دعوة إلى التخطيط الجيد أثناء صياغة المقرر الوزاري لتفادي الهدر المدرسي بقلم: اسماعيل الحلوتي مما لا ريب فيه أن ذاكرة المغاربة ستظل تحتفظ طويلا بالحدث الرياضي البارز، الذي احتضنه المركب الرياضي محمد الخامس بالبيضاء، مساء الثلاثاء 29 مارس 2022، حين استطاع المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم الذي سبق له تحقيق التعادل الإيجابي ضد نظيره الكونغولي في مقابلة الذهاب بنتيجة (1/1) يوم الجمعة 25 مارس 2022 في ملعب الشهداء بكينشاسا، أن ينتزع بطاقة العبور إلى كأس العالم (قطر 22) بتغلبه في مقابلة الإياب بحصة (4/1)، وهي المقابلة الحاسمة التي عرفت إقبالا جماهيريا قياسيا، إذ تقاطرت الجماهير على المركب الرياضي من كل المدن وحتى من خارج الوطن، والأهم من ذلك أنه بمجرد إعلان الحكم عن نهايتها وقبل خروج المغاربة للاحتفال بالتأهل في الشوارع، أجرى ملك البلاد محمد السادس اتصالا هاتفيا مباشرا مع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، والناخب الوطني الصربي وحيد خاليلوزيتش وعميد المنتخب المغربي رومان سايس، معربا لهم عن تهانئه الحارة للاعبين والطاقم التقني والإداري على ما بذلوه من قصارى جهودهم وتحقيق إنجاز كروي متميز. بيد أنه، خلافا لما اعتادت عليه الجماهير الرياضية في مختلف بقاع الأرض من أن بطولة كأس العالم تجري خلال فترة الصيف ما بين ماي ويوليوز، فإن النسخة 22 من بطولة كأس العالم، ستكون أول نسخة تقام في الوطن العربي فوق تراب دولة قطر الشقيقة. وهي كذلك النسخة السابعة والأخيرة من النسخ التي يشارك فيها 32 منتخبا ومن ضمنها المنتخبات العربية المغرب وتونس والسعودية إلى جانب منتخب البلد المنظم القطري. إذ سيتم توسيع هذه البطولة لتشمل 48 منتخبا في النسخة المقبلة، والمقرر تنظيمها بصفة مشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك وكندا في 2026. وأنه بالنظر إلى ما تعرفه دولة قطر المنظمة لبطولة كأس العالم 22 من حرارة مفرطة خلال فصل الصيف، الذي يتعذر معه إجراء المباريات الرياضية في ظروف مريحة وضمان حضور جماهيري بنفس الكثافة المعهودة في النسخ السالفة، ورغبة من كبار المسؤولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم في إنجاح هذه النسخة، تم الاتفاق مع البلد المنظم على أن يتم إرجاء البطولة هذه المرة إلى فصل الشتاء في الفترة الممتدة ما بين 21 نونبر 2022 و18 دجنبر 2022. فكان من الطبيعي أن تضطر دولة قطر إلى التفكير في إعادة تنظيم الدخول المدرسي بشكل استثنائي، ويستقر الرأي على تغيير مواعيد انطلاقه، إذ أن وزارة التربية والتعليم العالي أعلنت عن إجراء تعديلات على التقويم السنوي للمؤسسات التعليمية برسم السنة الدراسية 2022/2023، من خلال الإعلان عن دخول الأساتذة يوم 14 غشت 2022 على أن يأتي التحاق المتعلمين والانطلاق الفعلي للدراسة يوم 16 من الشهر ذاته، وجرى تقديم امتحانات منتصف العام الدراسي إلى بداية نونبر، فيما تقررت بداية عطلة منتصف الموسم الدراسي الجديد في 20 نونبر ونهايتها في 22 دجنبر، أي ابتداء من مساء انطلاق بطولة كأس العالم وانتهاء باليوم الموالي للمقابلة النهائية. فهل يحذو المغرب حذو دولة قطر في تكييف المقرر الوزاري لتنظيم السنة الدراسية 2022/2023 مع البرنامج العام لبطولة كأس العالم؟ وبوضعنا مثل هذا السؤال الاستنكاري خلال حديثنا عن بطولة كأس العالم في نسختها الجديدة وتوقيتها غير المعتاد والمتزامن مع الدخول المدرسي القادم، فإننا يقينا لا نريد التقليل من شأن المسؤولين، خاصة القائمين منهم على الشأن التربوي ببلادنا، وإنما نسعى فقط إلى التنبيه لضرورة اتخاذ ما يكفي من الاحتياطات اللازمة، تفاديا للارتجال والتخبط وعدم تكرار الأخطاء والهفوات نفسها التي عرفتها عدة أحداث سابقة، حتى لا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام آفة هدر الزمن المدرسي التي ما انفك تلامذتنا يعانونها. والدعوة إلى التفكير من الآن ونحن على بعد حوالي سبعة شهور من انطلاق أكبر تظاهرة رياضية عالمية في كرة القدم، في التخطيط الجيد خلال صياغة المقرر الوزاري المتعلق بتنظيم الموسم الدراسي... فلطالما عانى تلامذتنا في جميع المستويات الدراسية من هدر الزمن المدرسي، مما فوت عليهم عملية الفهم والتحصيل، ليس فقط بسبب الإضرابات المتوالية، خاصة منها تلك المتعلقة بالمتعاقدين، الذين مازالت الوزارة الوصية عاجزة عن اتخاذ قرار حازم من منطلق أن مصلحة التلاميذ فوق كل اعتبار، ولا بسبب الأساتذة المدمنين على الغياب برخص أو دونها، ولا بسبب نقص الموارد البشرية أو تعذر تعويض بعض الأساتذة في رخص ولادة وغيرها، بل جراء حدوث بعض الطوارئ أو الأزمات، ولنا خير مثال على ذلك في ما حدث من تخبط حول أيهما الأنسب: "التعليم الحضوري" أو "التعليم عن بعد" على إثر تفشي جائحة "كوفيد 19"؟ فضلا عما خلفه ترسيم الساعة الإضافية من ارتباك على مستوى بناء وإعادة بناء استعمالات الزمن وجداول الحصص في أكثر من مرة... نتمنى صادقين أن يكون المسؤولون على الشأن التربوي كما الشأن التربوي، قد استخلصوا العبرة من تجارب السنوات الماضية، وأن تأتي مشاركة المنتخب الوطني في بطولة كأس العالم قطر 22 أحسن من سابقاتها وفي مستوى تطلعات الجماهير المغربية، وأن يتم الحرص الشديد على التنظيم الجيد والمحكم للدخول المدرسي المقبل، بعيدا عن الارتجال والتخبط، حفاظا على مصلحة التلاميذ.