fbpx
ملف الصباح

أسعار المعيشة … الأسر: “لينا الله”

يسود الارتباك الأسر المغربية، بسبب الارتفاع المتزايد في أسعار المواد الأساسية، آخرها المحروقات التي وصلت أسعارها إلى رقم قايسي غير مسبوق. هذه الزيادة وضعت الأسر في المحك، فأغلبها غير قادر على مسايرتها، سيما بعد تجربة مريرة خلال جائحة كورونا، دفعتها إلى إنفاق قسم كبير من مدخراتها، لتجد نفسها أمام خيارين، أحلاهما مر، استنزاف ما تبقى من المدخرات لمسايرة غلاء المعيشة أو الاقتراض.

ودق علي بوطيبة أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط، ناقوس الخطر، في حال لم تتبن الحكومة تدابير لمواجهة الزيادات الصاروخية في الأسعار، إذ حسب قوله فإن الأمر، يهدد السلم الاجتماعي وقد يؤدي إلى احتقان كبير، بحكم أن المغاربة يتسامحون مع أي شيء، إلا المس بأمنهم الغذائي.

وكشف الخبير الاقتصادي أن دول العالم تتبنى نظامين اقتصاديين، الأول ليبرالي صرف يعتمد على منطق السوق وقانون العرض والطلب، إلا أن الدول التي تتبنى هذا النظام، من قبيل الولايات المتحدة الأمريكية، يحظى فيها مواطنوها بمستوى معيشي متميز، ساهم فيه تشبعهم بثقافة المبادرات الفردية، لهذا لا يؤثر عليهم ارتفاع الأسعار من عدمها، أما النظام الثاني، يضيف الخبير، فتتدخل فيه الدولة سواء كليا أو جزئيا، للتحكم في الأسعار للحفاظ على المستوى المعيشي لمواطنيها، كما الأمر في الدول الإسكندنافية.

إلا أن المغرب، كما الأمر لدول شمال إفريقيا ودول إفريقية، حاول تبني سياسة السوق في تحديد الأسعار، لكن أهمل الاهتام بالمستوى المعيشي للمواطنين، الذي يعاني أغلبهم الهشاشة والفقر، والنتيجة ارتفاع في مستوى الجريمة والهجرة والشعور بالإقصاء والتمييز. ونبه الخبير الاقتصادي إلى أن المسؤولية تكليف وليست تشريفا، وأن على المسؤولين البحث عن حلول لتجاوز الأزمة، في حين كشف الواقع أن الحكومة الحالية يتزعمها رجال أعمال، يسعون للتطبيق الحرفي للفكر الليبرالي، يؤمن فقط بمنطق السوق، رغم أن المغرب دولة اجتماعية، تعتمد على التكافل بين جميع مكوناتها، وتولي اهتماما كبيرا للفئات الهشة والفقيرة، وبالتالي لا يمكن تحقيق هذه القفزة، أي الانتقال من الدولة الاجتماعية إلى الليبرالية، بين ليلة وضحاها، أولا لأن الأمر يتعلق بفلسفة نظام سياسي، وثانيا إلزامية توفير شروط خاصة، منها تحسين المستوى المعيشي للمواطنين وتهيئتهم اقتصاديا وثقافيا وفكريا لمواجهة تقلبات السوق ثقافيا، وإلا سنضطر مستقبلا، يشدد الخبير الاقتصادي، على إغلاق الوزارات المختصة مستقبلا، وترك أسواق شهيرة بالمغرب للتحكم في أسعار المواد الأساسية.

وأكد بوطيبة أن أمام المواطنين لمواجهة هذه الظرفية الحساسة خيارين، الاستعانة بالمدخرات لتغطية العجز في الإنفاق بسبب ارتفاع الأسعار، أو اللجوء إلى البنوك من أجل الحصول على قروض لتغطية حاجيات الأسر، إلا أن الحل الثاني، يؤكد الخبير الاقتصادي، سيكون صعب المنال، بعدما تبنت بعض البنوك سياسة متشددة في منح القروض في الفترة الأخيرة، بسبب عجز مواطنين عن تسديد أقساط قروض استفادوا منها في فترات سابقة، لهذا على الحكومة التدخل في القريب العاجل لتصحيح هذه الاختلالات.

مصطفى لطفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.