الرقية الشرعية … جرائم على مرأى ومسمع من السلطات
محلات للاستقبال مؤثثة بمكبرات صوت خارجية لإسماع الجمهور صراخ الزبناء
تغض السلطات الطرف عن جرائم ومخالفات ترتكبها عينة ممن منحوا أنفسهم صفة “راق شرعي”، إذ أن أعمالهم لم تعد مطبوعة بالسرية كما كانت، بل تحولت إلى مهنة من لا مهنة له، أدواتها التزين بلحية وحفظ بعض التعاويذ والسور، وفتح دكان أو شقة بحي شعبي، ووضع كتابات على الواجهة تشير إلى “الملكات” العديدة التي يتصف بها صاحب المحل، وضمنها طرد الجان وفسخ السحر والتداوي بالأعشاب وغيرها من الحلول “الميتافيزيقية” لإغراء المهووسين، ممن يعتقدون أنهم مطاردون من قبل الأرواح الشريرة.
أما الجرائم التي ترتكب في هذه المحلات، فقد أثبتتها ملفات قضائية راجت بمختلف المدن، من قبيل الاغتصاب والاستغلال الجنسي والتعذيب بالضرب والنصب، إذ أن الحالة النفسية التي يكون عليها مرتادو هذه الأماكن تسهل الاحتيال عليهم، كما أن حصصا من الاستغلال الجنسي تتحول إلى وصفات للعلاج يفرضها “الراقي” على زبوناته بعد إيقاعهن في الغلط وتوهيمهن بأوهام وروايات تسهل الوصول إلى مبتغاه.
وبخصوص المخالفات التي تتغاضى السلطات المحلية عن البحث فيها، فهي عديدة، تبدأ من عدم التوفر على رخص مزاولة النشاط، إذ أن فتح المحلات التجارية أو الشقق لاستقبال الزبناء وتقديم خدمات لهم، كيفما كان نوعها، تقتضي اتباع الإجراءات القانونية لفتح المحل والحصول على رخصة مزاولة النشاط من المصالح المختصة للجماعات الترابية، بعد إبداء رأي الجهات المختصة.
ويقتضي هذا الأمر التقدم بمجموعة من الوثائق والدبلومات والرخص التي تسمح لصاحب النشاط بمزاولة مهنته، فكيف يتم السماح لهذه الأنشطة أن تتم بالعلنية وإشهار الصفة في اللوحات المعلقة على بوابة هذه المحلات، دون وجود ترخيص؟ وأين هو دور السلطة المحلية في المراقبة؟
شيء آخر يثير الانتباه في هذه المحلات والشقق، هو أن أصحابها يتعمدون تثبيت مكبرات صوت بالخارج، لإسماع الجيران والمارة. ويبثون طيلة النهار القرآن والدروس الدينية المسجلة، كما أن بعضهم ينقل مباشرة عبر الصوت الحصص التي يحتضنها محله، مع ما تحمله من عبارات وصراخ وحوارات مع من يدعي أنهم جان.
ورغم أن القانون ينظم استعمال مكبرات الصوت ويشترط شروطا خاصة على المحلات والاستوديوهات التي تشغلها وتستعملها في أنشطتها، من ضمنها وضع حاجز للصوت لعدم إزعاج الجوار، بل حتى الحملات الإشهارية التي تقوم بها بعض السيارات للإعلان عن السهرات والحفلات، تقتضي الحصول على ترخيص باستعمال مكبر الصوت بالشارع، محدد الزمن.
وتحرج هذه السلوكات السلطات المحلية بالعديد من المدن، إذ بلغ الاستياء بالجديدة مثلا، حد توجيه مواطنين متضررين شكايات إلى عامل العمالة، بصفته الجهة المسؤولة عن السكينة والهدوء بالأحياء، يشتكون شخصا حول شقة وسط العمارات إلى استوديو مجهز بمكبرات صوت، تنقل حصص التعذيب التي يتعرض لها مرضى يقصدونه، إلى الجيران، فيسمعون العويل والصراخ، وحواراته مع من يدعي أنهم الجن، والسباب الذي يستعر لمناسبة رفض الخروج من بدن الضحية.
ومسيرالمحل أو من يقدم نفسه إلى العموم بصفة راق، ليس إلا ذو سوابق عديدة في مجال النصب والشعوذة، ناهيك عن أنه يأمر زبناءه بالتبول على القرآن والسجود لغير الله وغير ذلك من أفعال شيطانية، مدونة في محاضر الاستماع إليه لمناسبة سابقة جرى إيقافه فيها وتقديمه للعدالة.
المصطفى صفر