كعيبة: المغرب استثنائي والجزائر لا تهمنا
المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية قال إن التطبيع يشمل الشعب والمواطنين والجميع مستفيد منه
اعتبر حسن كعيبة، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، أن العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، كاملة ولا تشوبها شائبة، رغم عدم تقديم مدير مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، أوراق اعتماده رسميا بصفته سفيرا وعدم استقباله من قبل الملك محمد السادس، مثلما جرت به الأعراف و”البروتوكول”، والدليل، حسب قوله، الاتفاقيات الهامة التي وقعها الجانبان. وقال كعيبة، في حوار خص به “الصباح”، أثناء زيارة أخيرة إلى المغرب، إن التطبيع مع المغرب مختلف، نظرا لوجود مليون ونصف مليون يهودي من أصول مغربية، مقيمين في إسرائيل، متشبثين بجذورهم وبملوكهم، إلى جانب أن العلاقة بين المملكة والدولة العبرية لم تعرف نزاعات أو عداوة مباشرة. وتحدث كعيبة، في الحوار نفسه، عن مقتل صحافية “الجزيرة” شيرين أبو عاقلة وعن الاشتباكات في المسجد الأقصى وعن “حماس” والجزائر وغيرها من المواضيع التي تجدون تفاصيلها في ما يلي:
أجرت الحوار: نورا الفواري/ تصوير: أحمد جرفي
< إسرائيل تعتبر دافيد غوفرين سفيرها في المغرب، والشيء نفسه يمكن قوله بالنسبة إلى السفير المغربي عبد الرحيم بيوض. صحيح أنه لم يتم استقباله من قبل جلالة الملك ولا قدم أوراق اعتماده بشكل رسمي، لكنه، حسب علمي، يمارس صلاحياته ، كاملة سفيرا، حسب الاتفاق الذي تم بين وزيري الخارجيتين المغربي والإسرائيلي حين تم تعيين منسقي مكتبي الاتصال بالرباط وتل أبيب. ومن المنتظر أن يتم هذا التعيين بشكل رسمي مباشرة بعد الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، إلى دولة إسرائيل، قريبا، والتي سيتم خلالها اعتماد أوراق السفيرين من الجانبين. عدا ذلك، الزيارات التي قام بها العديد من الوزراء الإسرائيليين إلى المغرب، والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها، خير دليل على علاقة دبلوماسية كاملة بين الدولتين.
< هناك اختلاف فعلا. وهذا ليس سرا. سبق لإسرائيل أن وقعت اتفاقيات سلام أو تطبيع مع مصر والأردن أيام الرئيس السادات والملك حسين، لكنه تطبيع ظل حكرا على النخبة والحكومات، ولم يشمل فعاليات المجتمع المدني والمواطن البسيط. كان ذلك خطأ تعلمته دولة إسرائيل وتفادته في اتفاقياتها الجديدة للسلام. يظل المغرب استثنائيا، فنظرا لبعده الجغرافي عن المنطقة، لم تكن بينه وبين إسرائيل أي نزاعات تذكر، ولا أي عداوة مباشرة، رغم أن المملكة كانت ملتزمة بالقومية العربية ومنضمة إلى الجامعة العربية ولديها تضامن عاطفي مع القضية الفلسطينية. لقد فطن المغرب، وغيره من البلدان التي وقعت ما يعرف باتفاقات أبراهام، إلى أن الفلسطينيين أنفسهم مطبعون مع الإسرائيليين وبينهم علاقات و”حبايب”.
< لا نعتبر في إسرائيل أن الأمر مع المغرب يتعلق بتطبيع، بل بتجديد للعلاقات، التي لم تنقطع يوما بيننا، والتي يجب أن تظل مستمرة دائما، لأكثر من سبب يطول شرحه، علما أن هناك مليون ونصف يهودي من أصل مغربي يقيمون في إسرائيل. وهؤلاء اليهود المغاربة متشبثون كثيرا بجذورهم وأصولهم وملوكهم الذين يقدسونهم، بدءا من الراحل محمد الخامس والمغفور له الملك الحسن الثاني، وصولا إلى الملك محمد السادس. إضافة إلى ذلك، ما زال العديد من اليهود، رغم قلتهم، يعيشون في المملكة ولديهم رؤساء طوائف وعلاقات مع المجتمع المدني، عكس بلدان أخرى في المنطقة. وهذا لديه دلالاته.
