مقومات المدرسة الصوفية المغربية

الصوفية...الطبعة المغربية 5 اقتران العلم بالعمل والصحبة في الطريق إلى الله مدنا المصطفى الرايس، الأستاذ الباحث في التاريخ، بنسخة من منجزه الجديد حول الإرهاصات الأولى لظهور النسخة المغربية من التصوف الديني، تختلف في خصائصها عن المشارب الأخرى التي ظهرت في الشرق وتطورت في الأندلس ما بعد الفتح الإسلامي. وقدم الباحث معطيات تنشر للمرة الأولى عن الصراعات السياسية والاجتماعية وحالة التخبط واللاأمن الروحي التي كان يعيش فيها المغاربة خلال حكم الدولة المريينية، وكيف شكل التصوف حالة من النجاة والانعتاق والأمل لفئات كبيرة من المجتمع. يوسف الساكت خلافا للزوايا والطرق الكثيرة التي كانت موجودة في القرن الثامن الهجري، أسس ابن عاشر لنفسه مدرسة صوفية مغربية خالصة، تقوم على دعامتين أساسيتين: اقتران العلم بالعمل والصحبة في الطريق إلى الله. ففي المعلم الصوفي الأولى، يقول أبو طالب المكي في "قوت القلوب" ما نصه: "إنما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه، الورع الكاف عن أعراض المسلمين، العفيف عن أموالهم، الناصح لجماعته. فهذه صفات العالم بالله وهم العارفون". ويصدق هذا الطرح بشكل كبير على شخصية أحمد بن عاشر، طالما أنه كان أشد الاعتكاف على قراءة "قوت القلوب". فابن عاشر دافع عن تصوف يقرن بين العلم والعمل، فهو لا يرى العلم مجديا إلا إذا ارتبط بتصحيح النيات والمقاصد، إذ "لا ينبغي لأحد أن يعمل بجهل وإنما العمل بعد العلم"، بل كان يشبه "العلم بلا عمل كالشجر بلا فاكهة". ويستفاد من خلال المصادر التي ترجمت للشيخ ابن عاشر، أن الزاوية العاشرية بقدر ما كانت زاوية تصوف بقدر ما كانت دار علم وتحصيل. فقد حرص شيخها على الاهتمام بالقرآن والفقه والتفسير، وخصص لذلك حلقات للتدريس، أطلق عليها "مجالس التردد" التي كان يتردد عليها كل متشوف لسماع فضل المجاهدة وفوائد اكتساب الحلال ما ينور البصائر"، خاصة أن الشيخ ابن عاشر كان "من أعلم أزمنته في الحلال والحرام، وبه نجح في المغرب الفقه في هذا الباب من العلم وأحيا رسمه، وقد كانت اندرست أكثر طرقه ومعالمه، وانطمست أغلب سبله ومسالكه. فكان يأتي من عمله بالعجائب، ويظهر على عمله الأنظار فيه من فنون تدقيق الغرائب"، ما يعني، أن المدرسة العاشرية كانت تعطي لعلم الظاهر الأهمية نفسها التي تعطيها لعلم الباطن، وتتخذ منه ركنا أساسيا للدخول في طريق التصوف، بل كان من بين أبجديات الولوج في سلك المدرسة العاشرية، الاهتمام بعلم الظاهر تمييزا له عن علم الحقيقة". والمعلم الثاني، هو الطريق إلى الله، إذ قال الباحث إن المدرسة العاشرية لا ترى مانعا في سلوك طريق القوم دون شيخ التربية والاكتفاء فقط بالبحث. ويعني هذا الكلام أن الصحبة بالمفهوم المتداول لدى الصوفية شكلت إحدى معالم المدرسة العاشرية، باعتبارها العمود الفقري في التربية الروحية من أجل بلوغ سلامة الوجدان، التي هي أساس لكل تخلق ولكل تحقق. وقدم الباحث حجة على كلامه بأن الشيخ أحمد بن عاشر كثيرا ما يردد في كلامه: "يا أصحابي، إنما أنا واحد منكم، ولست بشيخكم ولا معلمكم، عليكم بكتب العلماء وما صنفه الجلة الفضلاء. ولا يقتد أحد بي فيما لا يجد له أصلا في كتب العلماء، ولست بقدوة ولا إمام متبع، وإنما أنا رجل من المسلمين». ولا يقصد من ذلك أن ابن عاشر لم يكن مؤهلا لتلقين مبادئ طريق القوم للمريدين، لكن كان يحث على تصوف سني خالص يتأسس على قضاء الصلوات والورع في المعاملات والأخذ بالوسط من الحالات، والتحرر عن بنيات الطرق والتشدد من العبادات"، اقتداء بالنهج النبوي وأهل السلف الصالح.

مقومات المدرسة الصوفية المغربية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"استوديو5" أول تجاربي التلفزيونية

النصب على دبلوماسية بلجيكية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات