الصباح الفني

بنعبد السلام … صاحب “القفشات”

لم يدرس في دار الحديث الحسنية ولا تعلم قواعد الفقه وبدأ حياته نجارا

لا أحد ينكر أن الداعية رضوان بنعبد السلام، بلكنته الشمالية، وطريقته في الحديث، استقطب مئات الآلاف من المستمعين لاستعانته بالدعابة وهو يخطب في الناس في حفلات الأعراس، وفي الفضاءات العمومية، وفي مواقع التواصل الاجتماعي.
وبدا الرجل واثقا من نفسه، وهو يفسر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ويتفاعل مع أسئلة المواطنين في شؤون تهم العبادات والمعاملات، رغم أنه لم يدرس في دار الحديث الحسنية، ولم يتعلم قواعد الفقه في شعبة الدراسات الإسلامية في الجامعة.
ورغم عصامية الرجل استطاع أن يحقق شهرة في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ حبب إلى روادها الإسلام السمح من زاوية تيسير الأمور عليهم، مبتعدا غالبا عن القضايا الخلافية التي تثير ضجة بسبب الآراء المختلفة للمذاهب.

والداعية بنعبد السلام، اشتغل في النجارة وغادر المغرب في سن 19 سنة إلى إسبانيا، حسب ما صرح به مرارا لوسائل الإعلام، وفي هذا البلد المنفتح عاش حياته بشكل عاد ببرشلونة، ثم حضر تجمعا دينيا رفقة شخص نصحه بذلك، فتأثر بتلك الدروس الدينية، التي واظب على حضورها إلى أن أصبح مهووسا بشراء الكتب الدينية، والاطلاع عليها، والنهل منها، والاستماع إلى خطب وتفسيرات العلماء على أشرطة صوتية، ليل نهار، فتكونت لديه معرفة دينية، ثم اعتمد على فكرة الاجتهاد الذاتي لمساعدة الناس على تجاوز محنهم، بل فتح له المجال للإمامة في صلاة الجمعة بأحد المساجد ببرشلونة، بعد قضاء الإمام الرسمي عطلة شهر ببلده المغرب.

وبفضل صراحته وروح الدعابة لديه، استطاع التطواني بنعبد السلام، رسم ملامح مفهوم جديد للدعوة الإسلامية على مواقع التواصل الاجتماعي. سره في ذلك، الحديث بطريقة بسيطة عن المسائل الدينية في مداخلاته، عبر إعلان شعار الحب في الزواج، والعيش بالحب والمحبة، وتفادي الخصومات، وأخذ الأمور بيسر بعيدا عن الصراع.

واستطاع بنعبد السلام جلب آلاف المعجبين، الذين يستمعون لخطبته اللصيقة بواقع الشباب فينفجرون ضحكا، إذ يصر على أن تصل موعظته لغايتها والهدف المحدد لها، ما جعله يتمكن من ملء الفراغ الذي تركه علماء الدين، خريجو دار الحديث الحسنية، والجامعات، بسبب عدم معرفتهم بمعنى التواصل مع المواطنين، لأنهم يكثرون من الكلام، ويقدمون أمثالا كثيرة من وقائع الماضي، بالاستناد إلى عشرات الأحاديث وذكر أسماء من كان شاهدا عليها، فيتيه المستمع وتضيع الموعظة من خلال تكرار الوقائع، وخلط المواضيع.

وبنعبد السلام فهم القصد من الموعظة الدينية التي وجب تقديمها بشكل مبسط لمن يطلبها، مع استعمال القفشات، والدعابة، والمزاح لكي لا يثقل على المستمعين، لذلك حقق تواصلا مع الناس وخبر تعطشهم لمعرفة ما يقوله الدين عن الزواج والحب، وعن العمل، وعن سرقة ” الويفي” هل حلال أم حرام؟ وعن الزواج المختلط.

وواصل الداعية بنعبد السلام، هوايته المفضلة في إثارة الجدل، وهذه المرة اختار موضوعا حساسا طالما تحفظ كثير من العلماء والدعاة عن الخوض فيه، هو علاقات الجماع بين الزوج وزوجته، ليتحدث عنها ويثير الضحك، وقدم النصح لعدد من الفنانين الذين أعجبوا بشخصيته المرحة، إلى درجة أن بعض المتابعين له نصحوه بالمشاركة في مهرجان الضحك.

ولم يسلم الداعية من انتقادات كثيرة وجهت له لأنه ليس فقيها في الدين، خاصة أثناء تفاعله مع أسئلة المواطنين، في “فيسبوك” وعلى “إنستغرام”، ما جعله يصطدم بردود فعل كادت إحداها تجره إلى المحاكم، بعدما شبه المدارس المغربية بدور الدعارة ل”تفشي الفساد وترك المدرسة وظيفتها التربوية السابقة في التعلم والتكوين وتهذيب السلوك والأخلاق”، حسب قوله.

أحمد الأرقام


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.