أو مجانا بعد

رفع سعر الفائدة الرئيسي لا يكفي الأزرق الباحث في قانون الأعمال والاقتصاد قال إن غياب المراقبة يمس استقرار الأسعار قال الدكتور بدر الزاهر الأزرق، الباحث في قانون الأعمال والاقتصاد، إن التضخم بالمغرب مستورد بفعل عوامل خارجية، وأصبح داخليا بسبب ارتفاع الأسعار وضعف المراقبة وكثرة المضاربين وتعدد الوسطاء وعدم لعب مؤسسة المنافسة والحكومة، أدوارهما في كبح عملية الارتفاع القائمة. وأكد الخبير الاقتصادي في حوار مع « الصباح» أن رفع سعر الفائدة الرئيسي من قبل بنك المغرب، أو رفع الأجور لن يحل الإشكال القائم بالنسبة إلى ارتفاع مستوى التضخم وأن الإجراءات الحكومية ما زالت محتشمة. في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار: أحمد الأرقام < يمكن التعرض لموضوع التضخم عبر مدخلين، أحدهما داخلي والآخر خارجي مستورد، جراء الاضطرابات التي عرفتها سلاسل التوريد الناجمة عن الحرب الروسية - الأوكرانية، وتداعيات الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا التي كانت سبباً في ارتفاع الطلب بشكل حاد على عدد من المواد الأولية والسلع والخدمات بعد فترة من الركود، الأمر الذي أدى الى اختلال قاعدة العرض والطلب والإسهام بشكل مباشر في ارتفاع نسب التضخم. إلى جانب ذلك، تجدر الإشارة، أيضا، إلى أن المغرب تأثر بوضعية شركائه الاقتصاديين الرئيسين، سواء الموردين أو المستوردين، وهو ما فاقم نسب التضخم لتصل إلى مستويات غير مسبوقة. < طبعا لعبت محددات أخرى ذات طابع محلي دوراً في هذا الارتفاع، أبرزها تعدد المضاربين وضعف المراقبة وبذلك أخذ التضخم صبغة محلية إلى جانب البعد الخارجي. < أثر تعدد المضاربين والوسطاء واستشراء بعض الممارسات المنافية لقواعد المنافسة الشريفة في ارتفاع أسعار بعض المواد الاستهلاكية الأساسية، وهو الأمر الذي يجعلنا نتساءل حول دور عدد من المؤسسات الدستورية والحكومية في مراقبة هذا الوضع والعمل على الحد من آثاره السلبية وزجر المتلاعبين بالأسعار، إذ كيف نفسر بيع الفلاح الطماطم بدرهمين للكيلوغرام الواحد في منطقة سوس آكادير لتاجر، لترتفع في اليوم نفسه، إلى 9 دراهم في أسواق البيضاء والرباط مثلا، هل بسبب ارتفاع سعر المحروقات والنقل، أم بسبب تلاعب الوسطاء بالسعر في غياب المراقبة ؟ الجواب واضح ويردده الجميع، منتجين وتجار ومنتخبين محليين وبرلمانيين، وكذلك بعض التقارير الصادرة عن مؤسسات دستورية أقرت بوجود تلاعبات من قبل المضاربين، لذلك وجب مراجعة سلسلة التوزيع وضبطها حفاظا على استقرار الأسعار. كما يفترض في مثل هذه الوقائع،تدخل الحكومة أو مجلس المنافسة لإيقاف هذا النوع من الممارسات المنافية لقواعد التنافس الشريف وزجر المضاربين، فمتى سيتم التدخل لضبط الأسعار وضمان استقرارها في حدود مقبولة؟ < المضاربون ليسوا أكبر من الدولة، لكن الإشكال يكمن في قلة عدد المراقبين والمفتشين فعلى سبيل المثال، تم القيام بـ 6 آلاف عملية مراقبة خلال السنة الجارية وهو في نظري عدد غير كاف لتوفر المغرب على مئات الآلاف من الشركات والتجار والموزعين والباعة.كما أن ضبط المضاربين لا تليه في الغالب قرارات زجرية رادعة، وهو ما يشجع بعض التجار على التلاعب بالأسعار. من جهة أخرى، على مستوى المقاولات يظل تدخل مجلس المنافسة محدودا ومحتشما ودون أثر ملموس على مستوى ضبط الأسعار ومراقبة المنافسة ومحاربة الممارسات الماسة، بها، خاصة التواطؤ والاحتكار. < لقد تم رفع سعر الفائدة الرئيسي، بنصف نقطة مائوية، أسوة بباقي البنوك المركزية في العالم، بغية تقليص الطلب عبر جعل قروض الاستهلاك والاستثمار صعبة الولوج مقابل تيسير الادخار، وهو ما سيحد من الطلب على المنتجات والخدمات ويسهم في استقرار نسب التضخم حسب رؤية البنك، وهي آلية توظف عادة في مثل هذه الأزمات، غير أنه قد يكون لها أثر عكسي على الدورة الاقتصادية عبر تقليص الطلب الداخلي والخارجي أيضا وهو ما يعني الدخول في سيناريو ركود يصفه بعض المحللين الاقتصاديين بأنه ركود تضخمي وهو ما قد يفقد هذه الخطوة جدواها. < إن توقع استقرار نسبة التضخم في 2 في المائة، يعني أن ارتفاع التضخم سيكون بمعدل 2 في المائة وهي نسبة قريبة من النسب التي اعتاد المغرب تحقيقها قبل 2022، وهو توقع يأتي عقب تسجيل المغرب مستويات تضخم غير مسبوقة جعلت البعض يشككون في صواب هذه الفرضية التي تم الاستناد في صياغتها إلى مجموعة من المعطيات والمؤشرات التي قدمتها بعض المؤسسات المالية الدولية، وهي تتسق عموما مع سيناريو الركود الذي يتوقع أن يدخل فيه الاقتصاد العالمي ابتداء من السنة المقبلة. غير أن توجه منظمة «أوبك» إلى التخفيض من إنتاج النفط واستمرار النزاع الروسي الأوكراني يلقيان بظلال من الشك حول هذه الفرضية، بل هناك من يرى أن التضخم سوف يستمر على هذه المستويات المرتفعة الى حين تغير السياق الذي أفرزها. < رفع الأجور سلاح ذو حدين، ففي الوقت الذي سيساهم فيه في تحسين القدرة الشرائية لعموم المواطنين، فإنه قد يبقى الطلب مرتفعا وبالتالي إفشال توجهات بنك المغرب الرامية إلى تقليص الطلب بغية التحكم في استقرار الأسعار، وهو ما يعني استمرار ارتفاع الأسعار والتحول الى تضخم مزمن قد يفاقم من الأزمة الاقتصادية الراهنة. العقار أكثر تضررا < معظم القطاعات هي معنية بهذا القرار، غير أن قطاع العقار يظل الأكثر تضررا بالنظر الى ارتباطه الوثيق بالقروض البنكية، حيث سيؤدي ارتفاع نسبة الفائدة إلى تباطؤ الطلب عليه، وهو الأمر الذي سيفاقم الأزمة التي يتخبط فيها هذا القطاع منذ أشهر جراء ارتفاع أسعار المواد الأساسية، مثل الإسمنت والحديد والزجاج إلى جانب ارتفاع أسعار نقل البضائع، والتي بدأت تظهر أولى بوادرها من خلال تراجع كمية الإسمنت المسوقة على المستوى الوطني بنسبة 9 في المائة. في سطور - باحث في قانون الأعمال والاقتصاد - دكتوراه في قانون الأعمال في 2019 - دكتوراه في التاريخ الدبلوماسي في 2020 - من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس - خبير اقتصادي: خريج المدرسة الوطنية العليا للإدارة بالرباط في 2020

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اللحوم والأسماك والقطاني..."العافية شاعلة"

المحروقات... ملهبة الأسعار

مقالات ذات صلة