المغـرب بـات أكثـر أمنـا

شيخ السلفية السابق رفيقي قال إن بعض الشيوخ أصبحوا أكثر تطرفا ويؤصلون للعنف والكراهية في خطاباتهم يتحفظ محمد عبد الوهاب رفيقي، "شيخ السلفية" السابق، على سؤال المراجعات التي قام بها بعض شيوخ هذا التيار، بعد أحداث 16 ماي الإرهابية. يقول، في اتصال مع "الصباح"، إن ما يعرف إعلاميا ب"شيوخ السلفية" ليسوا على فكرة واحدة، ولا يدعون جميعا أنهم قاموا بمراجعات، مضيفا أن من تتبع مسارات بعض الأسماء المعروفة، سيجد أنها مسارات مختلفة اختلافا كليا. فإذا تعلق الأمر مثلا بحسن الكتاني أو عمر الحدوشي، فهما ينفيان، جملة وتفصيلا، مراجعتهما لأي أمر من أفكارهما السابقة، وقد عبّرا عن ذلك مرارا وتكرارا وقالا إن موضوع المراجعات لا يعنيهما لأن ليس لديهما ما يراجعانه ولأنهما لا يزالان على الأفكار نفسها. وهما يقصدان بذلك الأفكار المتطرفة التي كانا يحملانها قبل أحداث 16 ماي. بنية التطرف قائمة واعتبر رفيقي، المعروف سابقا ب"أبو حفص"، أن بعض هؤلاء الشيوخ، لم يستمروا فقط على الخطاب نفسه، بل تجاوزوه أحيانا وأصبحوا أكثر تطرفا مما كان عليه الأمر في السجن. وأعطى النموذج بحسن الكتاني، قائلا، في الاتصال نفسه " بحكم معرفتي الدقيقة به وقربي منه، أستطيع القول إن خطابه اليوم أكثر تطرفا. إنه خطاب يبني للعنف داخل المجتمع. إنه عنف لفظي له تداعياته لدى العديد من الشباب، لما يحمله من شحن وإذكاء للعواطف الدينية وتحريك لمشاعر الكراهية والعدوان نحو المخالفين لآرائه ومواقفه". وأضاف "بعض هذه المراجعات لم تكن تراجعا ولم تكن نبذا حقيقيا لبنية التطرف ولا خروجا منها، وإن ظهر في بعض المواقف أنها نوع من المراجعة أو من تصحيح الأخطاء، فهي لا تعدو بعض المواقف المتعلقة بالعلاقة مع الدولة، أو المتعلقة بالموقف من الحركات المتطرفة والعنيفة مثل داعش. ولكن بنية التطرف ما زالت قائمة وذهنية العدوان نحو الآخر وكراهية الآخر ووصف الآخر بالأوصاف التحريضية ما زالت موجودة إلى اليوم ولم يتغير منها شيء". خطابات تقسم المغاربة وفي حديثه عن نفسه، باعتباره رمزا من رموز السلفية بالمغرب، قال رفيقي: "يمكن أن أقول إنني، على خلاف هذه المسارات، بنيت لنفسي مسارا معينا واجتهدت فيه لتأسيس قناعات جديدة وأصلت فيه لرؤية وقراءة جديدة للتدين وانفتحت أكثر ما أستطيع على مختلف التيارات والاتجاهات وحاربت كل خطابات الكراهية والعدوان مع أي فرد أو طائفة. لكن أساس هذه المراجعات كانت معرفية بالأساس، سواء تعلق الأمر بالقراءة والمطالعة أو حب الاكتشاف والتعمق في أسس المعرفة وتاريخها، وهو ما كان سببا في أن أصل إلى أفكار وقناعات تجعلني اليوم منسجما مع ذاتي ومع المجتمع ومع التوجهات العامة للدولة. ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك على خطابي داخل وسائل التواصل الاجتماعي، وأن أجد له أثرا في نفوس كثير من الشباب الذين يراسلونني ويحدثونني، إذ يعبر كثير منهم عن تغيره وتغير مسار حياته بفضل ما أنشره من أفكار اليوم. وأضاف "بغض النظر عن أنني أتحدث عن نفسي، إلا أنه بكل موضوعية، أعتقد أن حالتي هي حالة استثنائية لا يمكن القياس عليها. وللأسف الشديد، وددت لو أن الناس سلكوا هذا المسلك. للأسف ما زالت خطابات بعض هؤلاء الشيوخ، تتبنى العنف وتقسم المغاربة إلى طوائف وتشحن الكثير من العداوة والبغضاء". المقاربة الأمنية لا تكفي وفي رده على سؤال "الصباح" حول إن كانت المقاربة الأمنية كافية لاجتثات جذور الإرهاب والتطرف من المجتمع، أوضح رفيقي أنها، رغم نجاحها، وتفوقها، باعتراف حتى الدول الأجنبية التي أصبحت اليوم تستعين بالخبراء الأمنيين المغاربة، إلا أن العمل الأمني غير كاف لاجتثات منابع التطرف وثقافة الإرهاب وتجفيف منابعها، إذ لا بد من مقاربة فكرية وثقافية وفنية وسياسية واجتماعية واقتصادية، تتجه جميعها نحو القضاء على الظاهرة ومعالجة كل الإشكالات التي تتسبب في ظهورها، مشيرا إلى أن لكل مسؤوليته، سواء الدولة بإشرافها على جهاز التعليم وعلى المشهد الثقافي بتوفرها على إعلام مهم وعلى الأدوات التي تجعلها قادرة على اجتثات هذا الفكر، أو على الأقل التقليل من أخطاره إلى حد بعيد، أو المجتمع المدني والمثقفون والنخبة، الذين لهم أيضا دور في توعية المجتمع بمخاطر هذه الآفة وبأضرارها والقيام بدور التوعية والتحسيس، بما يمثله الإرهاب من خطر على الفرد وعلى الجماعة. مغرب ما بعد 2003 أفضل أما بخصوص تقييمه اليوم لما حدث في 16 ماي، فأجاب رفيقي قائلا "بكل ما خلفه الحادث الإرهابي من ألم ومن أضرار وخسائر وقتلى، وما تركه من أثر نفسي سيء في قلوب المغاربة، إلا أنه كان في الوقت نفسه المنبه الذي دق ناقوس الخطر أمام المغاربة مجتمعا ودولة، من أجل إعادة النظر في السياسات السابقة، سواء في ما يتعلق بالحقل الديني، الذي أعيد ترتيبه وأعيدت هيكلته وتكثيف مراقبة فضاءاته و الناشطين والفاعلين فيه، حصلت تغيرات أيضا تتعلق بالتطور الهائل والكبير الذي عرفه جهاز الأمن، حتى أصبح يضرب به المثل على المستوى الدولي بعد هذه الأحداث. وأضاف رفيقي، في الاتصال نفسه مع "الصباح": صحيح وقعت بعض التجاوزات الأمنية، لكني أعتقد، بكل موضوعية، رغم أنني تعرضت للاعتقال وسجنت بعد هذه الأحداث مدة 9 سنوات، أن مغرب ما بعد 2003 هو أفضل بكثير من مغرب ما قبل هذا التاريخ، خصوصا في تعاطيه مع هذه الظاهرة وتعامله معها، مما يجعلنا اليوم في مغرب مستقر مطمئن آمن". نورا الفواري

المغـرب بـات أكثـر أمنـا

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خطة القضاء على أحزمة البؤس

المصالحة بالسجون... تهذيب المتطرفين

مقالات ذات صلة