قتلى جرائم وحوادث سير ومنتحرون وغرقى ينقلون قسرا إلى مشرحة الرحمة بالبيضاء استبشر أهل دكالة خيرا بعد أن زف لهم الحسين الوردي، وزير الصحة الأسبق، في 2013، نبأ انتهاء الأشغال بالمستشفى الجديد محمد الخامس بأرض الحمراء، وكلف الوزارة 40 مليارا، والذي وصفه بأنه من الجيل الجديد للمستشفيات العمومية ببلادنا، وساد الاعتقاد لحظتها أن معاناة سكان إقليمي الجديدة وسيدي بنور، ولت دون رجعة، لكن ذلك كان مجرد حلم راودهم قبل أن يستفيقوا، على أن قتلى دكالة في جرائم وحوادث سير ومنتحرين وغرقى، يستمر نقل جثامينهم نحو مشرحة مقبرة الرحمة بالبيضاء، في رحلة عذاب مكلفة زمنيا وماديا. إنجاز: عبد الله غيتومي (الجديدة) يكاد مطلب إحالة جثامين من قبل النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالجديدة ، على خبرة التشريح الطبي، مستمرا وبدون توقف، بالنظر لحاجة هذه النيابة لرفع كل لبس، في العديد من قضايا الموت التي لا تتم بشكل طبيعي، ويقتصر في الحصول على رخص دفنها ، فقط على فحص طبي من أطباء تابعين إلى الجماعات، أو آخرين من المستشفى الإقليمي ذاته. ارتفاع عدد الضحايا يرتبط تنامي عدد عمليات التشريح بارتفاع في عدد جرائم القتل لأسباب مختلفة بدكالة ، والتي وصلت سقف ثلاث جرائم قتل في الشهر ، في رقم يبدو غير طبيعي نستدل عليه أخيرا، بوقوع سبع جرائم قتل خلال الشهرين الأخيرين، موزعة على جماعات مولاي عبد الله وسيدي عابد وأولاد احسين وأولاد رحمون وقبل يومين بجماعة بني تسيريس. ويشغل الانتحار صف المطاردة بحالات وصلت خمسين حالة في السنة ، مست جميع الأعمار ضمنهم قاصرون كانوا يتابعون دراستهم. وترفع حوادث السير معدلات القتلى خاصة على الطريق بين الجديدة وسيدي إسماعيل ، والطريق الوطنية بين الجديدة والبيضاء، وبين الجديدة والوليدية، وفي كثير من الحوادث تطلب خبرة التشريح لدرء أي تأويلات من ذوي الضحايا ، تخص فعلا جنائيا سابقا للحادثة، إضافة إلى ضحايا الغرق في البحر بالجديدة وفي قنوات الري بتراب سيدي بنور. الوجهة مقبرة الرحمة كان التشريح الطبي في السابق بالجديدة يستعان فيه بأطباء من داخل المستشفى، لكن عدة شكايات من ذوي ضحايا طعنت في خبراتهم ، وأضحت قضايا رائجة أمام محاكم الجديدة ، ما استدعى تعيين طبيبة متخصصة في الطب الشرعي ، وهو تخصص يشكو ندرة المتخصصين فيه ببلادنا، والذي كانت بداياته الأولى مع سعيد الواهلية الذي غادر أرض الوطن. وأمام الكم الهائل للجثامين موضوع طلب خبرة بالتشريح، زيادة على مجهولي الهوية ، بدا الأمر خارج طاقتها، ما دفع إلى تحويل عدد كبير منها نحو مشرحة الرحمة بالبيضاء، وهو تحويل يفرض مصاريف بنزين السيارات الناقلة لها والتي لم تعد ميزانية الجماعات قادرة عليها، إضافة إلى أعباء لا حصر لها تنوء بها عائلات الضحايا. اجتهاد لم يصادف النجاح أصبح سكان دكالة لا يتمنون موتا غير طبيعي، مساء الجمعة من كل أسبوع، على خلفية أنه إن حدث فعلا ، فالجثة تبقى مجمدة في قمطرات مستودع الأموات طيلة نهاية الأسبوع، ولا يفرج عنها إلا صباح الاثنين الموالي، لأن الطبيبة الشرعية تنهي عملها مساء كل جمعة، ولا يتم العمل بالمداومة في مستودع أموات الجديدة، لعدم توفر طبيب شرعي آخر. وأمام غضب المواطنين الذين يعانون عدم توفر "الشباك الوحيد» المتخصص في استصدار وثائق تسلم الجثامين بقصد دفنها، والذي يجمع مصالح الأمن والمحكمة والمستشفى، اضطر جلال أصباغي، المندوب الإقليمي لوزارة الصحة بالجديدة، إلى بعث لائحة بأسماء أطباء لهم عدة تخصصات، بمن فيهم أطباء الأذن والعيون، إلى الوكيل العام للملك قبل سنة، يقترحهم للمداومة على عملية التشريح، وهو ما كان موضوع رفض وطعن منهم على خلفية أنهم غير متخصصين في الطب الشرعي، ولأن خبرات التشريح تظل تحت طائلة الطعن بالزور من قبل أغيار، ما قد يعرضهم فعلا للمساءلة القانونية وترتيب الجزاءات عليهم. للمتتبعين رأي آخر أكد متتبعون أن المادة 46 من القانون الداخلي للمستشفيات العمومية، تمنع عليها استقبال جثامين بمستودعات أموات تابعة لها، إلا في حال لم تكن المدينة تتوفر على مستودع للأموات، وتبقى الجديدة استثناء في القاعدة فهي تضع جثامينها و جثامين إقليم سيدي بنور بحكم تبعيته للدائرة القضائية لاستئنافية الجديدة، بمستودع محمد الخامس، رغم أن البلدية في 1982، عهد المرحوم محمد أرسلان الجديدي، بنت مستودعا للأموات قرب القصر الحالي للعدالة، دون أن يتم تشغيله منذ ما يزيد عن 40 سنة ، إذ من شأن تجديد ثلاجاته وقمطراته والتي رصدت لها وزارة الداخلية أزيد من 350 مليون سنتيم لإعادة تأهيله، وأيضا إخضاع جميع أطباء المكاتب الصحية التابعة للجماعات الترابية ، إلى دورات تكوينية في خبرات التشريح الطبي ، تبني نظام مناوبة في خدمة التشريح الطبي ، وفي ذلك إنهاء لمشوار طويل لمعاناة مواطني الجديدة وسيدي بنور مع معضلة التشريح.