أسس جمعية للعناية بأطفال القمر ويحلم بإنقاذ كل طفل يعيش في العتمة مهما كانت المثبطات والتحديات لم يحتج الشاب أحمد زينون، غير إرادة فولاذية تسلح بها لزرع بذور الأمل في نفوس أحبطها مرض جفاف الجلد المصطبغ. آمن بنبل رسالته ورسم خارطة طريق محكمة لمسار العناية بفئة تؤرقها الأشعة فوق البنفسجية وتسبب لها حساسية مفرطة، لا يهتدي محيطها لوسائل تقيها شر عذاب يومي وحدها العالمة بحجم ألمه في نفوسهم. 144 طفل قمر وضع على عاتقه العناية بهم والتخفيف عنهم وطأة الألم وتجنيبهم خطر الإصابة بأورام سرطانية، في مبادرة جمعوية رائدة قادته لأعلى رتب الشهرة، سيما بعد تتويجه بجائزة صانع الأمل الأول في الوطن العربي في المسابقة المنظمة بالإمارات تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة وحاكم دبي. "صوت القمر" جمعية أسسها بفاس قبل 6 سنوات، لتكون صرخة مدوية أطلقها أملا في حشد الدعم والمساندة اللازمة ممن تخفق قلوبهم بالرأفة والحنان، لتوفير بيئة سليمة وآمنة لهؤلاء الأطفال المحتاجين لالتفاتات مماثلة أينما وجدوا وحلوا وارتحلوا، ما لم يكن سهل المنال لولا صموده وثباته على الموقف وتسلحه بسلاح التحدي والحلم. توفير الحماية اللازمة، حلم سعى إليه أحمد منذ أول خطوة خطاها في درب العناية بهذه الفئة التي قد لا يحسن المجتمع التعامل معها، في غياب الوعي والرغبة في اكتشاف حلول التخفيف عنهم. لذلك سعى ودون كلل أو ملل لتوفير أقنعة واقية من الأشعة فوق البنفسجية والكريمات، جزء من وسائل عناية يثبتها الدعم النفسي اللازم. قصته مع أطفال القمر، بدأت من لحظة وقعت فيها عيناه على صورة طفلة فقدت ملامحها كاملة بسبب هذا المرض، في مشهد لم يعتبره لقطة عابرة في دوامة حياة مظلمة، بل انحفر في عقله وألم فؤاده، واعتبره إشارة لتحرك عاجل لا يحتمل التأجيل لإيجاد خيط ولو رفيع لمساعدة أمثالها كي لا يكون مصيرهم من مصيرها نفسه. "لم أتجاهل تلك الصورة ولم أنسها. شعرت حينما عاينتها أن الواجب يفرض علي التدخل قدر المستطاع وأن أفعل شيئا ولو بسيطا ليعيش هؤلاء الأطفال حياتهم الطبيعية دون خوف أو مضاعفات رغم ظروفهم الصحية الصعبة"، يقول أحمد مختصرا انطلاقته في تقديم الدعم والرعاية للأطفال المصابين بمرض جفاف الجلد المصطبغ. نبت الحلم في ذاكرته وخفق القلب لفكرة بلورها تدريجيا وعبر مراحل، آملا نجاحا في مهمة ورسالة وجهود قد تمكنهم من استعادة دفء حياتهم واستئنافها بعيدا عن خطر الشمس، بتوفير مستلزمات طبية وأقنعة واقية من تلك الأشعة الفتاكة بأجسادهم، ونظارات خاصة تساعدهم على التنقل بأمان نهارا ودون خوف من الخطر. لم يهتم أحمد فقط بالجانب الطبي في رعايته بأطفال القمر، بل حرص بكل ما أوتي من آليات ووسائل لفك العزلة عنهم وتكسير جدار الخوف وإدماجهم اجتماعيا في مبادرات نجحت في إرجاع الكثير منهم إلى مقاعد الدراسة وممارسة يومياتهم بشكل عاد ودون خجل أو خوف من تفاعلهم ومشاركتهم في أنشطة ترفيهية وتعليمية. طريق الأمل وتحقيق الحلم، لم يكن يسير المنال في بدايته، لكنه تحقق ورفع اسمه بين صانعي الأمل عربيا، وهو المؤمن بلا جدوى تحديات "لا ولن تعيقني في أداء الرسالة، بل أعتبرها محفزا لمواصلة العمل الشاق" يقول زينون، مؤكدا أن حلمه كبير لا يقف عند هذا العدد من الأطفال المعتنى بهم من قبل جمعية بمدينة فاس. ويضيف "أطمح أن نصل إلى كل طفل يعاني بسبب هذا المرض، حلمنا أن نمنحه فرصة للعيش بأمان وكرامة"، معلنا تطلعه لتوسيع رقعة دعم الفئة لتكون شاملة لكل الوطن المغربي والعربي، حلم وأمل ليسا مجرد شعور وإحساس، بل "رغبة قد تتحقق بالفعل المستمر والجهد الصادق والإيمان بقدرة الإنسانية على تجاوز كل التحديات". إنقاذ كل طفل يعيش في العتمة بسبب هذا المرض النادر، حلم يتطلع إليه الجمعوي أحمد زينون، متعهدا بمواصلة الطريق مهما كانت المشاق والمثبطات والعثرات، بعدما وضع نصب عينيه، "سأعمل وأواصل العمل كي لا يبقى أي طفل حبيس الظلام"، شعارا يحتاج تفعيله لوضع أيدي الغيورين في يديه، لتحقيق النجاح الكامل. حميد الأبيض (فاس)