة الجنوب إفريقية، وليس بسبب التحضيرات للمؤتمر ولا حتى صراعاته الجانبية، بل لأن الأجهزة الجزائرية التي كانت تشرف على رسم عمل لصوص "بوليساريو" منشغلة بأزمتها الداخلية، التي تارة تحاول التغطية عليها بالقمة العربية، وتارة بالتهجم على المغرب وتحركاته في إفريقيا، التي إن لم تنح "بوليساريو"، فإنها عزلتها تماما، وباتت أقصى طموحاتها المشاركة لا غير!! وبالعودة إلى موت المؤتمر قبل ولادته، فإن تجاوب سكان المخيم مع فعاليات وندوات المؤتمر الفرعية كانت صادمة للجميع، وعلى رأسهم غويلي وزبانيته، فحتى ندوات ما يسمى "الخلف العسكري" لم يتعد حضورها عشرين شخصا، بينما قاطع أغلب سكان المخيمات جل الندوات التحضيرية، في ظل اشتداد الخناق عليهم من قبل الجيش الجزائري، الذي يحاول عبر جملة من الإجراءات التعسفية العودة بهم إلى سنوات الظلام، حيث لا صوت يعلو فوق صوت دعاية الجبهة. وقد حاولت الآلة الإعلامية لـ "بوليساريو"، رغم سذاجتها، التخفيف من حدة المقاطعة الشعبية دون جدوى، وهو ما عجل بتدخل عسكر الجزائر لتوبيخ قيادة الرابوني، التي سارعت إلى عقد اجتماع، الخميس الماضي، إذ نقل ما يسمى الأمين العام للرئاسة إبراهيم أحمد محمود بيد الله، المعروف بـ "كريكاو"، إلى زعماء العصابة، على رأسهم سالم لبصير والنعم الجماني، وأده احميم، والطالب عمي ديه، غضب المخابرات الجزائرية من الطريقة التي يتم بها التحضير للمؤتمر، كما أخبرهم أنه، في اجتماع موسع مع مسؤولين في جهاز الاستعلام الجزائري، عبروا له عن رفضهم إيفاد أي وسيلة إعلام جزائرية إلى المخيمات لتغطية الندوات السياسية التحضيرية للمؤتمر، بسبب قلة الحضور، كما نبهوه إلى عدم بث صور ومقاطع للقاعات الفارغة، لأن ذلك سيضرب في العمق دعاية شرعية تمثيل "بوليساريو" للصحراويين. ولهذا نجد أن ما بثه تلفزيون "بوليساريو"، الأسبوع الماضي، على أنه ندوات سياسية تم التلاعب به، وبث بعض المقاطع القديمة للحضور في الاحتفالات والندوات قبيل 13 نونبر 2020، هذا التاريخ الذي حطم صورة "بوليساريو" الداخلية، وأظهر للصحراويين حقيقة وحجم هذه الحركة المخادعة. سينعقد مؤتمر "بوليساريو" في مخيم الداخلة، هذه المرة، بين أكبر قواعد حرس الحدود الجزائري بمنطقة غار اجبيلات، برعاية إعلامية وأموال جزائرية وجنوب إفريقية، وسيعود قادة الخراب إلى مضاجعهم بأوربا وأمريكا اللاتينية، ولكن الصحراويين في المخيم قد عرفوا فعلا من هو عدوهم، ومن يتلاعب بهم، ومن يضعهم على طاولة النخاسة والمساومات. لقد عرف الصحراويون، من خلال ردة فعلهم على هذا المؤتمر، أن أكبر جريمة ارتكبوها في حق أنفسهم تصديقهم لمجموعة من المرتزقة والمارقين، الذين لا هم لهم سوى جني الأموال، وكسب ود الجنرالات لأجل ذلك. فأيهم قد مات ابنه وهو يقترب من الحزام الأمني المغربي؟ وأيهم خرج من دائرة راحته وقاسم اللاجئين نصف ما يعانونه في ظل الحصار الجزائري القاسي والقاتل لأحلام الشباب، الذي انقسم بين قتيل ومشرد وتائه في فيافي منطقة الساحل، وفي حمادة تندوف، يقتنصه الجنود الجزائريون كالجرذان؟؟

مؤتمر “بوليساريو” مات قبل الولادة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ماذا يراد بمهنة المحاماة؟

في حال تأهل المغرب "لن يعتقلوه"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات