ارتفـاع حـالات الانفصـال

كورونا "تعري" وتكشف هشاشة الروابط الأسرية أرقام مخيفة أعلن عنها بشأن ارتفاع نسبة الطلاق بالمغرب بشكل غير مسبوق، إذ انتقل عدد المؤشر على وثائق الطلاق من 26914 حالة تم تسجيلها سنة 2004 إلى 55 ألف حالة تم تسجيلها قبل شهور، الأرقام تلك أعلنت عنها المندوبية السامية للتخطيط في تقرير صادر عنها، الذي كشف أن مسببات الطلاق متعددة، لكن الجانب الاقتصادي والمشاكل الاجتماعية تبقى في مقدمة المشاكل المتحكمة في ارتفاع نسبة الطلاق، خاصة في ظل أجواء وباء كورونا الذي كانت له تبعات سلبية على الاقتصاد الوطني بكل مشاربه، بالإضافة كذلك حسب التقرير نفسه، إلى التعديلات الأخيرة التي طرأت على مدونة الأسرة. الارتفاع في عدد حالات الطلاق، خاصة في الشهور الماضية، ومباشرة بعد رفع الحجر عن المواطنين، وبداية العودة إلى الحياة الطبيعية، كشف عن جانب كان خفيا بخصوص هشاشة الروابط الزوجية، والتي عرتها كورونا بشكل واضح. وأكد أشرف منصور جدوي، المحامي بهيأة البيضاء، أن النسب المعلن عنها في شأن ارتفاع حالات الطلاق، خاصة في فترة الجائحة، يرجع إلى مجموعة من العوامل يأتي في الدرجة الأولى العامل الاقتصادي، إذ أن شريحة مهمة من المغاربة تعمل في ظل اقتصاد غير مهيكل، منهم مياومون إضافة إلى أن جائحة كورونا أرخت بظلالها على مجموعة كبيرة من القطاعات خاصة المهن الحرة، أو باقي القطاعات غير المهيكلة أو الأجراء بالمقاولات الخاصة، وهو ما انعكس سلبا على مداخيل الأسر، بل منهم من عاش الفاقة، وهذا لوحده سبب كاف لحدوث خلافات وشقاق وانشقاق داخل الأسرة. ويأتي بعد العامل الاقتصادي حسب جدوي، العامل الاجتماعي، الناتج عن الفراغ، فالزوج مثلا لم يعد له عمل، إذ أصبح يقضي جل وقته بالبيت وكثرة الاحتكاك كفيلة بخلق مشاكل، زيادة على أن وضع الأسرة قابل للاشتعال في أي لحظة، نظرا للظروف الاقتصادية سالف ذكرها، ثم التفكك الأسري، الذي أضحى للأسف ظاهرة واضحة بالمجتمع، وظهر أكثر تبعا للجائحة، فربما قبل الطلاق بمفهومه القانوني، كانت العديد من الأسر تعيش طلاقا واقعيا ولا أحد من الزوجين على علم بتطلعات وآمال وآلام الآخر، وتبعا للفراغ الذي أحدثته الجائحة صار طرفا الأسرة و كأن كل واحد منهما يكتشف كائنا جديدا، فالفراغ مدعاة للجريمة بشتى تجلياتها. ولا يقف الأمر فقط عند تلك العوامل، بل تنضاف إليها التنشئة الاجتماعية، إذ أن الوسط الذي نشأ فيه الشخص يغرس في لا وعيه ولا شعوره مجموعة من المعتقدات، من قبيل ألا كلمة تعلو على كلمة الرجل داخل البيت وأن المرأة دائما تابعة خانعة وأن هذه الأخيرة بالنظر إلى ضعف مستوها التعليمي أو انعدامه تكون مسايرة الرجل في معتقداته تلك، خاصة إذ لم يكن لها معيل غير زوجها, تنضاف إليها النظرة المجتمعية للمرأة المطلقة. كل هذه العوامل مجتمعة جعلت الوضع الأسري قابلا للاشتعال في أي لحظة، وجعلت كل من يخطو من الزوجين داخل بيت الزوجية وكأنه يخطو على حقل من الألغام، كل هذه الأمور جعلت الزوجين يعزفان نغمات "إنما للصبر حدود" وهو ما تفسره النسب المرتفعة لحالات الطلاق التي وقع الاعلان عنها. واقع الارتفاع في حالات الطلاق سبق أن أقر به محمد بنعبد القادر وير العدل السابق، إذ أكد أن هناك ارتفاعا مطردا في أحكام الطلاق بعد صدور مدونة الأسرة سنة بعد أخرى، إذ انتقلت من 7213 حكما بالتطليق سنة 2004 إلى 31.085 حكما سنة 2009 ثم ارتفع العدد إلى 44.408 حكما سنة 2014 ليصل إلى 55.470 سنة 2019. وأوضح الوزير أن أغلب هذه الأحكام تخص الطلاق للشقاق، الذي يشكل نسبة تقدر بـ99 بالمائة. نقط ضعف أشار الوزير إلى أن حالات الطلاق انتقلت من 26 ألفا و914 قضية حالة طلاق في 2004، إلى 25 ألفا و852 حالة في 2018، ثم 27 ألفا و149 حالة في 2019، يشكل منها الطلاق الاتفاقي نسبة 78 في المائة، مؤكدا أن تتبع تطبيق مدونة الأسرة خلال السنوات من 2004 إلى 2020 يظهر عدة مؤشرات إيجابية تعكس حجم المجهودات المبذولة، ويكشف، في الوقت نفسه، النقاب عن نقط الضعف والخلل في التطبيق. كريمة مصلي

ارتفـاع حـالات الانفصـال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قتيل وجريح في اصطدام دراجتين

طنجة تحت رحمة لصوص البنوك

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات