الأول يقلد السديس والثاني كفيف وفاز بجوائز دولية في قلب العاصمة الرباط، يقع مسجد صغير يحمل اسم إسماعيل فرج، وهو اسم غير معروف وغير متداول وسط المصلين، عشاق التراويح، الذين أطلقوا على المسجد تسمية محطة وقود شركة دولية، أواسم عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الأسبق الذي يؤدي فيه صلاة التراويح قبل رئاسته الحكومة وبعد مغادرتها لقربه من مقر سكناه بحي الليمون. ورغم ضعف الطاقة الاستيعابية للمسجد الملتصق بمحطة الوقود، والتي لا تتعدى بضع عشرات من المصلين، استطاع استقطاب المئات من المصلين، طيلة ليالي رمضان تمتلئ بهم جنبات الشوارع المحاذية للمسجد عن آخرها، ما دفع السلطات إلى وضع سياج حديدي لإغلاق شارع الحسن الثاني، الذي يعد من شرايين حركة المرور بالعاصمة الرباط، ومنع المرور من شوارع وأزقة حي "ديور الجامع" لمدة ساعة ونصف ساعة، بسبب المقرئ ياسين كصوان. ويملك هذا المقرئ صوتا خاشعا يأسر القلوب والعقول، بفعل طريقته الجميلة والمؤثرة في قراءة القرآن الكريم بصوت خاشع ينهل من الطريقة المغربية في القراءة، وفي الوقت نفسه يقلد عبد الرحمان السديس، إمام الحرم المكي بالعربية السعودية. والسر في الإقبال الكبير للمصلين على هذا المسجد المشيد من قبل أحد المحسنين، يكمن في حنجرة إمام المسجد، الشاب كصوان، الذي يحرص خلال الركعات الثماني لصلاة التراويح على القراءة بطرق مختلفة، وبسلاسة وبدون تكلف، إذ يتنقل الشاب من طريقة إلى أخرى، مزاوجا بين الترتيل المشرقي للسديس، وبين الطريقة المغربية، بصوت جميل يوصل مضمون الآيات القرآنية إلى قلوب المصلين. وتمكن كصوان من تقليد السديس، من خلال استماعه لقراءاته، ليل نهار، عن طريق آلة تسجيل صغيرة حتى أنه كان ينام وهو يستمع إلى ترتيله للقرآن، لتطمئن نفسه وينشرح صدره، فتمكن من تقليده بسهولة ويسر. ومن جهة أخرى، نال المقرئ أحمد الخالدي، إمام مسجد الأندلس بحي الرياض، إعجاب عشاق التراويح، وهو المتذوق لحلاوة القرآن، إذ قال إن المقرئ مثل الشمعة التي تحترق كي تضيء حياة الآخرين. وتوج بمسابقة القارئ العالمي بدولة البحرين، وفاز بالجائزة الأولى في فرع تلاوة القرآن الكريم مع التجويد وحسن الأداء في إطار المسابقة الدولية الثانية لتلاوة القرآن الكريم بأندونيسيا 2013، وجائزة محمد السادس الدولية في 2015. والخالدي كفيف، إذ فقد البصر في سن صغيرة ليلتحق بالمنظمة العلوية لرعاية المكفوفين بجهة آسفي من أجل تعلم القراءة بطريقة "برايل" والتفرغ لحفظ القرآن الكريم وتعلم تجويده، وساعده والده وأساتذته قبل أن يحصل على نسخة من المصحف الشريف بطريقة "برايل" موزعة من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. وتعلم الخالدي القرآن في سن مبكرة وهو طفل، وتدبر القرآن بالتدرج اعتمادا على تعلم علوم القرآن، تفسيرا وبلاغة وقراءات وغيرها، ما جعله يقوم بتأطير درس أسبوعي بالمسجد لفائدة الشباب لحثهم على العمل وتربيتهم على الأخلاق الحميدة كي يكونوا صالحين لأسرهم ومجتمعهم، كما أطر حصة أسبوعية بدار القرآن الإمام نافع بسلا، لتحفيظ القرآن، وتتميز قراءة الخالدي بمتعة التلاوة والترتيل والتجويد، لتمكنه من مخارج الحروف عند القراءة على الطريقة المغربية. وشارك الإمام المزداد في 1984 باليوسفية، في العديد من المسابقات الوطنية والعالمية واستطاع أن يحجز لنفسه مكانا مرموقا بين قراء ومجودين أكفاء، ليتميز مع الآخرين، ليسهم في تنوير البصيرة رغم ظلماء البصر. أحمد الأرقام