الأفوكا والدلاح والحوامض… مصاصو المياه

مزروعات تهدد المستقبل "المائي" للمغرب والحكومة أوقفت دعمها أعلنت الحكومة وقف الدعم المالي عن الزراعات غير المؤهلة للدعم بالنسبة إلى مشاريع الري الموضعي، ويتعلق الأمر بالأفوكا والحوامض، والبطيخ الأحمر، بسبب استنزافها للماء. ووقع القرار المشترك بتحديد كيفيات الاستفادة ومنح الإعانة المالية للدولة من أجل التهيئة المائية الزراعية للاستغلاليات الزراعية، محمد الصديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وفوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية. وسيتم تطبيق مقتضيات القرار المشترك على مشاريع الري الموضعي، التي تم بشأنها إيداع ملفات طلب الموافقة القبلية ابتداء من 11 يوليوز 2011، وهو التاريخ الذي نشر فيه القرار رقم 1323.22، المتعلق بتحديد كيفيات الاستفادة ومنح الإعانة المالية للدولة، من أجل التهيئة المائية الزراعية للاستغلاليات الزراعية. إعداد: خالد العطاوي أدى الجفاف واستنزاف الفرشة المائية إلى دق جمعيات البيئة وهيآت مدنية ناقوس الخطر، والمطالبة بمنع ووقف زراعات معينة، مثل زراعة الأفوكاد والبطيخ الأحمر وأشجار الحوامض، في خضم أزمة الماء التي يعانيها المغرب. منع الزراعات الدخيلة يرى النشطاء في مجال البيئة بأن أغلب المزروعات التي تستنزف الماء هي "زراعات دخيلة"، مثل الأفوكا، فهي تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء"، علما أن مخزونات السدود وانخفاض مستوى المياه الجوفية تراجع بشكل كبير جدا، حتى أن النشطاء أنفسهم رفعوا شعار: "يمكنني العيش دون أفوكاد وبطيخ أحمر، لكن لا يمكنني أن أعيش بدون ماء"، معتبرين أن "المغرب بتصديره المنتجات الفلاحية التي تستهلك كثيرا من الماء، فهو بذلك يصدر أغلى مورد طبيعي، وهو المياه الجوفية". تعددت الخرجات الإعلامية للمهتمين بالبيئة حول "خطر بعض أنواع الزراعات: على الماء، وقال أحدهم، في تصريحات إعلامية: "لا يمكن التفكير فقط في ميزانية الدولة اليوم والأرباح، لكن يجب التفكير في ميزانية الغد، على اعتبار أنه إذا جفت الفرشة المائية فالأمر خطيرا جدا". لهذا "فالأمر بسيط جدا. يجب إحداث قطيعة مع مسببات تجفيف الفرش المائية الموجودة، وأن تُمنع الزراعات التي لا تتلاءم مع المناخ والمتطلبات البيئية"، الأفوكا... وحش المياه تتعدد قصص زراعة "الأفوكا" بالمغرب، منها أن عددا كبيرا من الفلاحين اختاروا الاستثمار فيها، سيما بجهة الرباط سلا القنيطرة، ثم امتد إنتاج هذه الفاكهة على نطاق واسع، بالنظر إلى ارتفاع الطلب العالمي عليها، وهامش الربح الذي تدره، مقارنة بباقي الزراعات التقليدية الأخرى. وفاق إنتاج "الأفوكا" الطلب في المغرب، إذ شهدت زراعته نموا ملحوظا، فتوجه الفلاحون إلى تصدير المنتج خارج البلاد والذي بوأ المغرب ثالث أكبر مصدر له في القارة الإفريقية السنة الماضية، بعدما وصلت صادرات المغرب من هذه الفاكهة إلى غاية بداية ماي 2021، إلى 32 ألفا و800 طن. كما يتضح تطور صادرات المغرب من الأفوكا، بانتقاله من أقل من 2000 طن سنويا في 2010، إلى نحو 30 ألف طن في 2019، عندما تزايدت المساحات المزروعة بأكثر من 150 في المائة بحلول العام الماضي. وتعد الأسواق الأوربية الوجهة الأولى للفواكه والخضر المغربية، بما في ذلك الأفوكا، إذ تستوعب أكثر من 90 في المائة من الكمية المخصصة للتصدير، على اعتبار أن المغرب يقع جغرافيا قرب القارة الأوربية. كما أن هذه الزراعة الدخيلة استقطبت شركات واستثمارات أجنبية، إذ أعلنت شركة "مهادرين" العام الماضي عن انطلاق مشروع لإنتاج الأفوكا في المغرب باستثمار تبلغ قيمته نحو 9 ملايين دولار، بهدف إنتاج 10 آلاف طن من هذه الثمرة سنويا. وحسب المختصين، فإن هذا النوع من الزراعات يستهلك بشكل كبير المياه الجوفية، فباستثناء الأشهر الأربعة الأكثر برودة، تتطلب الأفوكا الناضجة من 2271 إلى 4163 لتر ماء، أما خلال فترات الجفاف الشديد، فإنها تتطلب ما يصل إلى 4542 لترا، بينما تحتاج الأشجار الصغيرة ذات المظلة النباتية التي يصل طولها إلى 1.2 متر، إلى ما بين 75.7 و 151 لترا، وتحتاج إلى ما يصل إلى 189 لترا