سلف وخلف… قادة لا يشبهون بعضهم

عندما ننظر أحيانا للواقع نرى تراجعا كبيرا في الأداء السياسي لدى القادة. هل الأمر يتعلق بزرع غير طبيعي لسلف أنجب هذا الخلف؟ أم الأمر يتعلق بخلف انقلب على أفكار السلف وميراثهم؟ مقارنات ليس الغرض منها تقديس المؤسسين و»تدنيس» الورثة الجدد، ولكن استفزاز الذاكرة الجماعية حتى نعرف خلفيات ما نراه «نكوصا» في المشهد السياسي. لماذا لم يعد رجل السياسة مفكرا وكاتبا كما كان الأمر من قبل؟ من قتل روح الإبداع في السياسة؟ هل يتعلق الأمر بتراجع؟ أم أن فهم الأمور يقتضي المعرفة بالسياقات التي أنتجتها. عبد الله الكوزي (الحلقة 4) بنسعيـد و منيـب... القائـد وبنـت القائـد مؤسس اليسار الجديد بالمغرب ضحى من أجل تقوية الحزب وعارض بشرف نظاما قويا محمد بنسعيد أيت يدر أحد قادة جيش التحرير، وواحد من مؤسسي اليسار الجديد بالمغرب. من خريجي مدرسة ابن يوسف للتعليم الديني بمراكش، لهذا أطلق عليه عبد السلام ياسين، مرشد جماعة العدل والإحسان، لقب "الفقيه الذي يقود قافلة الماركسيين". عاش في المنفى بين الجزائر وفرنسا. وطني حتى النخاع، لا يخلط عملا طيبا بآخر خبيث. كان في المنفى ومحكوما بالإعدام من قبل ما كان يطلق عليه المناضلون "محاكم النظام. يخاف على وطنه حتى وهو يختلف مع "النظام" بالتعبير النضالي حينها. نبيلة منيب يمكن القول إنها جيل ثالث بعد جيل بنسعيد، الذي اختاره الشباب الماركسي اللينيني بداية السبعينات قائدا لهم. من حسنات اليسار أنه يؤمن بمنح الفرصة لمختلف الأجيال، لكن خطأه الفادح أنه لا يولي اهتماما لتواصلها، حيث تشعر بالقطيعة بين جيل وآخر. فما الذي يجمع بين محمد بنسعيد ونبيلة منيب؟ أي صفة مشتركة بين الاثنين؟ يلمز البعض هذه الأخيرة بأنها بنت "قائد"، أي رئيس مقاطعة، والمنطق يفرض أنه "لا تزر وازرة وزر أخرى". كان الأمر يقتضي الوقوف عند حدود طرائق التسيير والتدبير الحزبي. كان الشتوكي بنسعيد رجلا جامعا. التف حوله الشباب لأنه رمز للمقاومة والتصدي للاستبداد. كثيرون يعرفون أن المناضل والمقاوم بنسعيد، لم يكن مهتما بالفكر الماركسي، ولكن الشباب ذوي هذا التوجه كانوا يلتفون حوله ويتمسكون به قائدا. كان بنسعيد عنصر تجميع، إذ تمكن من التوليف بين تيارات عديدة جمعت بين الماركسية اللينينية وتوجهات قومية بعثية دون التفريط في الخصوصية المغربية، التي ميزته عن غيره من الماركسيين، وحتى عندما انشقت منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، لم تكن له يد في ذلك بقدر ما كان يتلقى عقابا قاسيا من إدريس البصري، لأنه لا يريد أن ينحني ماديا ورمزيا، وأصر على مواقفه وشعار المؤتمر الأول للحزب اليساري "دمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع". لكن في الجانب الآخر تُتهم نبيلة منيب أنها كانت وراء الحزب الاشتراكي الموحد، الذي ذابت فيه مكونات يسارية متعددة أبرزها منظمة العمل، وبعدما كانت مكونات يسارية تتأهب لإعلان الوحدة شقت نبيلة منيب عصا الاتفاق ورمت كل طرف في جانب، وذهبت وحيدة إلى الانتخابات، ونجحت وحيدة، حتى أن خصومها اتهموها بأن نجاحها كان ثمن تقسيم حزب منهك أصلا. بينما ترى هي ومن معها رؤية مختلفة. في حسابات الانتخابات يقال إن تقسيم الحزب قبيل الانتخابات ضيع عليه مقاعد كثيرة، وهو شبيه بانشقاق الحزب الاشتراكي الديمقراطي عن المنظمة عقب الاستفتاء على الدستور وتصويت المنظمة ب"لا". حوار هل الظروف والسياق العام في الواقعتين متشابهة؟ هناك من يلوم اليسار الوحدوي المنشق عن الحزب الاشتراكي الموحد بالتسبب في ما حدث. لكن على أي حال يبقى القائد هو صاحب النظرة السريعة والبعيدة للأمور والأشياء. ما الذي كان يمنع من جلوس الطرفين على طاولة الحوار قصد تفكيك القضية والوصول إلى رأي موحد؟ ولكن عدم "الحوار" وانعدامه يعنيان أن أحد الطرفين لا يرغب أصلا في الحوار ولا الوصول إلى رأي واحد، وهو بهذا يكون أداة وظيفية في يد جهات ترغب في ضرب الحزب وتقسيمه، مثلما فعل المنشقون عن منظمة العمل، الذين اجتمعوا بفندق حسان وأعلنوا التصويت ب"نعم"، ولم يكن لهم هدف الحوار لأن تيار "البصري" كانت أمواجه عاتية.

سلف وخلف… قادة لا يشبهون بعضهم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حجز 2700 "قرقوبية" بطنجة

تصاميم البيضاء تحابي لوبي العقار

مقالات ذات صلة