معركة أدرار وتحول العلاقة مع الإسبان

بنسعيد...أوراق المقاومة 5 حسابات جيش التحرير كانت تقضي بمواجهة الفرنسيين أولا ثم الوصول مع الإسبان إلى حل شكل الاعتراف الإسباني الأخير بجدية مقترح الحكم الذاتي، واعتباره الحل الوحيد لطي نزاع ملف الصحراء، تحولا عميقا في العلاقات بين البلدين الجارين، بالنظر إلى المسؤولية التاريخية لمدريد، باعتبارها البلد المستعمر سابقا للصحراء. ويمثل اعتراف إسبانيا، صحوة ضمير ومصالحة مع التاريخ، وهي التي واجهت قواتها مقاومة من قبل جيش التحرير في الصحراء، دون بعض فصولها المقاوم محمد بنسعيد آيت يدر في مذكراته، التي اختار لها عنوان "هكذا تكلم محمد بنسعيد». وتنويرا لقراء "الصباح" بفصول من ملحمة المقاومة في الجنوب، اخترنا نشر فصول من مذكرات بنسعيد، بعد الحصول على موافقة منه. إعداد: برحو بوزياني لم يكن مضى على هزيمتنا ضد الفرنسيين سوى شهر واحد عندما فاجأ فصيل من جيش التحرير كتائب من الجيش الفرنسي العائد من تيندوف، وتمكن من قتل ما يقرب من 150 جنديا وأسر ضابط كورسيكي يدعى غارسيكا غيرل، سيعيده الملك محمد الخامس في ما بعد إلى وطنه الأم حين قام بزيارة لمنفاه السابق بمدغشقر. هذه العملية المهمة كانت الفيصل في تحول العلاقة مع الإسبان، فقد أثارت حفيظتهم ودفعتهم إلى تغيير سياستهم اتجاه جيش التحرير، خصوصا أن المغرب في تفاوضه مع فرنسا على الاستقلال تجاهل مصالح الاسبان وموقفهم الرافض لإزاحة محمد بن يوسف من على عرشه، بالإضافة إلى دعمهم الضمني للمقاومة المغربية في الشمال والجنوب والحال أن فرنسا، كانت هي المستفيد الأكبر من التفاوض على الاستقلال، فيما خرجت اسبانيا خاوية الوفاض. وكان الأولى بالمغرب أن يراعي المصالح الإسبانية، وأن يستغل الخلاف الكامن بين الدولتين الاستعماريتين، ليقوي من موقفه التفاوضي ويكسب نقطا أكثر. وبغض النظر عما خلفته معركة بير موكرين عند الطرف الإسباني من قلق، لم تعمل الأيام إلا على تغذيته، إزاء ما يتمتع به جيش التحرير من قوة وحماس رغم تواضع إمكانياته المادية، قياسا بقوة امبريالية في حجم فرنسا، فإن الموقف الإسباني المنقلب إلى عداء لا يمكن إلا أن يكون موقفا مفهوما كما هو منتظر. كان المسؤولون الإسبان بالجنوب يتوسلون دائما لدى قيادة جيش التحرير من أجل تهدئة السكان الصحراويين بإيفني وآيت باعمران المنتفضين باستمرار، والتواقين هم أيضا للتحرر. وبالفعل، كان مسعى القيادة سينجح، بالنظر لما يتمتع به الجيش من نفوذ معنوي بالمنطقة، رغم الحرج الذي يسببه هذا الأمر على اعتبار أنه يؤجل انعتاق الجنوبيين من ربقة الاستعمار، شأن مواطنيهم في الشمال، إلا أن حسابات جيش التحرير كانت تقضي بمواجهة الفرنسيين أولا ثم الوصول مع الإسبان إلى حل. وكان سكان الصحراء المغربية بعد الاستقلال قد صاروا أكثر اعتمادا على أنفسهم في إدارة شؤونهم المحلية، ولم يعودوا يلجؤون إلى المصالح الإدارية للسلطات الإسبانية، وإنما إلى مكاتب حزب الاستقلال الموجودة في مناطقهم. وفعلا، تطورت الأمور في هذا الاتجاه على أرض الواقع، حتى أن الحاكم العسكري الإسباني بمدينة إيفني، الكومندان تشاس طلب من عامل إقليم أكادير عام 1956 أن يعين ممثلا عن الحكومة المغربية للإشراف على تسيير شؤون المواطنين المغاربة في إيفني وآيت باعمران، ريثما تتم الإجراءات الدبلوماسية بين المغرب واسبانيا. غير أن رفض هذا العرض من قبل عامل الإقليم المذكور منح السلطات الاسبانية فرصة مراجعة موقفها وتغيير سياستها تجاه "الأهالي"، كما بدأت تتحين الفرص لإعادة هيمنتها على مقاليد الأمور. استنطاق تطورت الحالة العامة عندما عمدت السلطات الاسبانية إلى استنطاق المواطنين والتحقيق معهم في ما قاموا به من نشاط سياسي، وكانت هذه من الأسباب التي عجلت بالتوتر بين الطرفين

معركة أدرار وتحول العلاقة مع الإسبان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أول وكيلة بالمحكمة المدنية

كيف تقاتل الأب والابن؟

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات