من أساطير الأولين

تحتل الأسطورة والخرافات حيزا مهما من تراث الإنسانية ومجتمعاتها كافة، ولا يخلو مجتمع أو حضارة من أساطير ترتبط بتراثهما جنباً إلى جنب مع الأشكال الأدبية والفنية الأولى التي تميز ثقافة ذلك المجتمع، كالحكايا والخرافات وقصص التراث والسير الشعبية والموضوعات الفنية المختلفة. وتدل تفاصيل الأساطير عامة على الكيفية التي يصور فيها شعب ما ثقافته وحضارته. في هذه الحلقات استعادة لأهم القصص والحكايات التي حفظتها لنا الذاكرة الشعبية وكتب المؤرخين والرواة. عزيز المجدوب الحلقة (4) قبة في قاع البحر وردت هذه القصة في كتاب "مختصر روض الرياحين" كالتالي: "بينما النبي سليمان جالسا على سرير ملكه، شاكرا الله على ما أولاه من نعم، إذ أوحى إليه أن يخرج إلى ساحل البحر فيرى عجبا، ولم يتوان، بل خرج توا ومعه الإنس والجن والوحش والطير حتى بلغ الساحل، فنظر يمينا، ونظر شمالا، لكنه لم ير شيئا، عندئذ أمر أحد العفاريت من الجن أن يغوص في البحر ويأتيه بما يجده فيه، فغاص العفريت ورجع بعد ساعة من غير أن يصل إلى القاع أو يرى شيئا غريبا في الماء، وكذلك فعل عفريت آخر مما أثار دهشة سليمان وجعله يأمر آصف بن برخيا، وزيره، بالقيام بهذا العمل. صدع آصيف لإرادة سليمان، وغاص في البحر ساعة ثم عاد بقبة عظيمة من الكافور الأبيض لها أربعة أبواب: باب من الدر، وآخر من الياقوت، وثالث من الجوهر، ورابع من الزبرجد الأخضر، وكلها مفتوح، ومع ذلك لم يدخل في أي منها قطرة من الماء، ونظر سليمان، فإذا وسط القبة شاب جميل، حسن الشباب، نظيف الأثواب، قائم يصلي، فدخل إليه وسلم عليه، وسأله عما أنزله إلى قاع البحر، فقال الشاب "يا نبي الله، تريد أن أحدثك بقصتي؟" أجاب سليمان "نعم". فبدأ الشاي يروي "كان لي أب مقعد، ووالدة عمياء، أقمت في خدمتهما سبعين سنة، فلما حضرت والدتي الوفاة سألت الله أن يطيل حياتي في طاعته، ولما احتضر والدي قال على سرير الموت "اللهم استخدم ابني في مكان لا يكون للشيطان فيه عليه سبيل". وذات يوم خرجت أريد النزهة، فجئت إلى ساحل هذا البحر ووجدت قبة عظيمة دفعني فضولي لادخلها وأنظر ما فيها، وما كدت أعبر الباب حتى احتملها ملك من الملائكة وأنزلها في قاع هذا البحر كما رأيت، وذلك في زمان إبراهيم عليه السلام". وحسب سليمان التاريخ فوجد له حتى تلك اللحظة إلفين وأربعمائة سنة، وعجب لكون الرجل لم يشب، بل إنه لم يزل في ريعان الشباب، وسأله عن طعامه وشرابه في البحر، فأجابه "يا نبي الله، يأتيني كل يوم أخضر، في منقاره شيء أصفر مثل رأس الإنسان، فآكله وأجد فيه طعم كل نعيم في دار الدنيا، ويذهب عني الجوع والعطش والحر والبرد والنوم والوحشة" فسأله "أتحب أن تكون معنا أم ترجع إلى موضعك؟" فأجاب الشاب "بل ردني إلى موضعي يا نبي الله" فيأمر سليمان آصف برده إلى مكانه، ويتفكر في فضل بر الوالدين وأثر دعائهما."

من أساطير الأولين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

دفاعا عن الحرية وليس "المعسل"

فواجع الهجرة السرية

مقالات ذات صلة