fbpx
خاص

مشروع مالية 2023 … الأهداف المعلنة

تعبئة موارد إضافية لتفعيل البرامج الاجتماعية ومراجعة الضريبة على الدخل وتحفيز الاستثمار

كشفت وزارة الاقتصاد والمالية عن التوجهات والأهداف ذات الأولوية التي سيتضمنها مشروع قانون المالية 2023، وهو الثاني الذي تعده الحكومة الحالية، بعد تنصيبها.
ويأتي هذا المشروع في ظل تحديات كبرى على الصعيدين الخارجي والداخلي، إذ ما تزال تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية متواصلة على الاقتصاد العالمي، ما تسبب في موجة تضخم همت كل البلدان، إذ أن البنوك المركزية بالولايات المتحدة الأمريكية وأوربا وعدد من البلدان الأخرى قررت رفع معدلات الفائدة المرجعية لمواجهة التضخم، ولا تتوفر إلى الآن أي رؤية حول مآل هذا الصراع وانعكاساته على التجارة الدولية.
وعلى المستوى الداخلي تنتظر الحكومة مشاريع اجتماعية ذات أولوية، على رأسها ورش تعميم الحماية الاجتماعية، ما يتطلب تعبئة موارد مالية مهمة لتفعيله.

إعداد: عبد الواحد كنفاوي

يتعين على الحكومة أن تضع مشروع قانون المالية 2023، 70 يوما قبل انتهاء السنة الجارية في مكتب مجلس النواب، أي على أبعد تقدير في 20 أكتوبر المقبل، من أجل مناقشة بنوده وتقديم مقترحات تعديله والمصادقة عليه، قبل بداية السنة المقبلة.
وتعبأت كل الوزارات، وعلى رأسها وزارة الاقتصاد والمالية، من أجل الانتهاء من إعداد الميزانيات الفرعية لضمان احترام الآجال القانونية. وسبق لرئيس الحكومة أن أصدر مذكرة تأطيرية تحدد التوجهات الكبرى للميزانية المقبلة والضوابط التي يتعين التقيد بها.

فرضيات

ينبني مشروع قانون المالية 2023 على عدد من الفرضيات، من أبرزها سعر برميل برنت في حدود 98.6 دولارا، ومعدل صرف «أورو» مقابل الدولار في حدود 1.083، وسعر صرف الأورو مقابل الدرهم في 10.640 دراهم، والدولار مقابل الدرهم في حدود 9.824 دراهم.

التزامات اجتماعية

ستعمل الحكومة، من خلال مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، على مواصلة تنزيل محاور ورش تعميم الحماية الاجتماعية، خاصة في ما يتعلق بتعميم التأمين الإجباري الأساسي على المرض، ليشمل كافة الفئات الاجتماعية، وتقرر تخصيص الموارد المالية اللازمة لضمان تنزيل هذا الورش.
وستتميز السنة المقبلة بتنزيل تعميم التعويضات العائلية، التي سيستفيد منها حوالي 7 ملايين طفل من العائلات الهشة والفقيرة بوجه خاص، وثلاثة ملايين أسرة بدون طفل في سن التمدرس، واعتماد مقاربة جديدة، بهذا الشأن، تقوم على الدعم المباشر، عبر استهداف الفئات المعوزة والمستحقة لهذه التعويضات، وتعهدت الحكومة، في باب تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، بالإسراع بإخراج السجل الاجتماعي، باعتباره الآلية الأساسية لمنح الدعم وضمان نجاعته.
وستتواصل أوراش تأهيل القطاع الصحي، من خلال إصلاح مؤسسات الرعاية الصحية الأولية، وتأهيل المستشفيات، والتأسيس لإلزامية مسلك العلاجات، ورقمنة الخدمات الصحية، إضافة إلى تعزيز حكامة المنظومة الصحية عبر إحداث المجموعات الصحية الترابية، والهيأة العليا للصحة ووكالة الأدوية والمنتوجات الصحية، ووكالة للدم ومشتقاته.
وستعمل الحكومة على تحسين الوضعية المادية للأطر الصحية، إذ سيتم تخصيص مبلغ مالي، لهذا الغرض بقيمة مليارين و 200 مليون درهم (220 مليار سنتيم)، خلال 2023 و 2024. كما سيتضمن مشروع قانون المالية للسنة المقبلة تدابير تتعلق بإصلاح منظومة التقاعد، لتشمل الأشخاص الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش، وتعميم الاستفادة من التعويض على فقدان الشغل، لتشمل كل شخص متوفر على شغل قار، في أفق 2025.
وستخصص الحكومة 500 مليون درهم للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة، توجه لدعم تمدرس الأطفال في وضعيتها.

مراجعة الضريبة على الدخل

ستمثل 2023 بداية تنزيل توصيات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات التي انعقدت منذ أزيد من ثلاث سنوات، خاصة ما يتعلق منها بالضريبة على الدخل، تفعيلا للمادة 4 من القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي، التي نصت على إعادة النظر في جدول الضريبة على الدخل المطبقة على الأشخاص الذاتيين، ويسعى الإصلاح المرتقب إلى تخفيض عبء الضريبة على الدخل لفائدة الأجراء ذوي الدخول الدنيا والمتوسطة والمتقاعدين من أصحاب المعاشات الدنيا والمتوسطة.
وستهم التعديلات المزمع تنظيمها في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة إعادة النظر في نسبة المصاريف المرتبطة بالمهنة القابلة للخصم والمحددة، حاليا، في 20 في المائة دون تجاوز سقف 30 ألف درهم، إضافة إلى رفع حد شريحة الدخل المعفاة من الضريبة على الدخل، التي لا تتجاوز حاليا 30 ألف درهم، ومراجعة الحد الأدنى والأعلى لشرائح جدول الضريبة، وتخفيض الأسعار المطبقة على بعض شرائح الدخول.
وتعتزم الحكومة، أيضا، إدخال تعديل على قواعد التخفيض الجزافي المعتمدة لتحديد صافي مبلغ المعاش المفروضة عليه الضريبة، والمحددة، حاليا، في 60 في المائة بالنسبة إلى المعاشات التي تساوي أو تقل عن 186 ألف درهم و40 في المائة لما زاد عن ذلك.

إجراءات لفائدة الاستثمار

سيتضمن مشروع قانون المالية إجراءات تتعلق بإنعاش الاقتصاد الوطني عبر دعم الاستثمار، مشيرا إلى أن الحكومة ستنكب على تنزيل مقتضيات ميثاق الاستثمار، خاصة في ما يتعلق بتفعيل آليات دعم المشاريع الإستراتيجية والمقاولات الصغيرة والمتوسطة، والمقاولات المغربية التي تسعى لتطوير قدراتها على المستوى الدولي.
وستعمل الحكومة على مواصلة تحسين جاذبية الاقتصاد الوطني وتحفيز القدرة التنافسية لنسيج الإنتاج، بتعزيز الاستقرار والعدالة الضريبية، عبر تنزيل مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي، بهدف تعزيز حقوق الخاضعين للضريبة وضمان نظام ضريبي مبسط وشفاف. ويتضمن مشروع قانون المالية، أيضا، إجراءات تهم تكريس العدالة المجالية، وأخرى تروم استعادة الهوامش المالية لضمان استدامة الإصلاحات ومصادر تمويلها.

تعبئة الموارد

تتطلب الإصلاحات الهيكلية التي تم إطلاقها أو سيتم تنزيلها، خلال السنة المقبلة، موارد مالية مهمة، ما يفرض بذل مجهودات على واجهتين، عقلنة النفقات، وإنعاش الموارد.
وستعمل الحكومة على ترشيد النفقات، بما يسمح بتوفير موارد مالية تحول إلى تمويل الأوراش الإصلاحية، بالموازاة مع ذلك سيتم اعتماد إجراءات لتوسيع الوعاء الضريبي لضمان موارد إضافية.
وتفيد المعطيات أن العدد الإجمالي للخاضعين للاقتطاع الضريبي لا يتجاوز مليونين و 200 ألف درهم، علما أن 50 في المائة منهم، فقط، يعتبرون من النشيطين، في حين أن النصف الآخر خارج عن رادارات مراقبي الضرائب.
وهكذا، فإن عدد الخاضعين للضريبة على الشركات، المدونين في سجلات المديرية العامة للضرائب، يصل إلى 493 ألفا و 617 ملزما، في حين لم يتجاوز عدد الإقرارات الضريبية المقدمة 241 ألفا و 776 إقرارا، ما يعني أن أزيد من النصف من الملزمين يوجدون خارج التغطية ولا يؤدون واجباتهم الضريبية، علما أن ثلث الإقرارات الجبائية فقط تتضمن نتائج صافية مربحة، في حين أن الباقي يدلي بعجز في حساباته السنوية.
ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة إلى الضريبة على القيمة المضافة، إذ أن عدد الملزمين النشيطين لا يتجاوز 282 ألفا، من أصل 833 ألف ملزم في المجمل. وتبين من خلال تحليل المداخيل المحصلة أن 8 في المائة من الخاضعين للضريبة يؤدون 90 في المائة من الموارد الضريبية.

موازاة مع ذلك، أبان التقرير أن الإعفاءات الضريبية مركزة في عدد محدود من المستفيدين، إذ أن قطاعات العقار والكهرباء والغاز والضمان والاحتياط الاجتماعي، تستفرد بأكثر من نصف الإعفاءات الجبائية، وإذا أضيفت إليها نشاطات التصدير والفلاحة والصيد البحري، فإن نسبة التركيز القطاعي ترتفع إلى 70 في المائة من المبلغ الإجمالي للإعفاءات الضريبية.
وأمام هذه الوضعية والحاجة الملحة للموارد المالية، فإن مشروع قانون المالية 2023، سيتضمن إجراءات تهم توسيع الوعاء، بمراجعة بعض الإجراءات الجبائية الاستثنائية التي تستفيد منها بعض القطاعات والملزمين، كما ستتضمن التدابير المقترحة تمكين المديرية العامة للضرائب من موارد مالية وبشرية لضمان مراقبة فعالة للخاضعين للضريبة وبذل مجهودات على مستوى التحصيل، ما سيمكن من استخلاص موارد مالية إضافية.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى