“كوب 27″… تمويل كلفة الاحتباس

مؤتمر شرم الشيخ يبحث سبل تعبئة الموارد المالية لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية انطلقت أول أمس (الاثنين) بشرم الشيخ بمصر أشغال الدورة 27 في الشق الرئاسي لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة حول تغير المناخ "كوب 27"، بمشاركة نحو 110 من قادة الدول والحكومات، في قمة ستناقش سبل تعبئة الموارد المالية والاستثمارات لمواجهة التغيرات المناخية، من أجل مواجهة الانبعاثات، وتعزيز التكيف مع الآثار التي تحدثها، وبناء القدرة على التحمل. إعداد : برحو بوزياني يمثل الأمير مولاي رشيد، جلالة الملك محمد السادس في أعمال الدورة، التي يحضرها مسؤولون حكوميون وخبراء سيقدمون تجربة المغرب في مجال محاربة انبعاث الكاربون والطاقات المتجددة. وقد حظي الأمير لدى وصوله إلى المركز الدولي للمؤتمرات، باستقبال من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس. وتشكل القمة فرصة لبحث سبل تعبئة الموارد المالية والاستثمارات لمواجهة التغيرات المناخية، وذلك لتقليل الانبعاثات، وتعزيز التكيف مع الآثار التي تحدث بالفعل، وبناء القدرة على التحمل. ويتصدر دفع الدول الغنية للوفاء بالتزاماتها في تمويل العمل المناخي أجندة المؤتمر، سيما مع تراخي الاهتمام الدولي بقضية التغيرات المناخية، حيث ما يزال هدف حشد 100 مليار دولار سنويا لتمويل مشاريع الحد من الانبعاثات والتكيف مع المناخ في البلدان النامية بعيد المنال. كما ستتم مناقشة قضايا تعبئة العمل، وإتاحة الفرصة للنظر في آثار تغير المناخ بإفريقيا، ووضع التصورات لكيفية مواجهة تلك التحديات بالعلم والحلول والتمويل، ومن خلال النظر إلى الفئات المستفيدة والمتأثرة من تسريع وتيرة العمل المناخي. وتنعقد "كوب 27" في ظرفية تتسم بالأزمات المتعددة التي تهز العالم، وهي الغزو الروسي لأوكرانيا، والتضخم الجامح، وخطر وقوع ركود وأزمة الطاقة، مع تجدد الدعم لمصادر الطاقة الأحفورية، وأزمة الغذاء. وتدفع هذه الأزمة المتعددة الجوانب بأزمة التغير المناخي إلى الرتبة الثانية في سلم الأولويات، رغم أن تداعياتها المدمرة تجلت كثيرا خلال السنة الجارية، مع فيضانات قاتلة وموجات حر وجفاف ألحقت أضرارا كبيرة بالمحاصيل. وقال سايمن ستييل، مسؤول المناخ في الأمم المتحدة في الافتتاح الرسمي لـ"كوب27 " كل الأزمات مهمة، لكن ما من أزمة لها تداعيات كبيرة" مثل الاحترار المناخي، الذي ستواصل عواقبه المدمرة "التفاقم". وأكد المسؤول الأممي على ضرورة العمل من أجل خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 45 % بحلول 2030 لتكون هناك فرصة لتحقيق أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ المبرم في 2015، لكن التعهدات الحالية للدول الموقعة، حتى لو احترمت في نهاية المطاف، ستؤدي إلى ارتفاع الانبعاثات بنسبة تتراوح بين 5 و10 % ما يضع العالم على مسار تصاعدي قدره 2,4 درجة مائوية في أفضل الحالات بحلول نهاية القرن الحالي. وكشفت دراسة أجرتها مؤسسة "غالوب" الأمريكية، نشرت نتائجها الأسبوع الماضي، تراجع المخاوف العالمية من تغير المناخ، محذرة من أن الفاتورة البيئية لتغير المناخ تتزايد على مستوى العالم. وحسب الدراسة التي شملت 228 دولة، فإن 750 مليون شخص على مستوى العالم يتأثرون في الوقت الراهن بنقص التغذية وارتفاع معدلات التضخم ثم بعد ذلك تأتي التغيرات المناخية. وستشكل قمة شرم الشيخ مناسبة أخرى للدول النامية للدفع في اتجاه تنفيذ الدول الكبرى لتعهداتها في مؤتمرات الأمم المتحدة السابقة للمناخ، على رأسها اتفاقية باريس الموقعة في 2015، واتفاقية قمة كوبنهاغن في 2009، حيث تعهد الموقعون بضخ ملايير الدولارات لمساعدة البلدان الفقيرة على التعامل مع تأثير تغير المناخ. الخراز: مفاوضات صعبة توقع جواد الخراز، الخبير المغربي في مجال الطاقات المتجددة، في حديث صحافي، أن تكون مفاوضات شرم الشيخ صعبة وشاقة بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتشنج العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين بسبب تايوان، والتأثير السلبي لكل ذلك على المدى القريب، نظرا للعودة إلى استغلال مناجم الفحم في أوربا بسبب توقف إمدادات الغاز الروسي، وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية من تضخم وارتفاع للأسعار. وعلى المدى المتوسط والبعيد، توقع الخراز أن تساهم كل هذه العوامل في تسريع عجلة الانتقال الطاقي وتضاعف الاستثمارات في الطاقات البديلة والتحول نحو اقتصاد الهيدروجين الأخضر، وربما ستكون فرصة سانحة لمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط للعب دور هام في إمدادات الطاقة المستقبلية والتحول نحو اقتصاد أخضر . وأبدى الخراز، المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة بالقاهرة، تفاؤلا حذرا بشأن المستقبل، متوقعا أن تؤدي الاتجاهات العالمية نحو الطاقات النظيفة والمتجددة لإنعاش الاقتصاد العالمي من خلال خلق الآلاف من مناصب الشغل الجديدة وأن تؤثر إيجابا على الاقتصاد والبيئة والمجتمع. المغرب رائد في مؤشر أداء المناخ احتل المغرب الرتبة الرابعة من حيث الأداء المناخي بعد كل من السويد والمملكة المتحدة والدنمارك، وفقًا لتقرير مؤشر الأداء المناخي لعام 2021، الذي نشرته المنظمات غير الحكومية "جيرمان واتش" والشبكة الدولية للعمل المناخي والمعهد الألماني الجديد للمناخ. وتم تصنيف البلدان التي كانت موضوع هذا التقييم (57 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوربي)، والتي تمثل مجتمعة 90٪ من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية، وفقًا لـ 14 مؤشرًا موزعة على أربعة مواضيع (الطاقات المتجددة، وانبعاثات الغازات الدفيئة، واستعمال الطاقة، والسياسة المناخية). وخول هذا التصنيف الصف الأول للمغرب إفريقيا وعربيا بفضل مساهمته المحددة وطنيا، والتي تعتبر من بين أكثر المساهمات طموحا على المستوى الدولي، نظرا لتماشيها مع أهداف اتفاق باريس حول المناخ خاصة تلك المتعلقة بخفض الاحترار المناخي تحت أقل من 2 درجة مائوية، بالإضافة إلى المجهودات المبذولة في إطار الاستراتيجية الوطنية للطاقة، خاصة في مجال تنمية الطاقات المتجددة والنظيفة. كما حصل المغرب على تنقيط عال في مجال السياسة المناخية الدولية، تثمينا لالتزامه القوي في إطار اتفاق باريس، ومشاركته النشيطة في التحالفات العالمية حول المناخ، بالإضافة إلى المبادرات الجهوية الطموحة التي أطلقها تحت التوجهات الملكية، والتي تمنحه دورا رياديا في مجال الطاقة والتنمية المستدامة على الصعيد الإفريقي. وأوفى المغرب بكل التزاماته في ما يتعلق بتقديم التقارير الوطنية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، من خلال تقديم ثلاثة بلاغات وطنية وتقريرين حول الجهود المبذولة للتخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. غوتيريس: كوكب الأرض يقترب من نقطة اللاعودة دعا أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى ضرورة تبني خارطة طريق لإيصال مساعدات التكيف مع تغيرات المناخ التي تعهدت الدول الغنية بتقديمها للدول النامية، خلال مؤتمر المناخ بغلاسكو «كوب26 « البالغة قيمتها 40 مليار دولار بحلول 2025، محذرا من أن احتياجات التكيف مع التغيرات المناخية سترتفع إلى أكثر من 300 مليار دولار سنويا بحلول 2030. وقال غوتيريس في كلمة خلال افتتاح الشق الرئاسي لمؤتمر المناخ «كوب 27» أول أمس (الاثنين) بشرم الشيخ بمصر «إننا في حاجة إلى تحقيق تقدم في عمليات التكيف مع تغيرات المناخ، كما أن نصف التمويل المناخي على المستوى الدولى، يجب أن يخصص لخطط التكيف مع التغيرات المناخية»، لافتا الانتباه إلى أن حوالي 3،5 ملايير شخص معرضون لمخاطر هذه التغيرات. وذكر أن «مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ بشرم الشيخ يذكرنا بأن الوقت يمر، وأننا في تحد مع أنفسنا»، محذرا من أن «عالمنا سيخسر حال استمرار ارتفاع انبعاثات الغازات ودرجات الحرارة، وأن كوكبنا سيقترب حينها من نقطة اللاعودة بسبب الفوضى المناخية». وأشار غوتيريس إلى أن التغير المناخي يعد التحدي الأكبر لكوكب الأرض في القرن الحالي، وأن تجاهل ذلك بات أمرا غير مقبول، مشددا على أن الأزمات العاجلة في عالم اليوم لا يمكن اعتبارها مبررا للتراجع عن مواجهة تداعيات تغير المناخ، بل يجب استخدامها دافعا للمضي قدما في اتخاذ إجراءات قوية ومؤثرة في مواجهة هذه التداعيات. ولتفادي ما وصفه بـ «المصير المشؤوم»، دعا الأمين العام للأمم المتحدة دول مجموعة العشرين لتسريع عمليات تقليص انبعاثات الغازات بشكل جذري خلال العقد الحالي، مشيرا إلى أن الاقتصادات الناشئة يجب أن تلعب هي الأخرى دورا مهما في الالتزام بالمعدل المستهدف من الانبعاثات. وشدد على أن أكبر اقتصادين في العالم (الولايات المتحدة والصين) تقع عليهما مسؤولية خاصة في الانضمام إلى الجهود الرامية لتحويل الاتفاق المستهدف إلى واقع ملموس، وهو ما يشكل الأمل الوحيد لتحقيق الأهداف المتعلقة بالمناخ، محذرا من أن البشرية أمام خيار واحد، إما التعاون أو الهلاك. وطالب الأمين العام للأمم المتحدة مؤسسات التمويل والبنوك الدولية متعددة الأطراف إلى تعديل خططها للمساهمة بفعالية في تمويل خطط التكيف مع تغيرات المناخ، ودعم التمويل الخاص للاستثمار بكثافة في إجراءات مواجهة التغير المناخي.

“كوب 27″… تمويل كلفة الاحتباس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تفكيك عصابة لتزوير زيوت المحركات

ثماني سنوات لمحام نصب باسم عبد النباوي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات