تعذيب الأزواج … انتقام من نوع خاص

أعادت واقعة إضرام النار في قاصر باستعمال مادة حارقة من قبل خليلها، الذي كان يقدمها للناس على أنها زوجته، بحكم أنها حامل منه وتقاسمه رفقة والدتها، العيش في منزل متواضع بمنطقة الهراويين بالبيضاء، (أعادت) النقاش حول تورط الأزواج في تعذيب بعضهم البعض، بطرق بشعة، كلفت بعضهم حياته. تتباين الأسباب والدوافع وراء ظاهرة "تعذيب الأزواج"، وتكشف طريقته عن حقد دفين، كان يتراكم مع سنين "العشرة" قبل أن يتحول إلى كرة ثلج كلفت أحدهما الموت أو عاهة دائمة وعقوبة مشددة للثاني. إنجاز: مصطفى لطفي يحظى الرجال بحصة الأسد في قضايا تعذيب الأزواج، لدرجة أن المشرع أحدث خلية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، بحكم أن الزوج رمز للرجولة والقوة وصاحب السلطة المطلقة على أسرته، مادام هو معيلها الرئيسي، إلا أن هناك حالات تحولت فيها نساء إلى "جلادات" تفنن فيها في تعذيب أزواجهن، إما انتقاما من تجبرهم أو نتيجة طمع في أملاك أو نزوة ورطتهن في علاقة جنسية مشبوهة. تعذيب بحلق الشعر بالبيضاء، كان رجال الدرك الملكي أمام صدمة كبيرة، لما تقدمت أمامهم امرأة حلق شعرها بالكامل، وعلى وجهها وجسدها آثار عنف، تؤكد أنها ضحية تعذيب وحشي من قبل زوجها. تعاطف الدركيون معها، سيما عندما عجزت عن تمالك نفسها، وظلت تذرف الدموع، وهي تروي بالتفصيل الممل أنواع التعذيب الوحشي الذي تتعرض له من قبل زوجها، وكيف أفقدها كبرياءها أمام الجيران وعائلتها. تفاعل الدرك مع شكاية الضحية في الحال، وتم إيقاف الزوج في ظرف وجيز، وبعد مواجهته بالمنسوب إليه، فضح المستور، إذ برر جريمته بتورطها في خيانة زوجية مع شاب، ولتأكيد صحة ادعاءاته، مد المحققين بتسجيلات فيديو تظهر فيها الزوجة مع شاب يمارسان الجنس، قبل أن يعقب مستدركا، أنه فضل تعذيبها وإهانتها، على جرها للقضاء وإدانتها بعقوبة حبسية. ربط الدركيون الاتصال بالنيابة العامة يستفتون قانونيا في الأمر، فصدرت تعليمات بمتابعة الزوجين معا في حالة اعتقال، إذ وجهت للزوج تهم الضرب والجرح والتعذيب والزوجة تهمة الخيانة الزوجية. الطلاق أو الموت على نقيض الضحية الأولى، كان السبب وراء تعريض زوجة بالبيضاء، لحصص يومية من التعذيب الجسدي والنفسي، هو إجبارها على طلب الطلاق والتنازل عن كل حقوقها، رغم منحه الموافقة للزواج من شابة ودون مراعاة 40 سنة من العشرة الزوجية. أثيرت القضية، التي أحيل فيها الزوج البالغ من العمر 70 سنة، على النيابة العامة في حالة اعتقال، بناء على شكاية بناته بعد وقوفهن على محنة أمهن. وتعود تفاصيلها لما تعرف الزوج السبعيني على امرأة تصغره بسنوات عديدة، فقرر الزواج بها، ودون تردد أجبر زوجته على منحه الموافقة، فاستجابت إرضاء له. بعد الزواج، قرر الزوج التخلص من زوجته الأولى ودون تعويض، فقرر تعريضها لحصص من التعذيب النفسي، بداية بتعمده سبها وشتمها واحتقارها أمام الزوجة الثانية. وبعد أن فشلت الخطة، قرر التصعيد، وهذه المرة بتعريضها للضرب المبرح ودون سبب مقنع. وبحكم تربيتها التقليدية، كانت الزوجة تتمسك برفض الطلاق، لهذا كانت تتحمل التعذيب بكل أصنافه ومع كل مقاومة وتحمل، يضاعف ويزداد شراسة، إلى أن اكتشفت بناتها الأمر، فسارعن إلى تقديم شكاية باسم والدتهن فتوبع الأب في حالة اعتقال. سنوات الرصاص منذ سنوات بالحسيمة، قرر زوج معاقبة زوجته لشكوكه في خيانتها له، على شاكلة ما كان يقع بالمخافر السرية خلال سنوات الرصاص، إذ عمد إلى شل حركتها، وتعذيبها بصعقات كهربائية، وفي النهاية، عرضها لضرب مبرح بخيط كهربائي في كل أنحاء جسدها بطريقة هستيرية، لتفارق الحياة بسبب عدم تحمل جسدها حدة التعذيب. وبعد أن أدرك خطورة ما قام به، تخلص من جثتها بخلاء، قبل العثور عليها من قبل مواطنين، أشعروا الدرك الملكي بالأمر، وخلال البحث والتحقيق، وجهت أصابع الاتهام للزوج، رغم محاولة نفي الجريمة بالادعاء أنها قتلت على يد خليلها. "إبداع" زوجة خرقت زوجة بسيدي قاسم قاعدة أن النساء والزوجات بصفة عامة، هن ضحايا التعذيب من قبل الرجال، إذ لم تتقبل رفض زوجها المهاجر، الذي حصل على تقاعد دسم، منحها جزءا من المال لاستثماره في مشروع لبيع مواد التجميل، فحولت ما تبقى من عمره إلى جحيم لا يطاق. بدأ فصل التعذيب الوحشي بوضع المتهمة الفلفل الأسود على عيني زوجها، ما تسبب له في ألم حاد وفقدان مؤقت للبصر، لتنتقل إلى مرحلة أكثر بشاعة، بمساعدة شقيقتها، من خلال تكبيله وتجريده من وثائقه الرسمية، وإخضاعه لحصص الكي بالنار في كافة أنحاء جسده، مصحوبة بضرب عنيف. وحتى لا يفتضح أمرها لدى الجيران قامت بوضع شريط لاصق على فم زوجها لمنعه من الصراخ. تواصل تعذيب الزوج لأيام، قبل أن يفتضح الأمر من قبل مخبر، كان مارا صدفة من قرب المنزل وتنبه لأنين غير عاد، فسارع إلى إخبار الشرطة التي داهمت المنزل، فأنقذت الزوج من موت محقق، بعد نقله في حالة حرجة إلى المستعجلات، في حين توبعت الزوجة وشقيقتها بتهم ثقيلة من قبل النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة. ورطة الأبناء الواقعة هذه المرة تورط فيها أبناء بطنجة، قرروا مشاركة والدتهم تعذيب والدهم ما كلفه حياته، قبل أن يعمدوا إلى دفنه في جدار إسمنتي. افتضح أمر الزوجة وأبنائها صدفة، إذ كشف تحقيق مع مروج مخدرات أوقف في عملية أمنية، أنهم مزودوه الرئيسيون بالأقراص المهلوسة. وخلال مداهمة المنزل وإخضاعه للتفتيش، أثارت انتباه رجال الشرطة عيوب غير عادية على أحد الجدران، وبعد هدمه اعتقادا منهم أنه مخزن للمخدرات، عثروا بالمقابل على جثة الضحية. أخضعت الأم والأبناء لتحقيق، فأقروا جميعهم بالمشاركة في قتل الأب، وكشفوا كافة تفاصيل جريمتهم البشعة، متحفظين على أسبابها. ظاهرة معقدة يعترف مراد العبودي، محام بهيأة الرباط، أن العنف بين الأزواج يعد ظاهرة مركبة ومعقدة، تتداخل فيها عدة أسباب، منها عوامل ذاتية، خصوصا النفسية منها وعوامل اجتماعية، وأن العنف يتخذ مجموعة من الأشكال، تتباين بين العنف المعنوي المتكون من السب والشتم والقذف والتنقيص من الآخر، والعنف المادي الذي يتخذ شكل الضرب والجرح والتعنيف والتعذيب، وقد يصل إلى حد القتل بطريقة بشعة. وشدد العبودي على أن الزوج والزوجة بعد حدوث التراضي بينهما والاتفاق على إنشاء أسرة، تكون في البداية علاقتهما على ما يرام، قبل أن تحدث طوارئ، يكتشف خلالها كل طرف نواقص في شريكه الآخر، وتكون الشرارة التي تؤدي إلى حدوث العنف مستقبلا، مضيفا أنه بفعل العلاقة اليومية بين الزوجين، قد تحدث سلوكات ومواقف من أحد الزوجين لا يتقبلها الطرف الثاني، وهنا نكون أمام نقطة البداية نحو توتر العلاقة وتحولها بشكل جذري، بحكم أن أحد الأزواج يبدي امتعاضا كبيرا من أفعال شريكه، فيتكون في داخله حقد غير عاد يحرضه على تبني العنف، من قبيل الغيرة المفرطة أو عدم تلبية حاجيات أحد الزوجين العاطفية والمادية وبعض رغباته. ونبه المحامي العبودي إلى أن العنف لا تكون ضحاياه النساء فقط، بل هناك أيضا رجال، يتعرضون بشكل يومي لاحتقار وتعنيف من قبل زوجاتهم، بل يصل الأمر إلى حد رفض معاشرتهم جنسيا أو تعمد تفضيل أشخاص آخرين عليهم بشكل صريح نوعا من التنقيص والتجريح. وبخصوص معالجة القانون الجنائي للعنف بين الأزواج، أكد المحامي أن القانون لم ينص بشكل خاص على العنف بين الأزواج، بل عالج العنف بشكل عام في الفصل 404، الذي تحيلنا على الفصلين 400 و401، حسب خطورة فعل التعنيف، الذي يتدرج بين الضرب أو الجرح باستعمال السلاح، وقد يصل إلى التعذيب، مبرزا أن العقوبة المنصوص عليها في هذه الحالة، تختلف حسب شدة الفعل الجرمي، قبل أن يستدرك بالقول إن أبرز الإشكالات المطروحة في هذا النوع من القضايا، تتعلق بإثبات العنف، بحكم أن للبيوت أسرارا وأن العنف غالبا ما يكون داخل بيت الزوجية، ما يجعل هذه المهمة صعبة، لغياب أي عنصر أجنبي لاعتباره شاهد إثبات لما يتعرض له أحد الزوجين. كما شدد العبودي على أن القضاء يتعامل مع هذه الظاهرة بشكل لين، لأن الأمر يتعلق بمؤسسة الأسرة، إذ يميل دائما نحو الصلح، ولا يكون صارما، إلا إذا كانت آثار العنف وخيمة، إما بناء على شهادة طبية يقدمها ضحية العنف، أو من خلال معاينة آثاره الواضحة على جسد الضحايا. وأوضح المحامي أنه لمعالجة هذه الظاهرة، لا يجب الاكتفاء بما هو قانوني وقضائي، بل على المجتمع تكوين مؤسسات موازية، منها مؤسسة للوساطة بين الأزواج لتقريب وجهات نظرهم ووضع حد لسوء الفهم، حتى لا يتطور الأمر إلى عنف معنوي ومادي، لأن الأسرة تعد لبنة أساسية في في أي مجتمع سليم. مسؤولية مشتركة رغم عبارات الرفض والتنديد التي عبر عنها مواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص قضايا العنف بين الأزواج، فإن الملاحظ في تعليقاتهم، وجود نوع من التحيز، إذ تتمسك النساء أنهن ضحايا العنف ويعتبرن الأمر طعنة في الظهر، في حين يرفض الرجال هذا الطرح على أساس أنهم بدورهم ضحايا عنف، يعد أشد قسوة، خصوصا من الناحية النفسية، إذ يعتبر إهانة وسبة في حقهم من قبل المجتمع الذكوري. وفي هذا الإطار، يحمل مراد في تعليقه الزوج والزوجة معا، مسؤولية تعرضهما للعنف، إذ بعبارة مختصرة تختزل كل شيء قال "لا يمكن لأحد أن يقفز فوق ظهرك، إلا إن قمت بالانحناء ومساعدته على ذلك"، وعلى المنوال نفسه علقت مريم" إذا تعرض الرجل أو المرأة للعنف أو سوء المعاملة، فالسبب أن الضحية سمح للآخر بذلك، وأعطاه فرصة التجرؤ عليه وتجاوز عن تصرفاته بشكل متكرر". من جهته، ربط معاذ العنف الزوجي بالانتماء الطبقي للمتورطين فيه وضحاياه، إذ شدد قائلا "أنا متيقن ومتأكد أن العنف الزوجي والعائلي يسود في الطبقة المتوسطة والفقيرة ويكاد ينعدم وسط الطبقة الراقية، والسبب معروف لا يحتاج إلى تفكير عميق". وعلى طريقة الواعظين، كشفت خديجة في تعليقها أسباب تفشي العنف الزوجي بالقول "كل هاته المشاكل ومشاكل أخرى مرتبطة بالزواج أو الخلافات الأسرية، نتاج لأناس لم يفهموا أبدا مقاصد ديننا الحنيف والهدف من العلاقات الاجتماعية، مع القيام بما هو واجب لكي يعيش الجميع في سلم وسلام واحترام متبادل". والأمر نفسه يؤكده رشيد في تدوينة له "عندما تسود أزمة القيم في المجتمع، ولا تقوم الأسرة بدورها في التربية الحسنة، ويعجز المجتمع عن نشر الوعي اللازم من أجل التعايش السلمي الإيجابي بين جميع مكونات المجتمع، فلا نستغرب انتشار مثل آفة العنف، التي بالإمكان تجنبها إن كان مستوى الوعي وتحمل المسؤولية في أعلى درجاته"، قبل أن يختم متحسرا "الجهل يقتل ويخرب المجتمعات". أما مروان فعلق بشكل ساخر على العنف بين الأزواج، إذ كتب مستهزئا " النساء يعانين تعنيفا، والرجال أيضا يعانون تعنيفا، ما لهم مصنوعين من ميكة"، في حين انحاز شكيب في مناقشة الملف للرجال بتأكيده "هناك من الرجال من يتعرضون ليس فقط للعنف من قبل النساء، بل لمحاولة القتل عن طريق السحر والشعوذة وتناول مواد سامة مجهولة المصدر".

تعذيب الأزواج … انتقام من نوع خاص

من أسبابه تورط في الخيانة وتراكم حقد دفين وطمع في الأملاك

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أمن أكادير يوقف شابا هدد أخنوش

الداخلية تلاحق لصوص المال العام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات