معاقـل التبعيـة للحكومـة

نصوص تشريعية وتنظيمية تضع القضاء تحت حكم وزير العدل لم تتخلص السلطة القضائية بعد من التبعية للسلطة الحكومية المكلفة بقطاع العدل، ومازالت هناك معاقل تحكم الوزير بين قبيلة القضاء، خاصة في النصوص التشريعية والتنظمية من قبيل المسطرة الجنائية والمسطرة المدنية والقانون المنظم للمعهد العالي للقضاء. وبقي إصلاح القانون التنظيمي للسلطة القضائية كما كان عليه الحال في الجوهر, رغم أن إشراف القضاء على النيابة العامة يفتح الباب أمام فعالية أكثر من الإشراف البرلماني، الذي لم يسبق له أن قام بمحاسبة النيابة العامة، ولم يسبق أن قدّم أيّ وزير للعدل استقالته بسبب أخطاء ارتكبتها النيابة العامة. ويبدو أن دائرة الاستقلالية ستقتصر على قضاء الحكم دون قضاة النيابة العامة، على اعتبار أن الدستور ينص في الفصل 110 على أنه "يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون. كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها"، إذن فهو لم يوضح إذا كانت هذه السلطة التي ستتبع لها النيابة العامة قضائية أم تنفيذية، بل ترك أمر تحديدها لقوانين أخرى. كما أن الاستقلال الكلي للنيابة العامة عن السلطة التنفيذية سوف يجعل تطبيق السياسة الجنائية التي تقررها الحكومة متعذرا، لعدم وجود ما يلزم الوكيل العام قانونا بتطبيقها ومحاسبته على ذلك من قبل البرلمان، تماما كما يفعل هذا بالحكومة حيث يأتي رئيس الحكومة وكافة الوزارء إلى البرلمان بشكل دوري للمساءلة والإجابة عن أسئلة البرلمانيين. كما لا يمكن أن يخضع الوكيل العام، باعتباره شخصية قضائية معينة مباشرة من قبل الملك، للاستجواب من البرلمان لأن ذلك يتنافى واستقلال القضاء، بخلاف وزير العدل الذي يمكن محاسبته واستفساره من قبل البرلمان في كل وقت وحين، بل ومحاسبته كذلك شعبياً من خلال الانتخابات البرلمانية لأنه يمثل كذلك حزباً سياسياً داخل الحكومة المنبثقة من نتائج الانتخابات. ومازالت هناك مراحل يجب المرور منها قبل القول بانعدام التبعية للسلطة التنفيذية، وذلك بالنظر إلى الشروط المتعارف عليها أمميا، التي تفرض على الدولة كفالة استقلال السلطة القضائية بنص الدستور و القوانين، وعلى ضرورة احترام جميع المؤسسات ومراعاة استقلال السلطة القضائية، التي يجب أن تفصل في المسائل المعروضة عليها دون تحيز، على أساس الوقائع ووفقا للقانون، ودون أي تقييدات أو تأثيرات غير سليمة أو أي إغراءات أو ضغوط أو تهديدات أو تدخلات، مباشرة كانت أو غير مباشرة، من أي جهة أو لأي سبب. كما تفرض اللوائح الأممية على السلطة القضائية أن تكون لها الولاية على جميع المسائل ذات الطابع القضائي و أن تنفرد بسلطة البت في ما إذا كانت أية مسألة معروضة عليها للفصل فيها تدخل في نطاق اختصاصها حسب التعريف الوارد في القانون، دون ترك أي قنوات لتدخلات غير لائقة، أو لا مبرر لها، في الإجراءات القضائية ولا تخضع الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم لإعادة النظر. ولا يخل هذا المبدأ بإعادة النظر القضائية أو بقيام السلطات المختصة، وفقا للقانون، بتخفيف أو تعديل الأحكام التي تصدرها السلطة القضائية. ياسين قُطيب

معاقـل التبعيـة للحكومـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الاستقلالية أبرزت أهمية كتابة الضبط

هجوم على مستشفى لتهريب سجينة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات