تجاوزت 40 درجة في مراكش وفاس ومدن داخلية والشواطئ والجبال والنافورات ملاذ المكتوين بلهيبها تجاوزت درجة الحرارة، خلال الأيام الأخيرة، الأربعين درجة في مجموعة من المدن، من بينها مراكش وفاس، ما جعل سكانها يعيشون معاناة حقيقية اضطروا معها إلى تغيير نمط عيشهم، والاقتصار على الخروج ليلا أو التوجه إلى المناطق الجبلية بحثا عن نسيم عليل يخفف من لهيبها، فيما وجد آخرون في النافورات ضالتهم، أو توافدوا بالآلاف على الشواطئ. البحـر مـلاذ البيضاوييـن سكان المدينة يفقدون أعصابهم في بداية الصيف وأمواج من البشر تتوجه إليه "غادي نموتو حنا بالصهد مع ولادنا"، تتأفف المرأة التي تقف في الممر الضيق لعيادة طبيب الأطفال، ثم تطلب من الممرضة وراء مكتب صغير، فتح النوافذ، أو تشغيل المكيف على الأقل. "سيري تجلسي أشريفة، وصبري، معندناش الكليم، سيري تسناي نوبتك"، تجبيها الممرضة، دون أن ترفع رأسها على سجل تدون فيه معلومات عن المرضى. تتأفق المرأة ذات الأربعين سنة من جديد، وتعقد ما بين حاجبيها، ثم تنطلق مثل رشاش "واش هادي كابيني د طبيب ولا حمام..غادي نموتو هنا بالصهد وريحة العرق والبول د الدراري، وغادي نمرضو بالفيروسات، حشومة عليكم، على الأقل حلي غير الباب والشراجم". تنهمك الممرضة في أشغالها، وتسود جلبة في قاعة الانتظار والممر، بينما استعانت نساء بالدفاتر الصحية لأطفالهن، واستعملنها على شكل مروحات صغيرة، لتلطيف الجو. محرار الحرارة في العيادة تجاوز 35 درجة، بينما تصل الحرارة في الخارج إلى 30، كانت كافية في مدينة مثل البيضاء، أن تحول أعصاب المواطنين إلى حطام. فلا يمكن مقارنة صهد العاصمة الاقتصادية بمدن ومناطق أخرى، لوجود شريط بحري يمتد على مئات الأمتار من حدود زناتة إلى تخوم جماعة دار بوعزة يلعب دور المكيف الكبير، لكن سكان المدينة لهم حاسة استشعار قوية لأي تغير في درجات الحرارة مهما كاف طفيفا. وينضم ارتفاع الحرارة بالبيضاء إلى عوامل أخرى، تشكل مجتمعة عناصر وجبة ملتهبة، إذ تتحالف أشعة الشمس، مع لهيب محركات آلاف السيارات والعربات والشاحنات التي تتحرك دون توقف على مدار الساعة. وعكس سكان المناطق الأخرى، يستهلك البيضاويون خزان الصبر بسرعة قياسية ويصبحون على "نقشة"، إذ يصعب أن تتحدث إلى أحدهم في أجواء مشابهة، دون أن يذكرك بالجحيم القادم من السماء. ولا تشعر أن سكان المدينة عادوا إلى رشدهم، إلا قرب البحر وعلى حافة الشواطئ الممتدة من سيدي البرنوصي إلى ضريح سيدي عبد الرحمان، إذ بدأ الصيف مبكرا في هذا المكان، خصوصا في خلال نهاية الأسبوع. ويشكل البحر متنفسا حقيقيا لسكان المدينة، في غياب فضاءات أخرى، خصوصا الحدائق والمساحات الخضراء، إذ لا يكفي الموجود منها، وهو معدود على أطراف الأصابع، في استقبال آلاف العائلات بجميع أفرادها الهاربين من الحر. يوسف الساكت