مغاربة القدس... قصة حارة الشرفاء 1 مؤرخون: الأيوبي اعتمد في جيشه على المغاربة بشكل كبير تنتشر أبواب ومعالم تاريخية كثيرة بالقدس بفلسطين، لكن يعتبر «باب المغاربة» أشهرهم، بل إن المقدسيين يكنون له احتراما استثنائيا، بالنظر إلى تاريخ إحداثه. سنسرد خلال هذه الحلقات تاريخ هذا الباب، ولماذا سمي باسم المغاربة، والسبب الذي جعل المقدسيين خاصة والفلسطينيين عامة، يولونه تلك الأهمية الكبيرة، ويطلقون عليه تسميات كثيرة، مثل «باب الشرفاء» و»باب العزة». إلى جانب المقدسيين، فإن تاريخ «باب المغاربة»، جعل مسلمين من دول المنطقة، الذين تطوعوا للدفاع عن القدس في عهد الفاطميين، يكنون احتراما وتقديرا خاصين للمغاربة، الذين قطعوا مسافات طويلة لنصرة الأقصى والمدينة المقدسة. ياسين قطيب اعتبرت القدس الوجهة المفضلة لدى المسلمين في سنوات خلت، إذ كان الجميع يزورها بفخر، من الشرق والغرب، وفي مواسم الحج والعمرة، وكان الولوج إليها سهلا، عكس ما يقع اليوم من صعوبات وإجراءات معقدة. ورغم بعد المسافة، فإن المغاربة والأفارقة، كانوا يقطعون مسافات طويلة بغية الوصول لهذه المدينة المقدسة، والصلاة في المسجد الأقصى، وهو ما جعل القدس مدينة عالمية، بثقافات مختلفة وتقاليد متنوعة، بل إن كتبا تاريخية، تتحدث عن أن أئمة من المغرب ومصر، صلوا بالمسلمين بالمسجد الأقصى. في المغرب، كان الاهتمام بزيارة القدس كبيرا، وكان يعتبر فخرا، وكأنه حج، بل إن الأئمة والشيوخ، شجعوا المغاربة وسكان الأندلس على زيارة المسجد الأقصى والمدينة المقدسة، بشكل مستمر. مع توالي زيارات المغاربة، بات لهم مكان خاص واستثنائي بالمدينة، وكانوا يستقرون في حي بعينه، وهو اليوم يملك أحد أبوابه، اسمه، «باب المغاربة». أصر المغاربة آنذاك على إبراز ثقافتهم بالمدينة المقدسة، ومدى تعلقهم بالقدس ومعالمها ومرافقها التاريخية. تعود بداية هجرة المغاربة للقدس، والشرق عامة، إلى عهد الفاطميين. في بداية توسع الدولة الفاطمية، نقل القادة عددا من المغاربة والمصريين إلى القدس، إلى درجة أن عددهم بات أكبر بكثير. سبقت هذه الحقبة، دخول الصليبيين إلى المدينة، إذ حكموها بالحديد والنار، طيلة 90 سنة، بعد حروب دموية. بعد تلك السنوات، أتى صلاح الدين الأيوبي، بجيش ضخم، كان له الفضل في تحرير المدينة، بعد حصار طويل وحروب كبيرة، إذ أكدت كتب أن الأيوبي اعتمد في جيشه على المغاربة بشكل كبير، الذين هاجروا في تلك السنوات إلى مصر والقدس، إلى جانب متطوعين من الشام والعراق. بعد تحرير المدينة المقدسة، طلب الأيوبي من الذين حاربوا معه، البقاء في المدينة والدفاع عنها، متوقعا أن تحدث محاولات أخرى لاختراقها، ما دفع عدد كبيرا من المغاربة للعيش فيها، وبناء أحياء بكاملها. تقدير استثنائي تقول كتب التاريخ إن احترام الأيوبي للمغاربة كان كبيرا، إذ كان لا يرفض لهم طلبا، وكان يعتبرهم سكان القدس الأوفياء، بل اختار بعضهم مستشارين له وفقهاء وأئمة، وتجارا رفيعين لإنعاش التجارة والاقتصاد في المدينة. وعلى غرار الأيوبي، فإن كثيرين من المتطوعين في الحرب، والذين أتوا من مصر والعراق والشام، كانوا يولون احتراما كبيرا للمغاربة، الذين قطعوا مسافات طويلة من أجل نصرة القدس، بل قرروا المكوث فيها، تاركين أهاليهم بالمغرب والأندلس. هي قصص مازالت تروى إلى اليوم بالقدس، وهو السبب الذي يدفع المقدسيين إلى تقدير استثنائي للمغاربة، خاصة الذين يزورون المدينة المقدسة، بل يعتبرون أن «باب المغاربة» شاهد على تاريخ مجيد، صنعه المسلمون عامة في المدينة. يصفه الفلسطينيون بـ «باب العزة» أو «باب المجد»، ويصفون المغاربة الذين قطنوا ذلك الحي في بدايته بـ «الشرفاء» و»الشهداء» و»المحاربين الأوفياء».