طالبت جماعة البيضاء بتعويض عن فسخ عقدها والقضية راجت بإدارية البيضاء تسارع شركة "مدينة بيس" الزمن لتبليغ حكم إداري، ضد الجماعة الحضرية للبيضاء، ومؤسسة التعاون بين الجماعات ووزارة الداخلية، وباقي الأطراف، قضي برفض الطلب، في موضوع الدعوى التي رفعتها، بسبب ما لحقها من أضرار إثر فسخ عقد التدبير المفوض للنقل الذي كان يجمع الشركة ومجلس مدينة البيضاء. وانتهى فصل من فصول مطالب الشركة التي حاولت إلصاق سوء تدبيرها للمرفق واهتراء أسطولها والحرائق المتكررة لحافلاتها، بالجماعة الحضرية التي لم توفر لها ممرات خاصة بالحافلات وكثرة الحفر والمنافسة غير المشروعة بالسماح لحافلات أخرى بالاشتغال على الخطوط المربحة للمدينة المليونية، وأخيرا، انطلاق "الطرامواي" الذي عد منافسا قويا في مجال النقل الحضري بالبيضاء.... إنجاز: المصطفى صفر - تصوير: عبد اللطيف مفيق انطلقت القصة عندما أعلن عبد العزيز العماري، عمدة البيضاء السابق، عن إنهاء عقد شركة مدينة بيس، لأسباب منها أن الشركة لم تستثمر في القطاع، ولم تغط جميع الخطوط المتفق عليها، وغير ذلك من المشاكل التي يعرفها النقل بالبيضاء، وأدرج نقطة فسخه في جدول أعمال اجتماع مؤسسة التعاون بين جماعات البيضاء، لتتم المصادقة عليها بالإجماع، سيما بعد الاقتناع بعدم قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها المدونة بعقد التدبير المفوض، والتي كان لزوما أن تنطلق في 2006، تاريخ حصولها على عقد الامتياز في مجال النقل بالعاصمة الاقتصادية. فسخ أحادي الجانب شددت الشركة منذ البداية على أن الفسخ أحادي الجانب، يخل بالتزامات الجماعة، كما أعادت كرة الانتقاد إلى الجماعة الحضرية معلنة أنها لم تلتزم بدورها بالوفاء بالتزاماتها، من قبيل وضع ممرات خاصة بالحافلات، ومنع شركات أخرى للنقل من منافستها ومنحها مسارات ذات مردودية، في الوقت الذي احتفظت فيه "مدينة بيس" بتأمين خطوط طويلة وعديمة الجدوى، وكذا الأضرار التي تسببها لها حوادث شغب مباريات كرة القدم، من تكسير وتخريب للحافلات، ناهيك عن تشغيل خطوط "طرامواي" التي عدت منافسا غير متوقع، أثر سلبا على رقم المعاملات والمردودية.... اللجوء للقضاء الإداري بادرت الشركة في 28 غشت 2018، إلى وضع مقال الدعوى بالمحكمة تطالب فيه بالحكم على جماعة البيضاء بأن تؤدي لفائدتها تعويضا مسبقا قدره مليون درهم، والأمر تمهيديا بإجراء خبرة لبيان العوامل التي أدت إلى الخسائر اللاحقة بالشركة خلال المدة ما بين 01/11/2004 و31/12/2015، نتيجة عدم احترام الجماعة لالتزاماتها مع حفظ حقها في تقديم مطالبها النهائية بعد الخبرة وجعل الصائر على المدعى عليها. وهو ما استجابت له المحكمة في حكم تمهيدي قضى بإجراء خبرة انتهت إلى تحديد مبلغ التعويض عن الخسائر اللاحقة بشركة "مدينة بيس" في 4.340.814.000,00 درهم. وتتمسك الشركة المدعية بمجموعة من الإخلالات المنسوبة إلى الجماعة، ضمنها أنها لم تنل الامتياز الحصري لتدبير قطاع النقل بالبيضاء، ولم توفر لها الجماعة ممرات خاصة بالحافلات، وتعرض الحافلات والمستخدمين لعمليات التخريب والاعتداءات الجسدية، واعتمدت خبرة سابقة لمكتب دراسات منتدب، من قبل وزارة الداخلية والجماعة لتحديد قيمة الخسائر، التي تعرضت لها الشركة، منذ فاتح نونبر 2004 إلى غاية متم دجنبر 2015. وأمرت المحكمة الإدارية، بإجراء خبرة انتهت إلى أن قيمة الخسائر، التي لحقت "مدينة بيس"، هي 405 ملايير، أي ناقص حوالي 29 مليارا، وبعد ذلك التمست الجماعة التصريح بعدم قبول الطلب، سيما أن مرفق النقل العمومي بالبيضاء، أصبح يدار من قبل مؤسسة التعاون بين الجماعات، وفي الآن نفسه طالبت الجماعة بتغريم الشركة لإخلالها بالتزاماتها. واسترسلت إجراءات الدعوى بأن أمرت المحكمة بإجراء خبرتين، الأولى حددت مبلغ الخسائر في 350 مليارا، والثانية، في 172 مليارا، ورغم اختلاف الخبيرين في تقدير الخسائر، فإنهما اتفقا على عدم فرض غرامات التأخير على الشركة لعدم احترام الجماعة لالتزاماتها. جماعة أو جماعات من ضمن الدفوع التي أثارتها شركة "مدينة بيس" أن الدعوى وجهت ضد غير ذي صفة، لأن جماعة البيضاء، هي واحدة فقط من أعضاء السلطة المفوضة، على اعتبار أن عقد التدبير المفوض تضمن مجموعة من الجماعات بلغ عددها 11 جماعة، وبالتالي كان ينبغي توجيه الدعوى ضد مؤسسة التعاون بين جماعات البيضاء إلا أنه بعد تفحص المحكمة لما جاء في هذا الدفع تبين لها أن عقد التدبير المفوض المبرم بين الطرفين تضمن تعهد عدة جماعات بصفة مشتركة بالتزامات غير قابلة للانضمام، لعدم تحديد التزام كل واحدة منها بصفة مستقلة عن الأخرى، وإعمالا لقواعد التضامن المقرر في قانون الالتزامات والعقود، فإن مطالبة أحد المدينين تكون صحيحة، ولا تمنع من مطالبة باقي المدينين طبقا لمقتضيات الفصل 182 منه، والتي تنص على أنه إذا تحمل عدة أشخاص بالتزام غير قابل للانضمام، التزم كل منهم بالدين بتمامه. حيثيات المحكمة وبعد سلسلة من الجلسات، أصدرت المحكمة حكما برفض الطلب، وجاءت حيثياتها مؤيدة للحكم مجيبة عن كل الدفوع المثارة، إذ أكدت أنه بعد دراسة المحكمة لكافة معطيات القضية تبين لها في ما يخص طلب الذعائر والغرامات التي تقدمت بها الجماعة ومؤسسة التعاون بين الجماعات والمنصوص عليها في الفصل 46 من عقد التدبير المفوض، فإن المحكمة ناقشت ذلك أثناء إجابتها عن الطلب المضاد، مؤكدة، أن لا حاجة إلى الأمر بأي خبرة بخصوص تحديد القيمة الحقيقية لتلك الذعائر والغرامات. وتقدمت المتدخلة في الدعوى "مؤسسة التعاون بين الجماعات البيضاء وجماعة البيضاء" بواسطة نائبيهما، بطلب مضاد التمستا فيه الحكم على الشركة المدعية بأن تؤدي لفائدتهما مبلغ 22.532.064,00 درهما عن الذعائر والغرامات المنصوص عليها في المادة 46 من عقد التدبير المفوض. وحيث أجابت الشركة المدعية (المدعى عليها في المقال المضاد) مؤكدة أنها لا تربطها أي علاقة مع المتدخلة في الدعوى وفضلا عن ذلك فإن هذه الأخيرة لم تحدد الفترة الزمنية المستحقة عنها هذه الذعائر ملتمسة التصريح برفض الطلب. وحيث إنه بعد تفحص المحكمة لما جاء في هذا الطلب تبين لها حقا وكما جاء في جواب الشركة المدعية أن جماعة البيضاء لم تدل بما يفيد أنها وجهت إنذارا إلى الشركة المذكورة من أجل تنفيذ التزاماتها على الوجه المطلوب، وحسب ما تم الاتفاق عليه في عقد التدبير المفوض وذلك أثناء سريان مدة العقد وبالتالي لا يحق لها المطالبة بتلك الفوائد والغرامات بعد فسخ العقد. وحيث إنه مادام الأمر كذلك يبقى الطلب المضاد غير ذي أساس قانوني ومنطقي سليم، مما يتعين معه التصريح برفضه مع إبقاء صائره على رافعته. وبخصوص عدم جودة الخدمة المقدمة للمرتفقين، وتوفير التجهيزات ووسائل إخبار الجمهور ونظافة المحطات وعدم اقتناء الحافلات الجديدة وضعف الاستثمار في مجال البنية التحتية وأداء مبالغ مستحقة، فإن المحكمة ترى أن كل هذه الطلبات المرتبطة بالخروقات المنسوبة إلى الشركة المدعى عليها، كان ينبغي أن تكون محل محاضر تنجز من قبل لجنة التتبع المنصوص عليها في عقد التدبير المفوض وتوجه بشأنها إنذارات إلى الشركة المذكورة قبل الإقدام على فسخ العقد. ومادام الأمر كذلك يبقى طلب المدعية غير ذي أساس قانوني ومنطقي سليم مما يتعين معه التصريح برفضه مع إبقاء الصائر على رافعته. القاعدة 1- مادامت الالتزامات المنصوص عليها في عقد التدبير المفوض ملزمة لطرفيه، فإن أي نزاع بشأنها تحكمه بنود العقد المذكور وليس القواعد العامة المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود، على اعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين والأطراف على ما تعاقدوا عليه. 2- إن خصوصية عقد التدبير المفوض وطبيعته الإدارية بما تفرضه من التزامات خاصة على الشركة المفوض لها والتي يفترض فيها دراسة الجدوى من توليها تدبير مرفق النقل الحضري بالبيضاء بإكراهاته الواقعية والعملية، وبالتالي لا تكون السلطة المفوضة ضامنة لتحقيق هامش الربح المرتقب. 3- مادام التعويض الذي تطالب به الشركة المفوض لها قد أسسه الخبراء على رقم معاملات مرتقب، قد يتحقق وقد لا يتحقق، فإن ذلك لا يكون مبررا إلا في الحالة التي تكون فيها الشركة المذكورة هي التي بادرت إلى طلب فسخ عقد التدبير المفوض بعد أن تكون قد أوفت بجميع التزاماتها.