السلام الذي أقامته إسرائيل مع المغرب، ليس مع الملك والحكومة فحسب، بل مع الشعب والمجتمع. الاتفاقيات التي تم توقيعها بين البلدين، والتي تشمل العديد من المجالات الزراعية والعسكرية والتكنولوجية… سيستفيد منها الجميع، حكومة ومواطنين. الشيء نفسه بالنسبة إلى الرحلات المباشرة… هذه هي ثروات السلام.
< الجميع مستفيد. وعلى رأسهم المواطن، سواء في إسرائيل، أو في غيرها من البلدان المطبّعة. المصلحة ليست فقط في التطبيع الزراعي والأمني والتكنولوجي والثقافي والتربوي، بل هناك مصالح أخرى مشتركة أتحفظ عن ذكرها.
< تم الاتفاق قبل شهر، على إعفاء الدبلوماسيين من الدولتين، من التأشيرة. بالنسبة إلى المواطنين الإسرائيليين الراغبين في زيارة المغرب، عليهم التوجه بطلباتهم إلى مكتب الاتصال المغربي. أما المغاربة، الراغبون في زيارة إسرائيل، فعليهم التوجه بطلباتهم إلى شركة مغربية خاصة، يوجد مقرها في حي السويسي بالرباط، التي تتكلف بإحالة الطلبات إلى السفارة للبت فيها، بعد تسلم جميع الوثائق المطلوبة للحصول على “الفيزا”، مثلما هو معمول به في جميع دول العالم. هذه الشركة، التي تقدمت وفازت في مناقصة دولية، لديها موقع على الأنترنت (إسرائيل فيزا موروكو).
< تم إعفاء المواطنين الإماراتيين من التأشيرة، نظرا لمستويات المعيشة والدخل العالية التي يتوفرون عليها، علما أن الإعفاء يخص فقط أبناء البلد الأصليين، وليس الهنود أو الباكستانيون أو الجنسيات الأخرى المقيمة على أرض الإمارات.
< أتذكر أن وزيرا جزائريا صرح أثناء الانتخابات الرئاسية التي عرفتها الجزائر أن إسرائيل تتدخل في انتخاب رئيس الدولة المقبل، وأنها تدعم مرشحا لصالح آخر، وأن غرفة العمليات الحقيقية لطبخ الانتخابات توجد في تل أبيب… وهي التصريحات التي أجبت عنها في حينها، صحافيا جزائريا، وقلت إن على الجزائر أن تهتم بإنقاذ شبابها الذي يرمي بنفسه في البحر بحثا عن آفاق أخرى للعيش. وأعتقد أن التصريح لم يعجب المسؤولين هناك، وتم سجن الصحافي الذي نقله مدة سنة تقريبا. ما أريد قوله هو أن الجزائر لا تهم إسرائيل في شيء.
للأسف، حكام بعض البلدان العربية والإسلامية يستعملون شماعة إسرائيل ليعلقوا عليها فشلهم، ويوظفونها أداة لتجييش الشعوب والتغطية على المشاكل الحقيقية التي يعانيها المواطنون. وأعتقد أن الشعوب اليوم أصبحت على وعي كبير بما يقع، خاصة في ظل الانتشار الكبير للأنترنت ولمواقع التواصل الاجتماعي.
لا مصلحة لنا في استهداف شيرين أبو عاقلة
< القيادة في إسرائيل عبرت عن أسفها لمقتل شيرين أبو عاقلة. يهمنا أيضا معرفة الحقيقة ومن أين جاءت الرصاصة التي قتلت شيرين. لذلك، طلب وزير الدفاع الإسرائيلي ورئيس الحكومة وكبار المسؤولين من السلطة الفلسطينية القيام بتحقيق مشترك، لكن الفلسطينيين رفضوا للأسف الشديد. طلبنا أيضا تشريح الجثة في المستشفى في رام الله، بوجود أطباء من الجانبين، لمعرفة مصدر الرصاصة لكن طلبنا قوبل بالرفض مرة أخرى. الجانب الفلسطيني رفض رفضا باتا أي مشاركة في التحقيق من قبل الإسرائيليين. على الرأي العام العربي أن يعرف أن جنين، حيث وقعت الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل شيرين، من بين أخطر المدن الموجودة في الضفة الغربية. وهي تعرف العديد من العمليات العسكرية في السنوات الماضية، لاعتقال إرهابيين فلسطينيين، كانت من بينها عملية إطلاق النار من الجانبين، التي راحت ضحيتها شيرين.
أبو عاقلة، التي أعرفها شخصيا، تعمل في قناة “الجزيرة” منذ 25 سنة، فلماذا لم تقتلها إسرائيل من قبل؟ ولماذا ستستهدفها اليوم؟ ليس هناك أي سبب لذلك. على الرأي العام العربي والإسلامي أن يفهم أيضا أن الإعلام في إسرائيل حر ولا توجد قيود على عمل الصحافة. يوجد لدينا مراسلون من العديد من القنوات العربية والأجنبية، وليس فقط من “الجزيرة”. لدينا حرية صحافة ولدينا ديمقراطية. قناة “الجزيرة” مثلا يمكن أن تبث بشكل مباشر من إسرائيل، رغم أن خطابها تحريضي وتوظف عبارات مثل “جيش الاحتلال” و”حكومة الاحتلال الغاشم” وعاصمة إسرائيل القدس…رغم أن الأمر يتعلق بدولة إسرائيل، وعاصمتها تل أبيب. هذا النوع من التجييش لا يهمنا بقدر ما تهمنا جدا أن تكون لدينا حرية صحافة.
< الصورة غير واضحة تماما. قبل انطلاق الجنازة، زار قائد الشرطة الإسرائيلية بالقدس بيت العائلة في بيت حنينا، وهي مدينة إسرائيلية تقع شرقي القدس، واتفق معها، لدواع أمنية، عن مسار الجنازة والطريق الذي ستأخذه وجميع التفاصيل الأخرى… لكن للأسف، دخلت جهات سياسية على الخط، استغلت حدث تشييع الجثمان لأغراض سياسية مثلما استغلت شهر رمضان لتأجيج الشعوب الإسلامية.
علاقات “من تحت الطاولة”
<< ما هي البلدان التي ستلتحق بركب التطبيع قريبا؟
هناك بلدان كثيرة مبرمجة في المرحلة الثانية من اتفاقيات التطبيع، لكن لا أستطيع الكشف عن أسمائها. هناك علاقات موجودة "من تحت الطاولة"، وهناك بلدان تنتظر ما ستسفر عنه اتفاقات أبراهام قبل الالتحاق بالركب. كل ما يمكنني قوله، هو إن هناك دولتين إسلاميتين ستدخلان دائرة السلام قبل آخر السنة الحالية.
< لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال. لدينا علاقات جيدة مع فعاليات المجتمع المدني في السعودية، وعرب إسرائيل مسموح لهم بالحج، وهناك توجه لصالح السلام.
< أولا، نتمنى الشفاء العاجل للملك سلمان. قد تتغير الأمور. هذا جائز مع حكم شبابي. هناك إمكانية.
معنيون بحماية الأقصى أكثر من الفلسطينيين
< تقع كل يوم مشاغبات في الباحة. قبل رمضان، كان يسود نوع من الهدوء، قبل أن يتأجج الوضع، رغم أننا لم نقم بأي شيء استثنائي، ورغم أن الأمور ظلت على ما كانت عليه. لم نغير شيئا ولم نحرك الأقصى من مكانه. هناك اتفاق بين الوقف الفلسطيني والسلطات الإسرائيلية والشرطة المسؤولة عن تأمين المكان، على أن تكون هناك زيارات للمسجد، لغير المسلمين، صباح كل يوم من السابعة إلى التاسعة. فأي عيب في ذلك؟ يتعلق الأمر بزيارات سياحية مثلما يقع لديكم في مسجد الحسن الثاني. الذي حدث ذلك اليوم، أن المواقف تغيرت، والسياسة تغيرت. الأقصى ليس ملكا للفلسطينيين، إنه ملك للإسلام ولكل مسلم في العالم. وأقولها وأكررها، إسرائيل معنية بحماية المسجد أكثر مما تحمي مقر رئاسة الحكومة أو مكتب رئيس الدولة، ومعنية بالحفاظ عليه أكثر من الفلسطينيين. عليكم أن تروا المناظر خلال شهر رمضان… هناك حجارة ومفرقعات نارية ومرابطون داخل المسجد… بدعوى حماية الأقصى. لكن السؤال المطروح، ماذا تفعل أعلام إيران وحماس والجهاد داخل المسجد؟ ماذا تفعل اللافتات التي ترفع كل صباح وكتب عليها “اذبحوا اليهود”… “حضروا السكين والبلطة”… إلى درجة أن عملية وقعت داخل المسجد استعملت فيها “البلطة” (على شاكلة فأس) وقتل خلالها أربعة مواطنين تقريبا، أبرياء لا ينتمون لا إلى يمين ولا إلى شمال… أليس هذا حراما؟ ألا يعتبر ذلك تحريضا؟
< تجديد السلام مع المغرب واتفاقيات أبراهام مع الخليج أثرت كثيرا على القضية الفلسطينية، وعلى “حماس” في غزة. لقد استنتج العرب أن لا شيء يمكن أن يقع بعد أكثر من سبعين سنة وأن لا وجود لقائد فلسطيني يوقع اتفاق سلام مع إسرائيل لإنهاء الوضع القائم. إيهود باراك أعطى ياسر عرفات 80 في المائة من الأراضي الفلسطينية، لكنه مات دون أن يقبل بها. أبو مازن كان صديقا لإيهود أولمرت ويزوره كل أسبوع في بيته، لكنه رفض التفاوض من أجل إنهاء القضية… لا أحد منهم يريد أن يموت والآخرون يعتبرونه “خائنا”، في حين أن المسألة لا علاقة لها بالخيانة.
“حماس” لا تهمها رفاهية الشعب
< “حماس” ليست منظمة عادية. إنها لم تأت من أجل رفاهية الشعب أو المواطن الفلسطيني، بل تخدم أجندات دينية معينة. إنها تطالب بإسرائيل كاملة لها وتقول إن اليهود ليس لديهم أي مكان في أرضهم، رغم أنهم موجودون في المنطقة منذ آلاف السنين، ولديهم أنبياؤهم، ورغم أنهم أهل كتاب. “حماس” جاءت بانقلاب على السلطة الفلسطينية وقامت بجرائم كثيرة ذهب ضحيتها فلسطينيون أولا. صحيح أن السلطة اليوم مقسمة إلى قسمين، لكن التنسيق يتم مع السلطة الفلسطينية التي تعتبرها إسرائيل مخاطبها الرسمي. لا يمكن التفاوض مع “حماس” لأنها منظمة إرهابية، وخطابها لا يخلو من عنف وتحريض وتخويف. كيف يمكن أن نتفاوض مع جهة تصرح أنه يجب رمي اليهود في البحر؟ كيف يمكن التعايش مع أشخاص من هذا النوع؟
في سطور
– المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية
– مواليد 1961 بقرية كعبية بشمال إسرائيل تقع بين حيفا والناصرة
– ينتمي إلى عائلة عربية من البدو وصلت المنطقة في 1936 قبل قيام الدولة العبرية
– حاصل على ماجستير وباكالوريوس في العلوم السياسية وتاريخ الشرق الأوسط
– اشتغل بجيش الدفاع الإسرائيلي مدة 25 سنة
– عمل قنصلا عاما بالإسكندرية مدة ثلاث سنوات ونصف
– كان مسؤولا عن قسم الإعلام والتواصل بالسفارة الإسرائيلية بالأردن