fbpx
ربورتاج

فضيحة تمارة … تلاعبات وتواطؤ مسؤولين

هدم فيلات بطريق زعير والفرقة الوطنية تداهم مكاتب مسؤولين وتتسلم ملفات تقنية من أقسام التعمير

ينذر المشروع السكني القدس 2، الذي أشرفت على بنائه شركة ذائعة الصيت بتمارة، وأيضا فيلات طريق زعير، بدون تراخيص، بالإطاحة بمسؤولين آخرين، بعدما فجر قضاة المجلس الأعلى للحسابات الفضيحة قبل أسابيع، و رفعهم تقريرا إلى زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس، والذي أخبرت به وزير الداخلية، الذي كلف بدوره المفتشية العامة للإدارة الترابية التي وقفت فعلا على خروقات خطيرة عجلت باتخاذ قرار الهدم.

إنجاز:عبدالحليم لعريبي – تصوير: (عبد المجيد بزيوات)

مازال ضحايا المشروع السكني القدس بطريق الساقية التابعة لمنطقة الفورات بتمارة، يعيشون على وقع الصدمة، بعد هدم الشطر الإضافي الثاني الذي يضم حوالي 200 شقة، بينما يضع المستفيدون من الشطر الأول أيديهم على قلوبهم خوفا من وصول الجرافات إلى المشروع، ما دفع البعض إلى المبيت بمحيطه منذ نهاية الأسبوع الماضي، سيما أنه جرى تجهيزه بالجبس وربطه بباقي التجهيزات، ولم يعد محتاجا إلا للطلاء الخارجي.
يحكي متضررون من الهدم بأن المشروع السكني لم يكن وليد اليوم، بل بدأ في 2019، حينما اكتشفوا أن مشروع السكن الاقتصادي، قريب من مرافق عمومية بالمدينة، فوق أرض فلاحية خصبة، وأن المشاريع السابقة لشركة “جيا” كانت ناجحة، ما دفعهم إلى تقديم تسبيقات مهمة بعضها وصل إلى 20 مليون سنتيم، لكن جائحة كورونا، يقول الشاب إسماعيل فنيش، التي ضربت المغرب والعالم، تسببت في تأخر المشروع بسبب ضائقة مالية نتيجة ارتفاع أسعار مجموعة من المواد الأولية، فتعطل المشروع في الاستكمال وتسليم الشقق للمستفيدين.

الصدمة كانت قوية
في الوقت الذي كان فيه المرشحون للاستفادة يستعدون لتسلم شققهم نهاية السنة الجارية أو بداية العام المقبل، تفجرت الفضيحة ووصل مداها إلى منتخبين بالإقليم، بعدما زار قضاة بالمجلس الأعلى للحسابات مقرات مؤسسات منتخبة لاستفسارهم عن تراخيص المشاريع السكنية بتمارة وجماعة المنزه، وبعد مرور ثلاثة أسابيع، تفاجأ المتتبعون بعقد اجتماع طارئ من قبل عامل عمالة الصخيرات تمارة، حضره كبار مسؤولي الإقليم لإخبارهم بقرار الهدم الفوري للمشاريع السكنية، لتتوجه جرافات وآليات ثقيلة إلى طريق الساقية ودوار أولاد موسى، وبعدما انتهت من الهدم، انطلقت أخرى إلى شارع محمد السادس بطريق زعير بالرباط، لتأتي على مشروع الفيلات التي تعود إلى مسؤولين بقطاعات مختلفة.
مشروع القدس ليس مخصصا للسكن الاقتصادي فقط، بل أيضا لإعادة إيواء قاطني دور الصفيح بتمارة، واستفاد هؤلاء من المشروع بعد شراكات مع جهات متدخلة بالإقليم وقطاعات حكومية بالجهة، وظل صاحب الشركة العقارية يؤدي ثمن اكتراء منازل للمستفيدين في انتظار تسليمهم شقق المشروع السكني القدس، بعدما حصل على أراضيهم، لكن الحلم تبخر إثر عمليات الهدم، ولم يعد للمرشحين سوى الانتظار من جديد.
التخوف من الترحيل نحو الصخيرات
لا هاجس بالنسبة إلى المرحلين من دور الصفيح بتمارة، إلا التخوف من تقديم عروض لهم للاستفادة من شقق بالصخيرات، ووفقا لما استقته “الصباح” من شهادات العديد منهم، أنه في حال تقديم هذا العرض، معناه الموت الجماعي للمتضررين من قرار الهدم.
هؤلاء يعيش أغلبهم الفقر والهشاشة الاجتماعية، ويمارسون مهنا أغلبها يدخل ضمن التجارة بالتجوال، ومنذ الجمعة الماضي لم يغالب النوم عيونهم، رغم أن صاحب الشركة العقارية وعدهم بتوفير مساكن لهم بتمارة، كما سيواصل أداء كرائهم منازل في انتظار التحاقهم بالمشروع السكني المستقبلي.

وقفات احتجاجية
في الوقت الذي مازالت فيه جرافات المدينة تأتي على ما تبقى من عمارات المشروع السكني القدس الإضافي، يحتشد متضررون من قرار الهدم أمام المشروع لتنظيم وقفات احتجاجية وترديد شعارات تطالب بحل مشكلهم، كما حملوا لافتات مكتوب عليها “التسوية قبل الهدم”.
ومنذ الجمعة الماضي، طوقت عناصر الأمن الوطني والقوات المساعدة المشروع السكني، مرفوقين بمسؤولين بالإدارة الترابية وأعوانهم، تحسبا لأي أعمال عنف، بعدما توقف العديد من المتضررين عن أنشطتهم المهنية، وظلوا يمكثون بالمنطقة في انتظار إيجاد حل لهم.

التراخيص…اللغز
يؤكد مالك الشركة العقارية المكلفة بمشاريع السكن الاقتصادي وأيضا الفيلات بشارع محمد السادس بالمنزه، أنه وضع طلبات التراخيص، وأن الجماعة الحضرية بتمارة والجماعة القروية بالمنزه، لم تردا عليه بعد انقضاء أجل 60 يوما، وهو ما يشير إلى أن الرخصة أصبحت قانونية، ومازال الأخذ والرد في هذه التصريحات، سيما أن رئيس جماعة المنزه رد على صاحب الشركة بعد وضع ملف الرخصة بالمنصة الرقمية للجماعة، بضرورة مراجعة الوثائق المقدمة وتصحيح بعضها، لكن صاحب المقاولة لم يدخل التعديلات المطلوبة، كما يملك صاحب المقاولة خبرة في الميدان منذ عقود، وكان أول من شيد نفقا تحت أرضي أمام المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، كما أشرف على بناء مشاريع سكنية عملاقة بأحياء مختلفة بالعاصمة وتمارة وجماعة الهرهورة.

الفرقة الوطنية تداهم مكاتب مسؤولين
استمع ضباط المكتب الوطني لمكافحة الجرائم المالية والاقتصادية التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية مكاتب مسؤولين بالسلطات الترابية، بعضهم انتقل إلى العمل بالقنيطرة وخريبكة وبرشيد، ضمنهم رئيس دائرة عين عودة وقائد قيادة المنزه، اللذان تغاضيا عن بناء الفيلات بشارع محمد السادس، كما زار ضباط البحث الأولي التمهيدي قياد المقاطعتين الحضريتين الأولى والسابعة بتمارة، إضافة إلى مكتب رئيسة قسم التعمير بعمالة تمارة ومساعدها، إلى جانب الباشا، وسيتم الاستماع إلى عامل المدينة في إطار مسطرة الامتياز القضائي التي يحظى بها.
ومنذ مساء الجمعة الماضي، يتحسس المسؤولون الترابيون والمنتخبون رؤوسهم، بعدما وجد الملف طريقه نحو مكتب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، المختص ترابيا في قضايا جرائم المال العام، وتسلمت الفرقة الوطنية وثائق مرتبطة بالتعمير من المكاتب التقنية لمجالس منتخبة، إضافة إلى عمالة الصخيرات تمارة، كما زار ضباط البحث، أول أمس (الثلاثاء)، مكاتب محافظة عقارية.

الاستماع في حالة سراح
وجهت النيابة العامة المكلفة بمجريات البحث التمهيدي، تعليماتها إلى الضابطة القضائية بالتحقيق مع المسؤولين والمنتخبين في حالة سراح، في انتظار اتضاح مسؤوليات كل طرف على حدة، وستستغرق الأبحاث أياما أخرى، في انتظار إحالة جميع الأطراف على النيابة العامة المكلفة بجرائم الأموال، وعلى قاضية التحقيق رئيسة الغرفة الخامسة بمحكمة الاستئناف بالرباط، ويتجه التحقيق إلى تعيين الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط، قاضيا للاستماع إلى العامل في إطار الامتياز القضائي الذي يحظى به.
ويحتمل أن تمتد الأبحاث الجارية إلى إجراء الخبرات التقنية اللازمة في حال وقوع اتهامات بين الأطراف التي يتم التحقيق معها، بعدما تردد على ألسن مقربين من رؤساء المقاطعات والقيادات أنهم كانوا يتلقون تعليمات بالابتعاد عن صاحب المشاريع السكنية، وأعاد الأمر إلى الأذهان التضحية بأكباش فداء في ملفات مشابهة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى