زراعة الورود… مشتل لفرص الشغل

ضيعات تنتج آلاف الأطنان سنويا وارتفاع التكاليف يهدد القطاع برحو بوزياني/ تصوير (عبد المجيد بزيوات) تعرف بني ملال والأقاليم المجاورة لها، انتشار عدد من الضيعات الخاصة بزراعة الورود، والتي تشغل مئات اليد العاملة طيلة السنة، لتساهم إلى جانب بعض المدن ، في تزويد السوق المغربية من الورود، بل وتصدير جزء من المنتوج إلى الخارج. وعرف الإقليم انتشار هذا النوع من الزراعات، منذ سبعينات القرن الماضي، مشكلا بذلك قيمة مضافة إلى جانب الزراعات الأساسية المعروفة بالجهة، مثل الحبوب والحوامض، والزيتون، والفواكه المختلفة وأنواع الخضر. وقال عبد الرحمن فضول، صاحب ضيعة للورود، إنه قرر إطلاق هذا المشروع، في 1996، إذ شيده على مساحة ثمانية هكتارات، في منطقة تتوفر على تربة خصبة وموارد مائية، وطقس مناسب لهذا النوع من الزراعات، والتي تحتاج إلى عناية خاصة، وجهد كبير، نظرا لطبيعة هذا النوع من الزراعات. وأوضح صاحب الضيعة، التي توجد ضواحي قصبة تادلة، أنه اختار الاستثمار في هذا النوع من الزراعة، في البداية بجماعة سيدي جابر، والتي يتحمل فيها منصب رئيس الجماعة لأربع ولايات، مستفيدا من التجربة التي راكمها سكان المنطقة في هذا النوع من الزراعة، لأنه ولع بها، منذ الصغر. واختار فضول الحاصل على الإجازة في الأدب العربي، والبعيد عن المجال العلمي، أو التكوين الفلاحي، ممارسة زراعة الورود، مشيرا إلى أنه راكم خبرة ميدانية مكنته من اكتساب «الحرفة»، إذ يجد متعته في مرافقة الفلاحين الذين يعملون معه في الضيعة، والعمل إلى جانبهم، وتوجيههم في نشاطهم اليومي. وصادفت زيارتنا للضيعة، انهماك عدد من العمال في زراعة شتلات الورود، ورش بعضها بالأدوية الخاصة بمكافحة الأمراض والحشرات، التي تصيب الأغراس، وإزالة الأعشاب الضارة، التي قد تؤثر على سلامة الورود، وجودتها. وقال فضول إنه راكم خبرة في هذا النوع من الزراعة، من خلال الممارسة، والتكوين الذاتي، وزيارة بعض المعارض داخل الوطن وخارجه، لتطوير مهاراته في زراعة الورود، مشيرا للمناسبة، إلى أن هذا النوع من النباتات يحتاج إلى عناية خاصة وجهد كبيرين، وهو الأمر الذي جعل العديد من التجارب في المنطقة تفشل. ورغم الصعوبات التي تواجهها زراعة الورود، في غياب أي دعم أو مواكبة من المصالح المختصة، فقد أصر فضول على رفع التحدي، ومواصلة العمل، إلى جانب فلاحي المنطقة، الذين راكموا خبرة كبيرة، حين كانوا يشتغلون مع الفرنسي «بورجوا» الذي استقر بالمنطقة في سبعينات القرن الماضي، ونقل معه هذه الزراعة، حيث تعلم على يديه العديد من أبناء المنطقة، كيفية الاهتمام بالورود وتلقيمها، وكيفية تنويع منتوجاتها، وهي عملية دقيقة تحتاج إلى صبر وتركيز شديدين، من العاملين والعاملات في حقول الورود. ويرجع الفضل إلى الفرنسي المذكور، في توجيه فلاحي المنطقة إلى هذا النوع من الزراعة، في الوقت الذي كان أغلبهم يهتم بزراعة الحبوب والشمندر والحوامض، إذ سارع عدد من الفلاحين إلى تخصيص ضيعات لهذا النوع من الزراعة، والتي توفر عشرات مناصب الشغل طيلة السنة. وأكد صاحب الضيعة أن كلفة إنتاج الورود باتت مرتفعة، بالنظر إلى ارتفاع أسعار المواد المستعملة في بناء الأغطية البلاستيكية والأنابيب الخاصة بالسقي الموضعي، وكلفة استخراج مياه عبر مضخات تشتغل بالطاقة، لتجميعها في أحواض كبرى تستعمل في السقي، ناهيك عن ارتفاع أسعار المواد الكيماوية الخاصة بمعالجة الزهور، ومكافحة الأمراض التي تهدد سلامتها. ووقفت «الصباح» على أشغال تهيئة ضيعات جديدة، وزراعة شتلات الورود، وتلقيمها من قبل عمال زراعيين، قضوا عقودا في هذه المهنة، بالإضافة إلى انهماك آخرين في رش حقول أخرى بالمبيدات. ورغم جودة تربة المنطقة، يقول فضول، إلا أن العناية بالنباتات، والحرص على سقيها باستمرار، ومحاربة النباتات الطفيلية، والتدخل الدقيق والمستمر، هو ما يمكن من توفير منتوج جيد، يحظى بإقبال الزبناء من أصحاب محلات بيع الورود، بالرباط والبيضاء وطنجة. وفي جولة بالضيعة، حرص فضول، النائب البرلماني السابق، ورئيس جماعة سيدي جابر، التأكيد على الصعوبات التي تواجهها زراعة الورود، في ظل غياب أي دعم أو مساعدات، خاصة في السنوات الأخيرة، والتي تميزت بتراجع في التسويق، بسبب جائحة «كوفيد». طاقة شمسية لاستخراج المياه استثمر صاحب الضيعة في تجهيزها بمختلف الوسائل الضرورية لمثل هذه الزراعة، مستغلا الطاقة الشمسية في استخراج المياه، وربط الحقول بأنابيب السقي الموضعي، مؤكدا أن تطوير نشاطه يتطلب المزيد من الأموال، من أجل بناء محل للتبريد وتثمين الورود بالضيعة، وتطوير شبكة التسويق والنقل. وقال فضول إنه مازال يشتغل بطريقة حرفية وبمجهود فردي، وهو ما مكنه من الاستمرار في المهنة، في الوقت الذي انسحب مستثمرون كبار من القطاع، بسبب الصعوبات التي تواجه زراعة الورود وتراجع مردوديتها. وأوضح فضول، الذي يمتلك ضيعات أخرى في جماعة سيدي جابر، أن عملية الجني، تتم مرتين أو ثلاث في الأسبوع، عندما يكون المحصول جاهزا، ويشغل حوالي خمسين عاملا في مرحلة الجني، ليتم تسويقه إلى المدن المختلفة، مشيرا إلى أن طاقة الإنتاج، تصل إلى 80 ألف وردة في الأسبوع، تجمع على شكل «ربطات» من 20 وردة، من أنواع مختلفة، أهمها «الساموراي» الحمراء و»بلاك باكرا» و»أوسيانا» و»مارليز» .

زراعة الورود… مشتل لفرص الشغل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مركز الاستثمار... الطريق إلى انتعاشة اقتصادية

20 في المائة يعانون السمنة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات