حـكـم القـاضي مـرآتـه

مسار قاضية 3 كانت تنقل بعض الملفات إلى منزلها لدراستها على حساب وقت العائلة لا يختلف اثنان على أن المرأة المغربية، والقاضية على وجه الخصوص، استطاعت أن تنزع حقوقها من يدي زميلها الرجل وقاسمته المسؤولية عائشة الناصري، المستشارة الحالية بمحكمة النقض، والعضو السابق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مثال للمرأة القاضية التي استطاعت أن تحقق ذاتها سواء في المجال القضائي أو الجمعوي، وأن تناضل من أجل زميلاتها. عائشة الناصري فتحت قلبها لـ"الصباح" وتحدثت عن مسار 35 سنة من العمل القضائي. كريمة مصلي 2004 شكلت مرحل جديدة في حياة القاضية عائشة الناصري، التي انتقلت إلى المحكمة التجارية بالبيضاء بدرب عمر، ومن غريب الصدف، أن تكون المحكمة التي تنتقل إليها في عمارة كما هو الشأن لمحكمة ابن مسيك في البداية. شكلت تلك الفترة في تاريخ القضاء المغربي مرحلة مهمة، إذ اعتبرت بمثابة نهضة القضاء التجاري، الذي كان يعد الواجهة لحماية وتشجيع الاستثمار في ظل قوانين مهمة. كانت البداية مع لحسن الكاسم الذي كان ساعتها يشغل مهمة رئيس المحكمة التجارية، والذي هو بالفعل قامة قضائية مهمة، وكل من عمل معه يعرف ذلك تقول الناصري، فكان بمثابة المرجع الأساسي لها في كل إشكالية يمكن أن تصادفها في عملها، بالإضافة إلى الاجتهادات القضائية في المادة التجارية. وبالنظر إلى خصوصية القضاء التجاري، فقد كانت هناك معاناة حقيقية تتمثل في كثرة الملفات وقلة القضاة. لم يكن للقضاة في تلك المحكمة قبل انتقالها إلى البناية الجديدة مكاتب خاصة بهم، لكن ذلك لم يمنعهم من الاجتهاد، وبما أنها تؤمن بالتحدي وبضرورة النجاح في أي مهمة تناط بها، فقد قررت أن تكون لها بصمة في ذلك التخصص، وهو ما يشهد به العديد من القضاة حتى بعد مغادرتها للمحكمة. ما بين 2004 و2011، انتقلت الناصري بين دواليب القضاء التجاري ابتدائيا واستئنافيا، إذ عينت مستشارة بالمحكمة التجارية الاستئنافية التي تولت فيها مسؤولية رئاسة غرفة، ورغم أن العمل القضائي كثير إلا أنها لم تتخل عن العمل الجمعوي، سواء في مجال حقوق الإنسان، أو من خلال الودادية الحسنية للقضاة التي كانت عضوا بمكتبها المركزي لسنوات، واستطاعت أن تكون من خلالها صوت المرأة القاضية. تحكي الناصري عن السنوات التي قضتها في محكمة الاستئناف التجارية أنها كانت تستحوذ على أغلب وقتها بالنظر إلى عدد الملفات الكثيرة التي تتجاوز في بعض الجلسات 400 ملف، والوثائق المضمنة بكل واحد والتي يفترض الاطلاع عليها، وتحرير الوقائع الخاصة بها، بل إن بعض الملفات كانت تنقلها إلى المنزل لدراستها على حساب وقت العائلة، لأنها ترى أن "حكم القاضي هو وجهو"، ومن ثم فالمحامي والمتقاضي يجب أن يجد فيه كل إجابة عن تساؤلاته ضمن الحيثيات. لا تخفي الناصري أن تلك الفترة كانت مشرفة في تاريخها القضائي وبشهادة المسؤولين، ولكن على حساب الصحة، لتثير في دردشتها نقطة مهمة بشأن الخصاص الذي تعانيه بعض المحاكم ويكون له أثر سلبي على القضاة وينعكس على الصحة والبيت. المحكمة التجارية سواء الابتدائية والاستئناف شكلت منعرجا مهما الناصري، التي تؤمن بأن العمل عبادة وأن على القاضي اتقانه وإعطاءه الوقت الكافي لأنه مسؤولية أمام المجتمع وأمام الله.

حـكـم القـاضي مـرآتـه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"الوزيعة" في مشاريع ملكية

زوجات النبي... حكايات متناقضة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات