507 … الفصل الجنائي المخيف

عاد الجدل "الشعبي" ليشمل الفصل 507 من القانون الجنائي، لمناسبة وقائع محددة أدين إثرها جانحون ضمنهم قاصرون، في وقائع كيفتها النيابة العامة ضمن السرقات المشددة، المقرونة باستعمال واحد من الأسلحة المذكورة في الفصل 303 من القانون نفسه، والتي تصل عقوبتها إلى المؤبد. ورغم أن المحكمة متعت المتهمين بظروف التخفيف، وقضت بعقوبات أقصاها 10 سنوات، إلا أن ذلك لم تتم استساغته من قبل أسر من شملتهم العقوبات من المعتقلين، ليطالبوا بإلغاء الفصل 507. الحديث الرائج اليوم حول هذا الفصل، يدخل في سياق خاص، وهو نتاج تأثر بوقائع معينة، لظرفية محددة مستمدة دوافعها من تعاطف أو تأثر شخصي، يدخل ضمن أشكال التعبير المكفولة دستوريا، لكنه في الآن نفسه يطرح السؤال العريض، هل الأمر يعود إلى نصوص القانون أم إلى القضاء، سيما الواقف باعتباره سلطة الملاءمة التي توجه التهم للمتهمين؟ أم إلى المشرع الذي وضع نصوصا بهذا الشكل وهذه العقوبات؟ في الملف التالي، نحاول الإجابة عن بعض هذه الاستفهامات باستجواب المتخصصين في المادة الجنائية، وموقفهم من الفصل المذكور، الذي ينص على أنه "يعاقب على السرقة بالسجن المؤبد، إذا كان السارقون أو أحدهم حاملا لسلاح، حسب مفهوم الفصل 303، سواء كان ظاهرا أو خفيا، حتى ولو ارتكب السرقة شخص واحد وبدون توفر أي ظرف آخر من الظروف المشددة". وتطبق العقوبة نفسها، إذا احتفظ السارقون أو احتفظ أحدهم فقط بالسلاح في الناقلة ذات المحرك التي استعملت لنقلهم إلى مكان الجريمة، أو خصصت لهروبهم. م. ص بين المشرع وسلطة الملاءمة الأسلحة المحددة في الفصل 303 من القانون الجنائي مقيدة بنية السرقة تبرز بين الحين والآخر وقائع إجرامية تشد أنظار الرأي العام، وتختلف التعليقات فيها، حسب نوعية التأثر أو التعاطف، بين الغلو في التشدد والمطالبة بعقوبات قاسية، خارج نصوص المواد القانونية التي شكلت المتابعة، أو عكس ذلك يتماهى التعاطف "الشعبي" مع متابعات يعتبرها مشددة في جرائم أخرى، وبين الاتجاهين، تبرز ملاءمة الأفعال الجرمية والوقائع المشكلة لها، من قبل النيابة العامة ، سلطة المجتمع، ومدى تأثيرها أو تأثرها، بين نصوص القانون الجنائي وحماسة أو اندفاع الرأي العام، وهو ما شكل في بعض المناسبات دافعا لتعديل تشريعي، نظير ما وقع للفصل 475 المتعلق بتزويج القاصر من مغتصبها المغرر بها، بعد انتحار ضحية لهذا النوع من الزيجات. الحديث الرائج اليوم حول الفصل 507 من القانون الجنائي، يدخل في السياق نفسه، وهو نتاج تأثر بوقائع معينة، لظرفية محددة ناتجة عن تعاطف أو تأثر شخصي، يدخل ضمن أشكال التعبير المكفولة دستوريا، لكنه في الآن نفسه يطرح السؤال العريض، هل الأمر يعود إلى القضاء، سيما الواقف باعتباره سلطة الملاءمة التي توجه التهم للمتهمين، أم إلى المشرع الذي وضع نصوصا بهذا الشكل وهذه العقوبات؟ لا يختلف اثنان في أن تشريع النصوص القانونية يأخذ وقته الكافي، ويمر عبر قنوات متعددة قبل أن ينشر بالجريدة الرسمية ويصبح ملزما للجميع، فنصوص القانون الجنائي تدخل ضمن التشريع العادي الذي تختص به مؤسسة البرلمان بغرفتيها، وقبل ذلك تكون النصوص مقترحات قانون أو مشاريع له، حسب الجهة التي قدمته، ليعبر إلى المناقشة التي تمر بدورها عبر مجلسي البرلمان، وتخضع نتائج المناقشة إلى التصويت، ثم ترفع إلى المحكمة الدستورية لمراقبة مدى ملاءمتها مع أسمى قانون في البلد، قبل أن تنشر بالجريدة الرسمية. بهذا يمر التشريع عبر القنوات الخاصة بشكل أكثر ديمقراطية، وتشارك فيه كل الفرق البرلمانية، ما يجعله محط إجماع واتفاق على ما يصبو إليه المجتمع لتنظيم الحياة بين الأفراد. القانون الجنائي الذي تضمن الفصل 507 موضوع الجدل اليوم، مر من المراحل نفسها، وقدر المشرع خطورة الأفعال التي يرتكبها من يحمل سلاحا من الأنواع المحددة في الفصل 303 من القانون نفسه، وهي "جميع الأسلحة النارية والمتفجرات وجميع الأجهزة والأدوات أو الأشياء الواخزة أو الراضة أو القاطعة أو الخانقة". وهي أدوات خطيرة يمكنها أن تزهق الأرواح أو تؤدي إلى عاهات مستديمة أو إضرام النار وإلحاق الخسائر بالممتلكات الخاصة والعامة، لكن المشرع أورد هذا الفصل في الباب التاسع الخاص بالجنايات والجنح المتعلقة بالأموال، وحدد في الفرع الأول منه السرقات وانتزاع الأموال، بمعنى أن القصد الجنائي للفاعل ينبغي أن يتوفر بخصوص نية السرقة أو انتزاع الأموال، وأن تطبيق هذا الفصل خارج ذلك، يعد اجتهادا غير مقبول، لأن القاعدة "لا اجتهاد مع وجود النص"، لذا فإن سلطة الملاءمة مكفولة للنيابة العامة، حتى وإن اشتطت فهناك قضاء الموضوع الذي من اختصاصه إعادة تكييف المتابعة ومنح الوصف الصحيح للوقائع، بعيدا عن أي تأثير أو تأتر خارجي. المصطفى صفر

507 … الفصل الجنائي المخيف

أسر تطالب بالتخفيف ومختصون يناقشون أسباب العقوبة المشددة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصيادلة‭ ‬يحذرون‭ ‬من‭ ‬ثغرة‭ ‬قانونية‭ ‬في‭ ‬الصفقات‭ ‬

خريبكة ينعش حظوظ البقاء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات