يحمل وزرة سوداء ويوهم ضحاياه بعلاقاته مع قضاة ومسؤولي النيابة العامة وجد مسؤولو النيابة العامة أنفسهم أمام لعبة القط والفار لمحاربة ظاهرة "السمسرة"، فبمجرد تفعيل قرار أو إجراء لصد هذه الظاهرة، من قبيل إصدار تعليمات لعناصر الأمن بتشديد المراقبة على المرتفقين وطرد كل مشتبه فيه، يبتكر النصابون أساليب جديدة، من بينها تحويل مقاه ومطاعم مجاورة للمحاكم إلى مقرات لاستقطاب الضحايا بعد تقديم وعود بتسوية ملفاتهم. ابتكر "سمسار" المحاكم بالبيضاء، حيلة ذكية تحتاج إلى كثير من الشجاعة و"تخراج العينين" حتى يلج المحاكم ويتجول في مرافقها بكل حرية، إذ انتحل صفة محام ونجح في استقطاب الضحايا من قاعات الجلسات، إلا أن فطنة مسؤول بالنيابة العامة وشكوكه فيه بعد معاينته له عبر شاشة كاميرا المراقبة، عجلت باعتقاله في حالة تلبس. بدأت القصة، عندما حل المتهم بالمحكمة الزجرية، يحمل وزرة سوداء ومحفظة شبيهة بتلك التي توجد لدى المحامين، وبكل ثقة تجول بين مرافقها، قبل أن يلج قاعاتها الواحدة تلو الأخرى. بعدها ارتكب "السمسار" غلطة العمر، عندما غادر المحكمة وفي طريقه إلى مقهى مجاور لها تذكر أمرا ما، فقرر العودة، فشاءت الصدفة أن يتابع مسؤول بالنيابة العامة شاشات كاميرات المراقبة، فارتاب في تصرفاته وطريقة حديثه مع كل من صادفه في طريقه من المرتفقين، فشك في أمره، وأصدر تعليماته إلى عناصر الأمن بإيقافه وإحضاره إلى مكتبه. ولتفادي فراره، نصب رجال الأمن بالمحكمة كمينا للمتهم، ورافقوه إلى مكتب المسؤول القضائي، الذي تفحص الوزرة فتبين أنها ليست أصلية وإنما شبيهة بتلك التي يحملها المحامون. أدرك المتهم أنه وقع في الفخ، فحاول إخراج نفسه من الورطة بالادعاء بكل ثقة أنه محام، ولما طالبه المسؤول باسمه، تبين أنه غير مدرج في سجل هيأة المحامين سواء بالبيضاء أو في أي هيأة أخرى. وأصدر المسؤول القضائي تعليماته لرجال الأمن بتفتيش محفظته، فكانت المفاجأة، إذ تم حجز وثائق عبارة عن محاضر وشكايات باسم مواطنين إلى النيابة العامة، إضافة إلى وثائق أخرى تحمل توقيع واسم المتهم بصفته محاميا. التزم المتهم الصمت، ورفض الرد على أسئلة المسؤول القضائي، الذي أمر بإحالته على الشرطة القضائية لعين السبع الحي المحمدي من أجل تعميق البحث معه. وكشف تعميق البحث مع المتهم، أنه يحترف النصب منذ فترة طويلة، إذ صنع لنفسه وزرة مشابهة لوزرة المحامين، من أجل تضليل ضحاياه، بالادعاء أنه محام وله علاقات وطيدة بقضاة ومسؤولي النيابة العامة، وقادر على تسوية ملفات ذويهم المتابعين في ملفات جنحية أمام المحكمة مقابل مبالغ مالية، وحتى لا يثير شكوك المحامين ورجال الأمن بالمحكمة، كان يكتفي بحمل الوزرة بدل ارتدائها، ويضرب مع الضحايا مواعد بمقاه مجاورة للمحكمة. مصطفى لطفي