خلال الأشهر أكثر دفئا. "الدلاح"... "الحلاوة المرة" يقبل المغاربة على استهلاك البطيخ الأحمر بشكل كبير، خاصة أن بعض أنواعه تتميز ب"حلاوتها"، لكن في موسم الجفاف أصبحت هذه "الحلاوة مرة"، لأن زراعته تستنزف الفرشة المائية. وطالب مختصون في البيئة بوقف زراعة وتصدير البطيخ الأحمر، لأن كيلوغراما واحدا من هذه الفاكهة المغروسة يستهلك 45 لترا من الماء في حال الاعتماد على تقنية التقطير، مما يعني أن بطيخة بوزن 10 كيلوغرامات تستهلك 450 لترا من الماء العذب، وبالتالي يشكل هذا الأمر خطرا على "الاستمرارية في الحياة ولأجيال الغد على أرض المغرب"، حسب الحركة البيئية. التخوف من زراعة البطيخ الأحمر، عبر عنه، أيضا، نزار بركة، وزير التجهيز والماء، الذي أشار إلى أن عملية زراعة البطيخ الأحمر في مناطق الجنوب الشرقي مكلفة، حيث تستهلك، على حد تعبيره، كميات كبيرة من المياه في مناطق تعاني في الأصل نقصا في المادة الحيوية، ما يؤثر على الفرشة المائية بشكل مرتفع. وأوضح بركة، خلال ندوة نظمها نادي الصحافة بشراكة مع المعهد العالي للإعلام والاتصال، أنه رغم القيمة المرتفعة للبطيخ الأحمر ومردوديته الكبيرة على القطاع الفلاحي، إلا أنه يتسبب، على حد قوله، في استغلال مفرط للمياه خلال شهرين أو ثلاثة على الأكثر، مشددا على أن الحكومة اتخذت قرارا صارما يمنع زراعة البطيخ الأحمر في طاطا، بسبب الاستهلاك المفرط للفرشة المائية، مؤكدا أن الهدف من هذا القرار ليس توقيف الإنتاج بل العمل على أن يكون بكيفية معقلنة بغرض الاقتصاد في الموارد المائية. الحوامض ... جاذبية التصدير امتدت التحذيرات باستنزاف الفرشة المائية إلى بعض أنواع أشجار الحوامض، إذ وجهت هيآت مدافعة عن البيئة تحذيرا من أن يؤدي استمرار إنشاء ضيعات لزراعتها إلى تقويض دعائم الاستقرار الإيكولوجي، سيما في المناطق التي تشهد جفافا مزمنا. ويتجه أغلب إنتاج الحوامض إلى التصدير، علما أن تكلفته "المائية" مرتفعة جدا، وللمقارنة يكفي الإشارة إلى بعض الإحصائيات لكشف هول استنزاف الفرشة المائية، فمحصول زراعة الحوامض (البرتقال، الكليمنتين، المندرين، الليمون) انخفض خلال موسم 2019/2020 بسبب نقص في التساقطات بجنوب المغرب، حيث أن موجة الحرارة قلصت عملية الإزهار لأشجار الحوامض، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 30 في المائة في الغلة والصادرات، مقارنة بالموسم الماضي، لكن رغم انخفاض المردودية، تظل قيمة الصادرات مستقرة بسبب الأسعار القوية في السوق العالمية، وفقا للتقرير الصادر عن وزارة الزراعة الأمريكية. بالمقابل، أفادت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أن صادرات الحوامض سجلت حجما قياسيا (766.500 طن) خلال الموسم 2021-2022، ما يمثل ارتفاعا بنسبة 40 في المائة، مقارنة بالموسم السابق، موضحة أن هذا الأداء هم جميع أنواع الحوامض المصدرة، مسجلة أن حجم صادرات الحوامض الصغيرة بلغ 629.300 طن خلال هذا الموسم (من فاتح شتنبر 2021 إلى 31 غشت 2022)، أي بزيادة بحوالي 40 في المائة، مقارنة بالموسم السابق. وفي ما يتعلق بصادرات البرتقال (الفواكه الكبيرة)، فقد سجلت نموا بنسبة 42 في المائة، مقارنة بالموسم السابق. وهم هذا النمو جميع الوجهات، مع زيادة ملحوظة بشكل خاص في السوق الأمريكية والسوق الإفريقية. وأشارت الوزارة إلى أن الإنتاج الوطني من الحوامض، بجميع أنواعها، بلغ خلال الموسم 2021-2022 ما مجموعه 2.67 مليون طن، أي بزيادة 14 في المائة مقارنة بموسم 2020-2021. الخطة الحكومية طالما نبه مهتمون بالقطاع الفلاحي إلى بعض المسارات الخاطئة والاختيارات الشاردة والإجراءات المكلفة، المدمرة للثروات المائية في بلد صار يعاني شحا في الماء، وتوالي سنوات الجفاف إلى درجة تضطر معها الدولة، في مرات عديدة، إلى القيام بإجراءات استثنائية لتوفير مياه الشرب لعدد كبير من المواطنين، وهو ما يستلزم إعادة النظر في نوعية الزراعات وحاجة المغرب منها.

الأفوكا والدلاح والحوامض… مصاصو المياه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحجز على حسابات فنادق

انتحار مريضة نفسانيا بمستشفى تازة

مقالات ذات صلة