عنبي أستاذ علم الاجتماع أكد أن لكل جيل "بكري" خاص به وأن الرقمنة وسعت الهوة بينهم وبين جيل آبائهم ينظر للشباب على أنهم فئة متمردة على الدين والمجتمع وقيمه، إلا أن مختصين يعتبرونها أحكام قيمة، إذ ينفون وجود أي تمرد، وأن الأمر يتعلق باستلهامهم معارف ولغات جديدة فرضها عليهم العصر، جعلتهم يتبنون مواقف معارضة للأكبر منهم سنا. بالسنبة لعبد الرحيم عنبي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن زهر بأكادير، هناك ثلاث نقاط مهمة، يجب التركيز عليها في دراستنا للشباب وتمردهم على الدين والأسرة والمجتمع، أولاها أن الشباب هم في مرحلة النقد، إلا أنه نقد هدام، والثانية أنهم لم يكتمل بعد نضجهم معرفيا، صحيح هناك شباب متميز في دراسته، إلا أنه من حيث تجاربه في الحياة والخبرات المكتسبة، فهو لم يصل إلى مرحلة النضج، يشدد عنبي، أما النقطة الثالثة، وهي لا تقل أهمية عن سابقتيها، حسب قوله، أن الشباب غالبا ما ينهل المعارف من وسائل جديدة في المجتمع، ففي فترات سابقة، كان الشاب يطالع للمفكر اليساري الراحل المهدي عامل، ومتأثر برموز وزعماء حركات التحرر العالمية، من قبيل "تشي غيفارا" و"ماو تسي تونغ" و"كاسترو"، أما اليوم، حسب أستاذ علم الاجتماع، يمكن الحديث عن الشباب الرقمي، بعد أن صارت له هوية رقمية ويغذي أفكاره ومعارفه من وسائل التواصل الاجتماعي والفضاءات الرقمية، ويرى فيها نموذج التقدم، عكس المجتمع، الذي يبقى متخلفا بالنسبة إليه، والنتيجة ينطلق الصراع من الأسرة، برفض الشاب قرارات الأب والأم لدوافع نفسية، إذ يحاول الشاب من خلاله، التعبير عن نفسه وفرض وجوده ومكانته، وأيضا التعبير عن كينونته، أي أنه لم يعد طفلا يتلقى التوجيهات والأوامر من الأسرة، مشيرا إلى أن تمرد الشباب على الأسرة، هو بداية لمرحلة تمردهم على مجموعة من القيم الاجتماعية والدين، ورفض الأشخاص الذين يعارضونهم أفكارهم. ونبه العنبي إلى أن نهل المعرفة من مصادر جديدة، يعمق الصراع بين الأجيال، سواء على المستوى الفكري أو الأوصاف، إذ نجد مثلا أن كبار السن يعتبرون الشباب ما زالوا صغارا في السن، ويرفضون سلوكاتهم وممارستهم، إذ يعتبرونها غير ناضجة، رغم أنهم بدورهم كانوا عرضة للنقد لما كانوا في سنهم، من قبل جيل آبائهم، كما الأمر لجيل السبعينات، الذي كان متشبعا بالظاهرة الغيوانية والفكر الماركسي، إذ كان ينظر إليهم من قبل الكبار وقتها أنهم متمردون على المجتمع والقيم والدين، لهذا، يؤكد أستاذ علم الاجتماع، في كل زمان نسمع عبارة "بكري كان لحيا والعفة"، في إشارة إلى أن لكل جيل له "بكري" خاص به. وشدد عالم الاجتماع، على أن هذه القضايا والنقاشات سببها تغير الأفكار وتحصلها من مصادر مختلفة وجديدة، وبالتالي يتعمق الصراع بين الأجيال، بل الأكثر منذ ذلك، يكون هناك تفاوت بينها على مستوى المعرفة، إذ نجد مثلا طفلا لا يتجاوز عمره 12 سنة له دراية كبيرة في المجال المعلوماتي، على نقيض من في عمر آبائه، وهو ما يؤثر بداية على الأسرة والمجتمع وتنتج عنه صراعات، لهذا، دعا عنبي، الآباء مهما كانت درجاتهم العلمية، إلى مواكبة العصر وتحصيل معارفه حتى يوحدوا لغتهم مع أبنائهم وباقي الشباب. مثلا هناك مطالب بحرمان الأطفال من الأجهزة الرقمية، خوفا من الإدمان عليها، لكن في حقيقة الأمر، فهذا الحرمان قد يحولهم إلى مسنين من حيث المعرفة، محسوبين على الأجيال السابقة، يتبنون معارفها، وبالتالي لا ينبغي أن نحرمه من هذا التطور وأن يساير عصره والتعامل مع كل ما هو رقمي، خصوصا أننا صرنا في زمن التعليم عن بعد. مصطفى لطفي