المحامية لبنى الصغيري أكدت أنه إخلال بقرينة البراءة واستغربت عدم تفعيل تدابير بديلة منح المشرع سلطة تقديرية لقاضي التحقيق، لإيداع المتهمين المحالين عليه لاستنطاقهم تفصيليا السجن أو المتابعة في حالة سراح، لكن الملاحظ من خلال الممارسة القضائية أن العديد من قضاة التحقيق يميلون للمتابعة في حالة اعتقال، ونادرا ما يستفيد مشتبه فيه من السراح المؤقت، سيما أن هذا القرار تصحبه ضجة واحتجاجات واتهامات بالمحاباة. توضح لبنى الصغيري محامية بهيأة البيضاء، أن الاعتقال الاحتياطي هو حرمان المتهم من حريته بوضعه في السجن لمدة تطول أو تقصر في حدود القانون في مرحلة التحقيق الإعدادي إلى حين صدور حكم نهائي، كما جاء في قانون المسطرة الجنائية من المواد 175 إلى 188، مضيفة أن الاعتقال الاحتياطي يكون في الجنح والجنايات التي يعتبرها المشرع خطيرة وتزيد عقوباتها عن ثلاثة أشهر. وميزت المحامية الصغيري، بين مدة الاعتقال الاحتياطي في الجنايات، والمحددة في شهرين تتمدد إلى خمس مرات فقط، أي سنة، وأن قاضي التحقيق لا يمكنه تجاوز المدة التي حددها المشرع، كما أنه ملزم بعد كل شهرين إصدار أمر معلل يبرر فيه الاحتفاظ بالمشتبه فيه في السجن. أما في الجنح، فتؤكد المحامية، أن مدة الاعتقال شهر، لا يجب أن يتجاوزها ثلاث مرات، ودائما ما يكون تمديدها بتعليل، مشيرة إلى أنه إذا تجاوزت مدة الاعتقال ثلاثة أشهر أو سنة حسب طبيعة التهمة، ولم يتخذ المسؤول القضائي القرار، سنكون أمام اعتقال تعسفي. وأوضحت الصغيري أنه إذا أحيل المتهم على المحاكمة في حالة اعتقال، فإن المتهم يبقى في الاعتقال الاحتياطي إلى حين صدور حكم يدينه أو يبرئه من المنسوب إليه، إلا أن الإشكال الذي يطرح في هذه الحالة، أن المتهم قد يظل رهن الاعتقال أثناء محاكمته ابتدائيا واستئنافيا، وبعدها قد تظهر براءته، لهذا، تشدد المحامية، أن الاعتقال الاحتياطي يطرح مجموعة من الإشكالات والتحديات، أولها أنه يتعارض مع قرينة البراءة، إضافة إلى الضرر النفسي والجسدي الذي يعاينه المعتقل بمجرد وضعه في المؤسسة السجنية، وعلى الأخص نظرة المجتمع إليه، إذ يبقى في نظر الجميع عنصرا خطيرا ومنبوذا لحظة إيداعه في السجن ودون انتظار صدور حكم قد يبرئه من المنسوب إليه، وأن هذه النظرة الدونية تظل تلاحقه مدى الحياة ولو حصل على حكم البراءة. إضافة إلى ذلك، فالمعتقل، إذا كان بريئا، قد يحترف الجريمة بسبب إحساسه بالظلم وعدم تقبله ظروف الاعتقال ومعاشرته جانحين داخل السجن، إلى جانب أن الاعتقال الاحتياطي يجهض أي سياسة للإصلاح والتهذيب التي تسهر عليها الدولة والمؤسسات المعنية، كما أنه يساهم في اكتظاظ السجون ما يتعارض مع السياسة المولوية. وأوضحت الصغيري أن كل الفاعلين الحقوقيين يستغربون عدم لجوء القضاء إلى 16 تدبيرا للمراقبة القضائية نصت عليها المادة 161 من قانون المسطرة الجنائية، بل أنه حتى تدابير البديلة للاعتقال المحدودة جدا التي تنحصر في الكفالة، لا تلجأ إليها المحكمة دائما، وحتى إن قرارتها تفرض مبالغ تعجيزية. كما أن الممارسة القضائية لا تأخذ بضمانة الحضور من قبيل عمل قار للظنين لا يمكن أن يفرط فيه، أو تحملاته العائلية، إذ توضح المحامية، أن السلطة التقديرية للقضاء لا تأخذها بعين الاعتبار، والنتيجة أنه بعد أربع سنوات من الإيداع في السجن، قد تظهر براءة المتهم، ونصبح أمام تساؤلات وتبادل للاتهامات لماذا وضع في الاعتقال، ولم يحاكم في حالة سراح، التي كانت ستغنينا من هذا الإحراج، بحكم أن المتهم إذ ثبت تورطه في الجريمة يعتقل ويودع في السجن، وإذا صدر حكم يبرئه فلن نتحمل وزره و نوضع في موقف محرج. مصطفى لطفي