رائد التعاون الإفريقي

قصوري: توجه المغرب يقوم على أبعاد عميقة تؤسس لسياسة إفريقية مندمجة توج قرار عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي الإستراتيجية الملكية الواضحة، التي تقوم على منطق الشراكة القائمة على تفاهمات سياسية وعلاقات تعاون اقتصادية مع بلدان القارة الإفريقية، وفق منطق "رابح-رابح". وشكلت 2016 سنة إفريقية بامتياز، بالنسبة إلى المغرب، من خلال الزيارات الملكية للعديد من البلدان، والتوقيع على مئات الاتفاقيات والمشاريع المشتركة، التي انخرطت فيها الحكومات والقطاع الخاص، والتي شملت مجالات عدة، من بينها مشاريع ضخمة مثل اتفاق أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب، والذي ساهم في تشكيل تنمية مندمجة في أكثر من عشر دول إفريقية. ويرى إدريس قصوري، الباحث والمحلل السياسي، أن التوجه نحو إفريقيا، يمثل خيارا إستراتيجيا، لأنه يجسد هوية وانتماء عميقين للمغرب، والتزاما عمليا تجاه عمقه الحضاري، مؤكدا أن الملك محمد السادس أعطى لهذا البعد طابعه الدستوري، الذي يؤكد على أهمية التعاون والتكامل والشراكة الإستراتيجية بين دول القارة. وأوضح قصوري في حديث مع "الصباح" أن المغرب بات له ارتباط عضوي بإفريقيا، ليس باعتباره بوابة نحو أوربا فحسب، بل باعتباره محركا محوريا للتنمية وفاعلا سياسيا أساسيا للدفاع عن مصالح القارة، مشيرا إلى أن شرعية التوجه المغربي نحو إفريقيا راسخة تاريخيا وحضاريا، وتسعى إلى رفع التحديات التي تواجهها، في إطار روابط التضامن والتعاون، وتعزيز الشراكات، بهدف تغيير أوضاعها وحماية ثرواتها، ومحاربة الفقر والهشاشة. إن إفريقيا القرن الواحد والعشرين، يقول الباحث في جامعة الحسن الثاني بالبيضاء، أصبحت ملزمة اليوم بصناعة مستقبلها بيدها، وبإرادة قادتها وشعوبها، واستثمار ثرواتها الطبيعية والبشرية، من أجل التموقع في العالم، والتحكم في مصيرها، من خلال سياسات مواطنة ومنفتحة، تنهي مرحلة الفساد والحروب المدمرة التي أنهكت شعوب القارة، وعمقت فقرها وتخلفها وتبعيتها. ولأن التوجه الإفريقي للمغرب أضحى خيارا إستراتيجيا، فقد اختار الملك، في سابقة، أن يوجه خطاب المسيرة من قلب العاصمة السنغالية دكار، تعبيرا عن ارتباط المغرب ببعده الإفريقي، إذ جعل منه توجها إستراتيجيا يطول مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية، وإعلانا رسميا عن قرار العودة إلى الاتحاد الإفريقي. وبات الاختيار الإفريقي مكونا من مكونات السياسة الخارجية المغربية، ليس فقط في الدفاع عن قضية الصحراء، وتصحيح المغالطات التي يروج لها خصوم الوحدة الترابية، من داخل الاتحاد الإفريقي، بل أيضا ضمن سياساته الاقتصادية القائمة على دعم الشراكات والاستثمارات بين بلدان القارة، وتقوية المبادلات التجارية بينها. وأكد قصوري أن التزام المغرب بالعمل داخل الفضاء الإفريقي المشترك، يتأسس على مبادئ وضوابط، ما فتئ يؤكد عليها في كل المناسبات والمحافل، توجت بتوقيع مئات الاتفاقيات والشراكات، وجعل الخبرة المغربية، رهن إشارة البلدان الإفريقية في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والدينية والأمنية، موضحا أن هذا التوجه يقوم على أبعاد عميقة تؤسس لسياسة إفريقية مندمجة تشمل تقاسم الخبرات والتجارب، وتأهيل الموارد البشرية، وتوفير البنى التحتية الضرورية للتنمية الشاملة، وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية. وأكد قصوري أن السياسة الإفريقية للمغرب تهدف إلى تسريع بناء قدرات القارة الإفريقية وإدماجها في الاقتصاد العالمي، من موقع قوة تنافسية قادرة على تحسين الخدمات وانتزاع الاعتراف الدولي بالعنصر الإفريقي، ودوره في التنمية، خاصة أن بلدان القارة أبانت عن مستوى عال من الدينامية الاقتصادية وارتفاع معدلات النمو، تحتاج فقط إلى بناء تكتلات قوية للدفاع عن المصالح المشتركة. وأوضح الباحث قصوري أن آلاف الاتفاقيات الموقعة مع بلدان إفريقية في مختلف القطاعات تجاوزت أبعاد التنمية المستدامة، لتشمل المجالات الدينية والثقافية والسياسية، التي تهدف إلى إقرار السلم والأمن والاستقرار، وبناء أسس الدول الحديثة المعتزة بالانتماء الإفريقي. إن إستراتيجية المغرب الإفريقية، كما رسمها الملك في أكثر من خطاب وسياسات واتفاقيات، يقول قصوري، تهدف إلى تصحيح صورة إفريقيا في العالم، وتحسين موقعها في الاقتصاد العالمي، بما يخدم مصالح شعوبها ويحسن من أوضاع أبناء القارة السمراء. حضور ديني وازن تجاوز الحضور المغربي في إفريقيا، التعاون الاقتصادي، ليشمل المجال الديني، انطلاقا من التوجه الذي بلوره الملك لسياسته الإفريقية، حيث عزز دور إمارة المؤمنين في القارة، عبر تكوين الأئمة وبناء المساجد، وتأطير العلماء، وتنصيب المجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، وهي التوجهات التي تجسد عمق الأواصر الروحية العريقة، التي ظلت تربط الشعوب الإفريقية جنوب الصحراء بأمير المؤمنين. ويعد الإشعاع الديني أحد المرتكزات التي اعتمدها الملك في بناء علاقاته بعدد من البلدان لقطع الطريق على التطرف الديني وعلى الجماعات الإرهابية التي تهدد السلم الدولي. ولم يستثن التعاون المغربي- الإفريقي المجال العسكري والأمني، حيث حرص المغرب على تعزيز التعاون مع عدد من البلدان، من خلال وضع خبرته الأمنية وتجربته في مكافحة الخلايا الإرهابية، رهن إشارتهم، من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتكوين الأطر الأمنية والعسكرية الإفريقية في المعاهد والأكاديميات المغربية، ناهيك عن المساعدات اللوجيستية والعسكرية، ومشاركة القوات المغربية في قوات القبعات الزرق الأممية. برحو بوزياني

رائد التعاون الإفريقي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نديم تعود بـ"أنا وياك"

السجن لمنظم الهجرة السرية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات