الملـك العمومـي… عـودة الفوضى

20 ألفا من المحلات تستغله دون التوفر على رخص باشرت السلطات المحلية بالدار البيضاء حملة، قبل الجائحة، لتحرير الملك العمومي من الفوضى، ولاقت هذه المبادرة استحسانا من قبل السكان، الذين أصبحوا يجدون صعوبات في السير على الأرصفة والمرور بشكل سلس بين الأزقة والأحياء، بسبب احتلال المحلات التجارية والمقاهي للفضاءات العامة، ما يدفعهم إلى السير على الطرقات المخصصة للسيارات، مع ما يمثل ذلك من مخاطر على حياتهم. وأبانت السلطات، خلال الحملة، عن حزم كبير في التصدي إلى المترامين على الفضاء العمومي، إذ تم إخلاء الأماكن المحتلة دون وجه حق وهدم أجزاء المحلات التي تمت إضافتها، وأعيد تقييم المساحات التي يتم شغلها بترخيص من السلطات لتحديد المقابل المالي للاحتلال المؤقت للملك العام. لكن السكان تفاجؤوا بعودة الأمور إلى وضعها السابق، وكأن الأمر كان مجرد حملة للاستهلاك الإعلامي. هدمت واجهات وسياجات عشرات المحلات والمقاهي، التي أقيمت دون سند قانوني فوق الملك العمومي، ودفعت تلك الحملة أصحاب المحلات، التي لم تصلها الحملة إلى المسارعة إلى المصالح المختصة، من أجل التصريح بالزيادات التي في ذمتهم والمطالبة بتسوية وضعيتهم، إذ سجل في يوم واحد أزيد من 800 طلب تسوية، ويتعلق الأمر، بوجه خاص، بأصحاب مقاه ومحلات مأكولات، منهم من لا يؤدي واجبات الاحتلال العمومي وعدد منهم لا يتوفر، أصلا، على رخص لاحتلال الملك العمومي. حواجز فوق أرصفة أكدت مصادر في تصريح لـ»الصباح» أن ما بين ألفين و 3 آلاف محل تجاري يتوفر أصحابها على رخص لاستعمال الملك العمومي، من ضمن 22 ألفا التي تم إحصاؤها على صعيد تراب ولاية الدار البيضاء، ما يعني أن ما بين 19 ألفا و 20 من المحلات تستغل الملك العمومي دون التوفر على رخص، في حين أن نسبة الذين يتوفرون على رخص لا يؤدون واجبات الاحتلال للمقاطعة التابعين لها. ويكفي التجول بشارع أفغانستان وزنقة سيدي الخدير وجنبات السوق البلدي بالحي الحسني للتأكد من الفوضى التي تعانيها هذه المناطق، إذ يصعب المرور منها في ساعات الذروة، بسبب أصحاب العربات، التي حولوها إلى محلات تجارية بالممرات المحاذية للسوق المحلي، ويصبح من المستحيل على السيارات المرور منها. ولاحظت «الصباح» أن بعض المقاهي أقامت حواجز فوق أرصفة الراجلين، كما أن الباعة المتجولين يحتلون مناطق كاملة وحولوها إلى أسواق في تحد واضح للقانون. الراية البيضاء يعتبر الفراشة والباعة المتجولون من المحتلين للملك العمومي، الذين عجزت السلطات العمومية عن مواجهتهم ورفعت الراية البيضاء، معلنة عن فشلها في التصدي لهم. ويتوزع البائعون المتجولون على فئتين أساسيتين، الفئة الأولى تتوفر على العربات المدفوعة أو المجرورة بالدواب أو الدراجات النارية ثلاثية العجلات، التي تعرض عليها بضائعها، وهي الفئة التي تتطلب رأسمالا نسبيا أعلى يتراوح ما بين 2000 و 15 ألف درهم، إذ يتعين اقتناء الدابة والعربة وتجهيزها، إضافة إلى تكاليف اقتناء البضائع. وانعكس الإقبال على نشاطات التجارة المتنقلة على نشاطات أخرى، إذ تعرف محلات التلحيم والحديد والعجلات المستعملة إقبالا ملحوظا. وهناك فئة الباعة المتجولين، الذين يعرضون بضائعهم على الأرصفة مباشرة ولا يتوفرون على عربات، الذين يعرفون بـ «الفراشة»، إذ يكتفون بوضع البضائع على قطع من البلاستيك على قارعة الطريق. ويتراوح رأس المال الدائر لهذه الفئة بين ألف درهم وألفين. وتساهم هذه الفئات في توفير الدخل لشريحة أخرى، خاصة أصحاب المنازل التي يضطر «الفراشة» إلى وضع بضائعهم أمام أبوابها. وصرح بعضهم أنهم يضعون بضائعهم أمام المنازل، مقابل إتاوات يدفعونها لأصحابها، وتتراوح هذه الإتاوة ما بين 70 درهما و100 درهم في اليوم، حسب الموقع، لكن هذا «السعر» غير قار، ويمكن أن يتغير حسب الظروف، إذ يمكن أن يرتفع إلى 200 درهم في اليوم خلال بعض المناسبات، خاصة في الأعياد ورمضان. إن النظام القانوني للأملاك المخصصة للاستعمال المباشر يعاني عددا من المعيقات، من أهمها عدم التحديد الدقيق لطريقة ومحددات الاستعمال، وقدم النصوص المنظمة للملك العام، إضافة إلى تعدد المتدخلين، حاليا، في تسيير وتدبير الملك العام، إذ تتداخل في هذا المجال اختصاصات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية.. موارد ضائعة تبين من خلال الحملة، التي شنتها السلطات المحلية، أن احتلال الملك العمومي يمثل القاعدة، علما أن جماعات لا تستخلص مقابلا ماليا من المترامين عليه، ما يعني أنها تضيع في الملايير بسبب تجاهلها لهذه الممارسات وعدم تشديد المراقبة على استغلال الملك العمومي، وواجبات الانتفاع منه. عبد الواحد كنفاوي

الملـك العمومـي… عـودة الفوضى

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التهاون يحرم البيضاء من عقار بالمجان

سقوط متهمين بتجنيد إرهابيين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات