المنتوج الوظيفي مجال مهم لإبراز جدلية الحقوق والواجبات في إطار العلاقة بين الطرفين لا يخفي محمد بنعليلو، وسيط المملكة، أن التحدي الأكبر الذي يواجه المؤسسة هو العمل على بلورة تحول فعلي في علاقة المواطن بالإدارة، بما يضمن كرامته ويلمس من خلاله الأثر الإيجابي في حياته الارتفاقية اليومية، وبما يضمن حقوقه الدستورية في مجالات الصحة والتعليم والسكن وغيرها، على اعتبار أن جودة الخدمات الإدارية لا يمكن قياسها بما يسن من قوانين، ولا بما يعلن عنه من برامج، ولا بحجم الأعمال المنجزة ولا حتى بقيمة الميزانيات المرصودة فقط، بل بما تحققه من شعور بالرضى والمساواة لدى المواطن، مما يستدعي استحضار معايير الجودة في كل خدمة. إنجاز: كريمة مصلي تتولى مؤسسة وسيط المملكة مهمة الدفاع عن الحقوق، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون، وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، ونشر قيم التخليق والشفافية، والسهر على تنمية تواصل فعال بين الأشخاص والإدارة، بالإضافة إلى أنها وسيلة مرنة وتوفيقية، ومبسطة للنظر في شكايات وتظلمات المرتفقين، في الحالات التي يتضررون فيها من تصرف إداري سواء كان قراراً، أو عملا، أو نشاطا، مخالفا للقانون، أو متسما بالتجاوز في استعمال السلطة أو منافيا لمبادئ العدل والإنصاف. إبداء الرأي تبدي المؤسسة الرأي في القضايا المعروضة عليها من قبل الإدارات المعنية، وتقديم المشورة بشأن المشاريع والبرامج التي تعدها الإدارات قصد تحسين أدائها، وإبداء الرأي في مشاريع القوانين، غير أنه تستثنى من ذلك التظلمات المتعلقة بالقضايا المعروضة على القضاء، والتظلمات الرامية إلى مراجعة الأحكام، والقضايا التي يوجب فيها القانون اللجوء إلى لجان مختصة قبل اللجوء إلى القضاء، بالإضافة إلى القضايا التي تدخل في اختصاص إحدى مؤسسات وهيآت حقوق الإنسان والنهوض بها، وكذلك هيآت الحكامة والتقنين المنصوص عليها في دستور المملكة (161 إلى 167). أعطاب الإدارة يعتبر محمد بنعليلو أن المنتوج الوظيفي لمؤسسة الوسيط، هو مجال مهم لإبراز جدلية الحقوق والواجبات في إطار العلاقة بين المواطن والإدارة، يتجاوز مداها المفهوم القانوني المتصل بوظيفة مراقبة الأداء القانوني للإدارة (أيا كان وصف هذه الرقابة) من زاوية المشروعية، إلى مفهوم مراقبة تأثير أداء الإدارة على صورة المرفق العمومي وانعكاس ذلك على إدراك المواطن لهذه القيم من زاوية العدل والإنصاف. وأشار وسيط المملكة إلى أن خلاصات الاختلالات المرصودة أثناء معالجة الشكايات (بما فيها الإخلالات التمييزية)، تعتبر مؤشرات ميدانية دالة على أعطاب الإدارة التي تؤثر سلباً على منسوب القيم الحقوقية داخل المرفق العمومي، وبالتالي يجب أن يقتنع الجميع أن دور مؤسسة الوسيط في مجال دعم قيم المساواة ومناهضة التمييز داخل الفضاء العمومي، (مركزيا وجهويا) على درجة من الأهمية، إذا ما تم التعامل مع مخرجاتها على أنها مراجع موثوقة لأنواع الأعطاب التي تشكو منها الإدارة، ولصور وأنماط السلوك الماس بهذه المبادئ داخلها، ومرصدا مؤسساتيا لمعطيات ومؤشرات إحصائية على درجة من الأهمية. وأشار الوسيط إلى أن تدبير ومعالجة التظلمات الواردة على المؤسسة، ليس مجرد عمل إداري روتيني فقط، بل هو آلية حقيقية لدعم قيم المساواة، وتطوير منظومة الحكامة، من خلال ما تقدمه من تصنيف حقوقي لمجموع التظلمات التي توصلت بها بالاستناد إلى مؤشرات لها علاقة بمختلف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وسائل الإعلام شريك أساسي يؤكد بنعليلو أن كسب رهان التفاعل الإيجابي مع التحولات الحقوقية التي يشهدها المغرب، يحتم بناء علاقات شراكة تجيب عن الانشغالات المشتركة، وتؤسس لثقافة إعلامية داعمة للتغيير المجتمعي ومؤثرة في متطلبات الإصلاح، عبر الدفاع والترافع، شكلا من أشكال المساهمة في تشكيل الرأي العام، حول مختلف القيم والمبادئ والمفاهيم التي تتضمنها مخرجات توصيات المؤسسة وتقاريرها. ولفت الوسيط الانتباه إلى أن الرهان معقود على نساء ورجال الصحافة والإعلام، في إطار أدوارهم الترافعية، للاشتغال على الجوانب المتعددة في خلاصات تقارير المؤسسة، لإتاحة المزيد من التداول، وبالتالي المزيد من الدعم في التعاطي مع القضايا التي تطرحها، أو حتى لممارسة نوع من الضغط الحضاري المنطقي من أجل دفع الإدارة إلى التعاطي بإيجابية مع توصيات المؤسسة ومقترحاتها. ونبه وسيط المملكة إلى أن أكبر التحديات التي تواجه عمل مؤسسة الوسيط، ليس هو إقناع الإدارة وصناع السياسات العمومية بالتجاوب مع تدخلات المؤسسة بل هو جعل الصحافيين والصحافيات يستشعرون الدور الدستوري للمؤسسة، وأنها ليست مجرد مُرَاقِبَةٍ، بل جهة رصد، وتوجيه، ومواكبة من أجل الوصول إلى الصواب في التدبير الإداري والدفاع عن قيم المساواة في أداء المرافق العمومية. انعدام الثقة "إن عدم تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهة الإدارة، انتهاك كبير لحق المواطنين في التقاضي، ويطرح التساؤل عريضا حول أي جدوى للتقاضي، والإدارة لا تنفذ ما يصدر في مواجهتها من أحكام أو تمعن في التماطل في التنفيذ"، بهذه الجملة وصف التقرير السنوي الأخير لمؤسسة الوسيط، ما ينسب إلى الإدارة من اختلالات في أدائها. واعتبر التقرير أن من بين الاختلالات التي تعصف بعلاقة المواطن مع الإدارة، تلك المتعلقة بإشكالات الامتناع عن تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهتها، وتلك المرتبطة بالعقار ووثائق التعمير، والتدبير المعلوماتي لبعض الإدارات، وإشكالات مرتبطة بتدبير الاستقبال ببعض الإدارات، واعتبر التقرير أن استقبال المواطن والاهتمام بشؤونه رسالة بالغة الأهمية تتطلب رصيدا معرفيا حول صلاحيات الإدارة، وما يمكن أن يطرح حلولا آنية، وما يمكن أن يقدم كتوجيه وإرشاد يساهم في تفهم الإكراهات ويوضح محدودية الإمكانات، ومن بين الإشكالات المرصودة كذلك تلك المتعلقة بالإقرار بالمديونية والعجز عن الأداء، وأكد التقرير أنه من الصعب أن تجد الإدارة نفسها في عجز عن الوفاء بدين تقر به، وتتضرع بأن هناك أسبابا إجرائية حالت دون تسديده. الأهداف الفرعية للمخطط الإستراتيجي يقوم المخطط الإستراتيجي لمؤسسة وسيط المملكة على تجسيد منطق تخطيط تكاملي في مضمونه، مضبوط في محاوره الأساسية، تتم بلورته في ستة أهداف عملية، أولها تعزيز ضمانات الأمن الإداري عبر إيلاء مؤسسة الوسيط المكانة الجديرة بها، مؤسسة دستورية قائمة الذات، وممارسة صلاحياتها الكاملة سواء في مجال القيام بمساعي الوساطة والتوفيق، ورفع التوصية بالمتابعات القانونية، أو في ما يتعلق بالتعريف بدورها واختصاصاتها، مؤهلة للتفاعل مع المواطنين المتضررين، وللترافع من أجل حقوقهم العادلة على قاعدة الحوار البناء مع الإدارة والثقة المتبادلة بين المرفق والمرتفق. أما الهدف الثاني فهو تأهيل المؤسسة هيكليا وتنظيميا ومهنيا، من خلال إعادة النظر في واقع التنظيم الهيكلي للمصالح المركزية لمؤسسة الوسيط ومندوبياتها الجهوية وكذا اعتماد خارطة طريق وتنظيم إداري معقلنين، يستجيب لمتطلبات التفعيل الكامل للصلاحيات المخولة لهذه المؤسسة، كما جاء في التوجيهات الملكية السامية، في تناسق معا للنموذج التنموي الجديد ومتطلبات الجهوية المتقدمة. ويتمثل الهدف الثالث في الرفع من نجاعة الأداء، بنهج سياسة تدبيرية جديدة، تربط بين الأهداف والنتائج، أساسها جودة الخدمات وفعالية التدخلات، تقوم على مواكبة سقف انتظارات المواطنين والمرتفقين، من خلال التصدي لأسباب البطء وسوء فهم اختصاصات المؤسسة لدى المواطن، وتسهيل ولوج المتظلمين إليها عبر تنويع طرق استقبال التظلمات وتسريع وتيرة معالجتها. أما الهدف الرابع فيهم التعريف بالمؤسسة لدى المواطن، من خلال وضع برنامج تواصلي مضبوط للتعريف بالمؤسسة ومهامها وطرق ومجالات تدخلها، والتفاعل مع تطلعات المواطنين والمتضررين عبر مختلف اختصاصات المؤسسة. فيما يتمثل الهدف الخامس في تأهيل الموارد البشرية من خلال الاهتمام بالرأسمال اللامادي للمؤسسة تكوينا وأداء وتقويما، وإيلاء الاهتمام اللازم لتطوير الكفاءات الموجودة والبحث عن الكفاءات، التي من شأنها دعم عمل المؤسسة. ويخص الهدف السادس ترسيخ مبادئ الحكامة بجعل مؤسسة الوسيط تواصل إسهامها في ترسيخ مبادئ دولة القانون، والشفافية والحكامة الجيدة في تدبير المرافق العمومية، وفي تخليق الحياة العامة، والمساهمة في ضمان مساواة المواطنين أمام القانون والإدارة، والرفع من جودة الخدمات التي تقدمها المؤسسات العمومية ومرافق الدولة والجماعات الترابية. تحقيق العدل والإنصاف إن الهدف الأسمى من وجود المؤسسة هو تحقيق العدل والإنصاف للمواطنين أمام قرارات الإدارة المغربية، مبرزا أن المنتوج الوظيفي لمؤسسة الوسيط، يعتبر مجالا مهما لإبراز جدلية الحقوق والواجبات، في إطار العلاقة بين المواطن والإدارة، يتجاوز مداها المفهوم القانوني المتصل بوظيفة مراقبة الأداء القانوني للإدارة (أيا كان وصف هذه الرقابة) من زاوية المشروعية، إلى مفهوم مراقبة تأثير أداء الإدارة على صورة المرفق العمومي وانعكاس ذلك على إدراك المواطن لهذه القيم من زاوية العدل والإنصاف.