الأنبياء بين الأسطورة والحقيقة

الكتب المقدسة لم تسرق الأساطير صححت قصة الخلق لبلاد ما بين النهرين المبنية على وحي بعد تعرضها للتحريف صدرت، أخيرا، مجموعة من الأبحاث العلمية، تنفي وجود الأنبياء وأن الأمر يتعلق بقرصنة لأساطير حضارات بلاد ما بين النهرين، من قبل الكتاب المقدس، قبل أن يقتبسها منه الإنجيل والقرآن. الدليل حسب ادعاءات هؤلاء، هو عدم وجود دليل أثري ومادي واحد حول وجود الشخصيات الدينية، إلا أن لمصطفى بوهندي أستاذ التاريخ المقارن وجهة نظر مثيرة، وهي أن ما جاء في الأساطير مبني على وحي، فتعرض للتحريف والتزوير لسنين طويلة، وأن الكتب المقدسة قدمت الرواية الصحيحة، إضافة إلى أن عملية التنقيب عن الآثار تمت في المكان الخطأ، أي الشرق الأوسط، لأن أصل الإنسان ومكان ظهور الأنبياء كان بإفريقيا وهناك دلائل علمية تؤكد هذا الطرح. الحلقة الأولى القصة السومرية والأشورية والبابلية قريبة جدا من حيث الخلق كما جاء في النصوص الدينية، إذ يعادل "آدم" في الكتب المقدسة "«مردوخ»" في الأساطير، إلا أنها اعتبرته إلها، وقدمت تفسيرات خرافية حول عملية الخلق، إذ تمت بين الآلهة عن طريق الزواج والولادة وأنجبت "«مردوخ»". وشخصية "«مردوخ»"، وله اسم آخر لدى الأشوريين، سيحارب أمه الآلهة "تيامات" (الماء الأول) وأباه الإله "أبزو" أو "أبسط" (اليابسة)، وشقيقه الذي يخرج من الماء واليابسة. وتقول الأسطورة إن الآلهة الأم أرادت أن تقضي على أبنائها لأنهم يقلقونها هي وزوجها، وقرر الأبناء التخلص منها بالتعاون مع "كونغو"، الذي يعادل الشيطان في الكتب السماوية، وسيتولى "مردوخ" هذه المهمة وأخذ دمها ورميه في الكون وستتكون النجوم وكل المجموعات والخلق. "مردوخ" سيجتمع مع الآلهة من أجل أن يجدا حلا مع أمهم الكونية، سيشرح أحد أجداده أن "مردوخ" هو المختار، وأنه من سيقوم بقتلها، فاشترط عليهم "مردوخ" شرطا إن نفذ المهمة، أن يجعلوه سيدهم ويسجدون له، إلا أنه قتل والدته الآلهة، سترفض الآلهة السجود له إلى حين تقديم دليل أنه المختار والسيد، وهنا سيقول "مردوخ" للشيء "كن فيكون وزل فيزول"، فتسجد كل الآلهة له، وخاطبوه أنه المبارك والسيد فوق الأرض وتحت الماء وفي الهواء. إذن هذه هي أسطورة الخلق في بلاد ما بين النهرين، وعندما ننظر في تفاصيلها نجدها تشبه الأسطورة المصرية أو الفرعونية. وعندما نقرأ الكتاب المقدس خصوصا في عبارة "في البدء خلق الله السموات والأرض، وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الرب يرفرف فوق وجه المياه"، نجد رواية تناقض الأساطير في ما يتعلق بالخلق، فالكتاب المقدس لم ينقل من الأساطير، كما يروجه البعض، بل فند كل ما قيل في الأساطير من زواج الآلهة وغيرها، وأشار إلى أن الله من خلق كل شيء، وأن الآلهة المذكورة في الأساطير مخلوقات خلقها الله ، وبعدها سرد تفاصيل جديدة حول الأرض وكيف كانت، وظهور الحياة عليها. نحن أمام قراءة توراتية جديدة للأساطير وليست سرقة للأساطير، والكتب المقدسة لا تقول إن الآلهة تزوجت ولا غير ذلك، بل تقول إن الله ليس مثله شيء وخالق لكل شيء، إذن الكتب المقدسة جاءت لتصحح النظرية الدينية التي كانت قائمة، هي في أصلها وحي إلهي، لكن بسبب بداية البشرية، اعتقد أن الآلهة مثل البشر تتزوج وغيرها من الأمور. بالعودة إلى «مردوخ» والذي قدم إلها في الأسطورة، نحن في الحقيقة أمام مخلوق سيكون سيد الأرض، ويتطابق مع النص التوراتي، أن الله سيعمل الإنسان على صوره. مراجعة وتصحيح عند مقارنة النصوص الدينية، سنجد في القرآن الكريم آية وهي " قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة"، أي هناك تجمع للملائكة، وهذه قراءة جديدة في حين تتحدث الأسطورة البابلية عن مجتمع للآلهة، نحن أمام قراءات جديدة للأساطير نقدية لما ورد في القراءات السابقة، وهكذا تصبح الكتب المقدسة نسخة غير منقولة من الأساطير، بل مراجعة ومصححة لها، واعتراف أن ما جاء في الأسطورة له صلة صحيحة، وأن القرآن اعترف للتوراة والكتب المقدسة بصحة ما جاء فيها، وأن حتى الأساطير، ليست خرافة وإنما تعرضت للتحريف مع مرور السنين الطويلة.

الأنبياء بين الأسطورة والحقيقة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الكرة في ملعب الجزائر

مواصلـة التحـرك نحـو التنميـة

مقالات ذات صلة