الوقاية من تمويلات الإرهاب… خارطة الطريق

وزارة الداخلية وضعت دليلا إرشاديا ينبه إلى المخاطر رهن إشارة الجمعيات والمنتخبين والشركاء حث عمال الأقاليم والمقاطعات والعمالات، الجمعة الماضي، منتخبين ورؤساء جمعيات وموظفين وشركاء إلى الانخراط المكثف في فهم مضامين الدليل الإرشادي لحماية هيآت المجتمع المدني من مخالب التمويل الإرهابي المقيت. ونظمت السلطات الإدارية لقاءات للتأطير والتكوين في البنود الواردة في الدليل الإرشادي المعد، من قبل وزارة الداخلية في دجنبر الماضي، ويقع في 122 صفحة، واختير هذا التوقيت من السنة الجديدة، لحملة توضيح وتنبيه واسعتين في صفوف الجمعيات، تفاديا لكل ما من شأنه أن يخل بالقواعد العامة للتصدي لخطر الإرهاب. إعداد: يوسف الساكت انطلق الدليل الإرشادي من التجربة المغربية في مجال محاربة الإرهاب والتطرف العنيف، التي اعتبرتها وزارة الداخلية "ناجحة بكل المقاييس بفضل الرؤية الملكية الفعالة في محاربة الخطر الإرهابي ومواجهة خطاب التطرف على المستوى الوطني والخارجي". تجربة وسياق عالمي "من هذا المنطلق، يضيف التأطير العام للوثيقة نفسها، أن المملكة المغربية لا تقوم فقط ببذل جهود كبيرة لضمان أمنها الوطني، لكن تقوم أيضا بعمل حاسم في مجال محاربة الإرهاب على الصعيد الدولي في سبيل تحقيق الاستقرار بالعالم". وأكدت الوثيقة نفسها أن المغرب حرص منذ وقت مبكر على تبني استراتيجية شمولية متعددة الأبعاد يتقاطع فيها البعد القانوني لمحاصرة السلوكات الإرهابية، والبعد الاجتماعي للنهوض بأوضاع المواطن، سيما الفئات الهشة والسكان المعوزين، وكذلك البعد الديني القائم على الوسطية المعتدلة وعلى تنظيم فضاءات العبادة والاهتمام بالفاعلين الدينيين. أفضل الوسائل هذه التقاطعات، لا تحجب مستويات تطور هذه الظاهرة العابرة للقارات، سواء من حيث أشكالها، أو من حيث تعدد المناطق المستهدفة، أو بالنظر لعدد المنظمات الإرهابية التي تقوم بهذه العمليات، مما يجعل مخاطرها تتجاوز في كثير من الحالات، الحروب النظامية. واعتبر الدليل أن أفضل الوسائل للقضاء على الإرهاب سد منافذ ومصادر تمويله، فليس هناك إرهاب بدون تمويل، خاصة أن التنظيمات الإرهابية تستخدم لذلك جميع الوسائل المتاحة أمامها، بما في ذلك التكنولوجيات الحديثة المخصصة لجمع الأموال وتحويلها. ماهية التمويل عرف "الدليل الإرشادي للوقاية من مخاطر استغلال الجمعيات في عمليات تمويل الإرهاب"، تمويل الإرهاب هو أي دعم مالي، أو عيني في مختلف صوره، يقدم إلى الأفراد والمنظمات التي تدعم الإرهاب، أو تقوم بالتخطيط لعمليات إرهابية. وقد يأتي هذا التمويل من مصادر مشروعة مثل الجمعيات، أو مصادر غير مشروعة (الاتجار في المخدرات)، كما أن تمويل الإرهاب قد يتم بمبالغ مالية كبيرة، أو بمبالغ صغيرة تصبح كبيرة عند تجميعها. وتقوم السلطات العمومية في كل دولة بمساعدة الجمعيات كي لا يتم استغالها في عمليات تمويل الإرهاب. كما تنخرط المملكة المغربية بدورها في تعزيز الجهود الدولية لمحاربة تمويل الإرهاب، وتحقيق انسجام المنظومة الوطنية مع التوصيات والمعايير الدولية الصادرة في هذا الخصوص. قيمة المبالغ بعد الإشارة إلى الهيآت المكلفة بمحاربة تداول الأموال المستعملة في الإرهاب، حث الدليل الإرشادي مسؤولي الجمعيات المؤسسة في إطار القانون على الانتباه إلى قيمة المبالغ، مؤكدا أن الإرهاب لا يتم تمويله فقط بمبالغ كبيرة، بل يمكن أن تكون هذه التبرعات ضئيلة، لكن بعد تجميعها من قبل أشخاص عدة يصبح المبلغ كبيرا، وبالتالي فالقيمة المادية ليست أكثر أهمية من استخدامها الفعلي والنهائي. الجمعيات المعنية وضع الدليل الإرشادي لائحة بصفات الجمعيات المعنية بمخاطر التمويل الداخلي، أو الخارجي للإرهاب، منها الجمعيات التي لا تتوفر على نظام محاسباتي دقيق وشفاف، والأخرى التي تقوم بإرسال الأموال خارج الدوائر المالية المصرح بها. هناك أيضا الجمعيات التي تتلقى تمويلات من جهات أجنبية، أو التي تعتمد جمع أموال لأهداف اجتماعية وثقافية وتربوية والتصرف فيها بشكل عام، وخيرية بشكل خاص. هناك صنف آخر من الجمعيات التي لها علاقات مع جهات وجمعيات أخرى مرتبطة مباشرة بمناطق النزاعات والحروب، ما لم تكن لهذه الجمعيات مهمة مساعدة طبية معترف بها، أو حاصلة على دعم السلطات المغربية، ثم الجمعيات التي تقوم بإرسال الأموال إلى بؤر التوتر، دون المطالبة بإثبات المصاريف، ودون تعيين أشخاص للتحقق من استخدام هذه الأموال، أو المطالبة بهوية الأشخاص الطبيعيين المستفيدين من هذه الهبات. وأشار الدليل أيضا إلى الجمعيات التي تعمل على إرسال هبات مالية دون أن يكون نظامها الأساسي ينص على ذلك، أو توجيهها إلى دول غير تلك الواردة في قائمة البلدان المذكورة في أنظمتها الأساسية، عند الاقتضاء، والجمعيات التي تقوم بإرسال أموال من أجل تحصيل ممتلكات، أو مقتنيات غريبة عن كل ما ورد في أنظمتها الأساسية، والجمعيات التي تعمل على إرسال أموال بهدف الحصول على سلع أو بضائع، من المعروف أنها غير متوفرة. التحديات الجديدة إضافة إلى التحديات الكلاسيكية المرتبطة بطرق نقل الأموال، يواجه العالم تحديات من نوع آخر، حذر منها الدليل الإرشادي. وقال الدليل إن مجموعة العمل المالي في تقرير لها صادر في 2015، اعتبرت بأن خدمات التواصل الاجتماعي تبقى عرضة لاستغلال من أجل جمع الأموال للإرهابيين. وأقر التقرير بنقاط الضعف البارزة المرتبطة بخدمات التواصل الاجتماعي، بما فيها القدرة على إخفاء الهوية والوصول إلى نطاق أوسع وعدد أكبر من المتعاطفين والممولين المحتملين. وتشير الحالات التي ذكرت في التقرير نفسه إلى أن الآلاف من الإرهابيين، و/أو المجموعات الإرهابية، و/أو المتعاطفين يستغلون خدمات التواصل الاجتماعي لتسهيل تمويل الإرهاب. وفي هذا الإطار، طلبت وزارة الداخلية من الجمعيات الأخذ بعين الاعتبار الإمكانات التي تطرحها مواقع التواصل الاجتماعي للإرهابيين قصد استقطاب أو استدراج أو استغلال بعض الإطارات المدنية في مجال تمويل الإرهاب، حيث حدد الخبراء في المجال نقاط الضعف التالية: *انتشار الأنترنت والهواتف المحمولة: يسهل تنامي الوصول إلى هذه الوسائل استغلال خدمات التواصل الاجتماعي من أجل تمويل الإرهاب. *سهولة الوصول إلى الخدمات: تتيح القدرة على الوصول إلى خدمات التواصل الاجتماعي من خلال أوجه متعددة (مثال الهاتف المحمول، والأجهزة اللوحية، والحواسيب) إمكانية أكبر للتنقل والتواصل، ما يطرح تحديات جديدة في مجال مكافحة الإرهاب وتمويله. طبيعة التهديدات رغم أنه لم يسبق أن تم تسجيل تورط أي جمعية بالتراب المغربي، كيفما كان توجهها، في نشاط أو تمويل إرهابي، ورغم أن الجمعيات المغربية التي ينطبق عليها تقييم المخاطر، حسب مجموعة العمل المالي، تعمل بالتراب المغربي لا تتوفر على أنشطة خارجية، خاصة بمناطق النزاع وبؤر التوتر، إلا أن ذلك، لا يعني، بالنسبة إلى وزارة الداخلية، أن المغرب في منأى عن التهديدات التي تشكلها المنظمات الإرهابية على قطاع الجمعيات. وحدد الدليل الإرشادي طبيعة التهديدات التي يتعين أخذها بعين الاعتبار، وفق خصائص المجال المغربي، كما يلي: *احتمال استخدام الجمعيات لتمويل تحركات أشخاص تابعين لهذه المنظمات، أو تمويل أنشطة خلايا إرهابية. *إمكانية استغلال جمعيات من قبل منظمات إرهابية خارجية لتحويل أموال إلى المغرب، ثم تحويله بعد ذلك إلى منظمات إرهابية بالخارج خارج الدوائر المالية المصرح بها. *التهديدات التي قد تشكلها المبالغ المالية الصغيرة المتحصلة من خلال الأنشطة التجارية الصغرى (الباعة المتجولون...)، أو عبر التسول، والتي تصبح عند تجميعها مبالغ كبيرة قد تستعمل لتمويل أنشطة إرهابية بالداخل والخارج. *إمكانية وجود سوء نية لدى بعض الأشخاص القياديين بالجمعيات، الذين قد يستغلون قانونية الجمعية لممارسة أنشطة غير مشروعة باسم الجمعية وبواسطة حساباتها ومقراتها وإمكانياتها. *المخاطر التي قد يطرحها الأشخاص العائدون من بؤر التوتر بالخارج، أو المتورطون في أعمال إرهابية، في اختراق بعض الجمعيات، لخدمة أجندة إرهابية معينة. مؤشرات الاشتباه عادت وزارة الداخلية، في تنبيهها إلى الجمعيات، إلى "مؤشرات الاشتباه" في حالات تمويل الإرهاب المنصوص عليها في "تقرير التطبيقات لمؤشرات واتجاهات غسل الأموال" لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع تحديد مؤشر جديد ظهر لاحقا، ويتعلق الأمر بوجود حوالات مالية خارجية موجهة إلى مناطق ذات نزاع مسلح. وقالت الوزارة إنه يتعين على الجمعيات الإلمام بهذه المؤشرات توخيا لليقظة والحذر في حماية منظومة التدبير المالي داخل كل جمعية، وتعميقا كذلك للوعي بالمخاطر التي يشكلها تمويل الإرهاب. وأشار الدليل الإرشادي إلى 12 مؤشرا، منها جمع التبرعات بطريقة غير رسمية أو غير مرخصة، وتحويلات متكررة، أو كبيرة من أو إلى دول بها مشاكل، أو اضطرابات سياسية أو أمنية. من المؤشرات أيضا قيمة المعاملات التي لا تتناسب مع المعلومات المتوفرة عن المشتبه فيه، ونشاطه ودخله ونمط حياته وسلوكه، وكثرة عدد التحويلات سواء إلى الخارج أو الداخل دون مبرر واضح، ثم بعض التعاملات التي تتممع أشخاص/جهات لا تربطهم بالمشتبه به عالقة واضحة، أو مع أشخاص متعددين دون مبرر واضح خاصة إذا كانوا ذوي جنسيات أجنبية. أيضا هناك، حيازة مبلغ كبير من النقد عبر الحدود ووجود أطراف محل تحقيقات من قبل جهة خارجية وتحويل مبالغ متكررة أو كبيرة الأشخاص في منطقة معروفة بنشاط إجرامي، وتحويلات لعدد من الأشخاص في دول مختلفة دون وجود مبرر لذلك، وظهور علامات القلق والارتباك على المشتبه فيه، أو من ينوب عنه أثناء تنفيذ العملية، وورود اسم المشتبه فيه، أو المستفيد الحقيقي في قوائم الأمم المتحدة. قوانين وضوابط واحتراز بعد تقديم عدد كبير من المعطيات وملخصات التقارير حول الارتباطات المشبوهة بين جمعيات ومصادر تمويل الإرهاب، انتقلت وزارة الداخلية، إلى وضع خطاطة الوقاية والحماية، التي يشكل فيها عنصر الحكامة المالية وضبط المحاسبات والتنظيم الصارم للهياكل المنظمة، المحور الأساسي. ووضعت الوزارة رهن إشارة الجمعيات والمنتخبين عددا من الدلائل والوثائق المرجعية، وقوانين، تتيح التحقق من جميع المؤشرات، وتتبع المساطر تفاديا للإيقاع في المحظور.

الوقاية من تمويلات الإرهاب… خارطة الطريق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

السوالم‭ ‬يخرج‭ "‬الطاس‭" ‬من‭ ‬الكأس

ضبط طبيعة العقود

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات