ما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها للحد من ظاهرة الهدر المدرسي؟ إن هذه الظاهرة بحجم خطورتها والإشكالات التي تطرحها سواء على مستوى المؤسسة التعليمية، أو الفرد المتعلم، أو الأسرة والمجتمع برمته، دفعت بلا شك وزارة التربية الوطنية إلى بذل جهود كبيرة من أجل الحد منها، وذلك بتوسيع نطاق برامج التدخل (محاربة الأمية ومدرسة الفرصة الثانية) ووضع مقاربة شمولية وقائية عبر إرساء خلايا اليقظة خاصة في العالم القروي، ووضع برنامج المواكبة التربوية لفائدة التلاميذ المتعثرين، وبرنامج الدعم التربوي والاجتماعي مع تأهيل المؤسسات التعليمية وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع البناءات المدرسية. ويعد برنامج "تيسير"، الذي يهدف إلى توفير منح دراسية لفائدة التلاميذ المنتمين للأسر الفقيرة، إلى جانب مشروع مليون محفظة، أهم إنجازات البرنامج الاستعجالي في اتجاه رفع نسبة المتمدرسين والاحتفاظ بهم لأطول مدة ممكنة، تحقيقا لهدف إلزامية التعليم ومجانيته إلى حدود 15 سنة. ماذا تقترحون للحد من الظاهرة؟ ينبغي أن نعيد التأكيد على أن ظاهرة الهدر المدرسي تعتبر معضلة تربوية كبرى تحول دون تطور المنظومة التعليمية، خصوصا بالعالم القروي، كما أن لها آثارا وخيمة على مجتمعنا، مثل ارتفاع نسبة الأمية والبطالة وانحراف الشباب. لذا فإنها تتطلب حلولا ملموسة وعميقة وبعد نظر واعتماد مقاربات جديدة في مواجهتها سيكولوجيا واقتصاديا واجتماعيا، عن طريق ضبط الغياب وانقطاع التلاميذ وتنويع وإغناء الموارد المالية والتمويلية لتنمية قطاع التعليم التي تتطلب وضع خطة لتنظيم الدعم التربوي، وتوسيع قاعدة المستفيدين من القاعات المتعددة الوسائط، وتكثيف محاربة الأمية والتركيز على الوظيفية منها، والعمل على تشجيع الشراكة في مجال النقل المدرسي مع تأهيل الموارد البشرية العاملة بالمؤسسات التعليمية واستكمال تكوينها. ما هو دور المحيط المدرسي في هذا الإطار؟ إن محاربة الهدر المدرسي بكل أشكاله وبمختلف الأسلاك التعليمية بهدف أساسا إلى الاحتفاظ بالتلاميذ أكثر ما يمكن داخل النظام التربوي. وهذا يتطلب حلولا جذرية عميقة ودعما وطنيا، من خلال الرصد والاطلاع على الإستراتيجيات والمقاربات المعمول بها في سياقات متعددة لجعل التلميذ محور الاهتمام، وتقديم أجود الخدمات، وتوفير شروط النجاح المدرسي، وربط المؤسسة التعليمية بمحيطها بشكل يساعد على تكوين المواطن المتشبث بقيم المواطنة والهوية والمنفتح أيضا على قيم العصر الحديث. أجرى الحوار: ح. ب * محمد حسني العلوي أستاذ بالتعليم التأهيلي الثانوي بمكناس