الجامعة المغربية وكأس العالم: ندوة بتطوان ترسم معالم الشراكة بين التكوين والتنمية

احتضنت كلية العلوم بتطوان، صباح اليوم (الأربعاء)، ندوة علمية حول موضوع: “الجامعة المغربية: أية مساهمة في كأس العالم 2030..؟”، من تنظيم جمعية المدينة بشراكة مع الكلية، بمشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين، في إطار التفكير الاستراتيجي في سبيل انخراط الجامعة في التحضيرات الجارية لاستضافة المملكة المغربية لكأس العالم 2030 المنظم إلى جانب كل من إسبانيا والبرتغال.
الجامعة المغربية أمام رهانات وطنية كبرى
في مداخلة تحليلية، سلط الدكتور محمد السوعلي، الباحث في القانون العام الاقتصادي، الضوء على الأبعاد المتعددة لتنظيم المغرب لكأس العالم 2030، معتبرا إياه “حدثا استثنائيا يشكل لحظة مفصلية في مسار التنمية الوطنية وفرصة استراتيجية لتثمين الرأسمال البشري والمعرفي المغربي”.
وأوضح السوعلي أن الجامعة المغربية، بما تتوفر عليه من طاقات شبابية، ومختبرات بحث، وشبكات أكاديمية واسعة، مدعوة للاضطلاع بدور ريادي، ليس فقط في التكوين التقني والميداني، بل أيضا في تأطير النقاش العمومي، وابتكار الحلول الرقمية، وتحليل الأثر المجتمعي للحدث.
وأبرز المتحدث ذاته الحاجة إلى ربط استراتيجي بين التكوين الجامعي والرهانات الوطنية الكبرى، من خلال إدماج مسالك مهنية موجهة، وتوجيه مشاريع البحث الأكاديمي نحو قضايا مرتبطة بتنظيم المونديال، مثل الأمن السيبراني، المدن الذكية، والاقتصاد الرياضي.
دروس من تجارب دولية
توقّف الدكتور السوعلي عند تجارب عدة دول سبق لها تنظيم كأس العالم، من بينها إسبانيا (1982)، جنوب إفريقيا (2010)، البرازيل (2014)، روسيا (2018)، وقطر (2022)، مبرزا أن تهميش الجامعة، كما حصل في البرازيل، يؤدي إلى تقويض الشرعية المجتمعية للمشروع، في حين أن إدماجها، كما في قطر، يحوّلها إلى رافعة للابتكار والإشعاع المعرفي.
ودعا إلى اعتبار الجامعة شريكا في تأطير المتطوعين، وإنتاج المعرفة التطبيقية، وتسخير بنياتها اللوجستيكية، خصوصا في المدن الكبرى مثل: الرباط، فاس، طنجة، ومراكش، في مواكبة التنظيم.
من الشهادة إلى الكفاءة
في الجانب التطبيقي، أوصى السوعلي بإحداث دبلومات قصيرة مرتبطة بتنظيم الفعاليات الكبرى، وبناء منظومة تطوع جامعية مؤطرة وطنيا، وتوثيق التجربة الأكاديمية المواكبة للمونديال، بما يُمكن من تحويل هذا الحدث من لحظة ظرفية إلى محطة تأسيسية لنموذج جامعي تنموي جديد.
وأشار إلى أن من بين المكاسب المتوقعة لهذا الانخراط، تعزيز فرص إدماج الشباب في سوق الشغل، وتحقيق نقلة نوعية في أنماط التكوين، وتدويل صورة الجامعة المغربية، شريطة معالجة عدد من التحديات مثل ضعف التنسيق المؤسساتي ومحدودية التمويل الأكاديمي.
عميد كلية العلوم: فخر وطني وآفاق استراتيجية
من جهته، أكد الدكتور مصطفى ستيتو، عميد كلية العلوم بتطوان، أن استضافة المغرب لكأس العالم 2030 يُعد ثمرة للرؤية الملكية السديدة التي أعلنها جلالة الملك محمد السادس، في 14 مارس 2023، كخطوة طموحة لترسيخ مكانة المغرب إقليميا ودوليا، وتعزيز أدوار الرياضة في خدمة التنمية.
واعتبر “ستيتو” أن التحديات المرتبطة بهذا الحدث العالمي تفتح آفاقًا واسعة أمام الجامعة المغربية للمساهمة في تطوير البنية التحتية الرياضية، وتحفيز السياحة، والترويج للموهبة المغربية، خاصة في مجالات الرياضة والتكنولوجيا والخدمات.
كما نوه بالروح التعاونية التي يحملها التنظيم المشترك مع إسبانيا والبرتغال، معتبرا إياه نموذجا راقيا للتعاون الإقليمي والثقافي، يمكن أن ينعكس إيجابا على مستوى التكوين الجامعي والشراكات الدولية.
نداء لتفعيل الشراكة المؤسساتية
في ختام الندوة، أجمع المتدخلون على أن الجامعة المغربية أمام فرصة تاريخية لتأكيد أدوارها المجتمعية والتنموية، من خلال مساهمة فعلية ومؤسساتية في إنجاح كأس العالم 2030، سواء عبر التكوين، أو الابتكار، أو التحليل والتقييم.
وتم التأكيد على ضرورة إنشاء آليات تنسيق وطنية تضم وزارة التعليم العالي، اللجنة المنظمة، ومؤسسات البحث الجامعي، لتعبئة الطاقات الأكاديمية والطلابية على امتداد السنوات الخمس المقبلة، وجعل الجامعة المغربية فاعلاً رئيسياً لا مجرد طرف تابع في هذا المشروع الوطني الكبير.
يوسف الجوهري(تطوان)