أطفال “الديسليكسيا”… معاناة ورفض وتنمر

صعوبات التعلم تحول دون تحقيقهم التفوق ووصمة "الكسول" تلاحقهم "إمتى غادي يرجع ولدي بحال الأولاد العاديين"، هذه الجملة، أشعلت معاناة بعض الذين حضروا لقاء نظمته جمعية شفاء للدعم شبه الطبي والتربوي، بسلا. وهي الجملة ذاتها التي وضعت الأصبع على جرح الأمهات والآباء الذين سردوا بعض معاناتهم بسبب أطفال مختلفين، لكنهم ليس أغبياء ولا كسالى، يجدون صعوبة في القراءة أو الكتابة، وفي الكثير من الأحيان لا تفهم وضعيتهم. إنجاز: إيمان رضيف يدخل أطفال "الديسليكسيا" في دوامة كبيرة، تحكمها المعاناة وعدم تفهم وضعهم. أطفال هم في أعين الكثيرين "كسالى" ولا يفهمون أو يستوعبون الدروس، ولا يتفاعلون مع الأساتذة، فيتركون في المقاعد الخلفية في القسم "بحال الأمانة"، دون أن يأخذ بأيديهم أو تقدم لهم المساندة، فتزداد معاناتهم وتتفاقم أكثر فأكثر، لكن داخل جمعية شفاء للدعم شبه الطبي والتربوي بسلا، يجدون الآذان الصاغية، ويدعمون لتجاوز الصعوبات التي تواجههم، وحتى تزول عنهم وصمة "كسول". مشاكل التعلم من أصعب المواقف التي يمكن أن تمر على بعض الآباء والأمهات، الوقوف أمام أستاذ وسماع "ولدك ما كيكتبش وما كيعرفش يقرا، رغم كل المحاولات للي قمنا بها، والمستوى ديالو ضعيف بزاف مقارنة مع الأطفال للي في سنو". هذه الجملة قد تكون مدمرة وقاسية بالنسبة إلى البعض، سيما إذا قامت الأسرة بمجهودات كبيرة من أجل تحسين مستوى تعلم الطفل، إلا أنها لم تعط ثمارا، وحاولت إخراجه وإخراج نفسها من مستنقع "الإحراج"، لكن دون جدوى. "مباشرة بعد ولوج ابني المدرسة، تصاعدت معاناتنا. لم نكن على علم بما يحدث له، ولماذا هو مختلف عن باقي الأطفال، لا يكتب ولا يقوى على القراءة رغم كل المحاولات"، تقول امرأة يعاني طفلها صعوبات التعلم، إنه في السنة أولى ابتدائي، لم يتمكن ابنها من القراءة بشكل صحيح، لكنها، تجاهلت الأمر وتوقعت أن يكون الأمر طبيعيا، إلا أنها وبعد انتهائه من دراسة السنة الثانية ابتدائي، أدركت أن مشكلا صحيا يحول دون تمكنه من القراءة بشكل طبيعي، فوجدت نفسها وسط دوامة كبيرة. تقول المرأة إنها لم تجد من ينير طريقها ويوجهها إلى الطريق الصحيح. لم يتمكن الأطباء الذين عرضت ابنها عليهم من تشخيص وضعه، ولماذا لا يقوى على القراءة والكتابة "أصعب شيء أن تقف الأم عاجزة عن مساعدة ابنها، غير قادرة على جعله مثل باقي أقرانه"، تقول المرأة قبل أن تضيف أن ما يزيد الطينة بلة، أن بعض المدرسين يسخرون منه، ويعتبرونه "كسولا"، وهو الأمر الذي كان يؤزم وضع ويجعله أكثر حدة. الرفض "الرفض" هذا ما يواجهه الكثير من الأطفال في سن التمدرس. الذين يجدون أنفسهم غير مرحب بهم داخل بعض المؤسسات التعليمية، سيما الخاصة، لأنهم يعانون صعوبة التعلم، ولا يجيدون القراءة أو الكتابة، باعتبار أنهم يؤثرون سلبا على النتائج النهائية للمؤسسة، والتي غالبا ما يتم الاعتماد عليها، لجلب تلاميذ جدد. تدخل الكثير من العائلات في دوامة لمحاولة إقناع بعض مديري مؤسسات بقبول أطفال يعانون "الديسليكسيا"، وهو الأمر الذي كشفه بعض المستفيدين من خدمات الجمعية، وتحدثوا عنه في أكثر من مناسبة، رغم أن مذكرات وزارية يوقع عليها مسؤولو المدرسة والأساتذة أيضا، تلزمهم بقبول هؤلاء التلاميذ دون شرط أو قيد. وفي الوقت الذي تجد فيه بعض المؤسسات التعليمية، نفسها مضطرة إلى قبول الطفل، تتركه "بحال الأمانة"، داخل القسم، كأنه غير موجود، لأن بعض الأساتذة، يرفضون مساعدته على التعلم، فيما آخرون لا يجيدون التعامل مع هذه الإعاقات. " في كل اجتماع مع أعضاء هيأة التدريس، يخبرونني أن ابني "حالة ميؤوس منها لا يتعلم ويجد صعوبة في استيعاب الدروس، وأن نتائجه غير مشرفة" تقول إحدى الأمهات قبل أن تضيف أن مؤسسة تعليمية رفضت إعادة تسجيل ابنها، لأنه لم يحصل على النتائج التي تخول له ذلك، فاضطرت إلى تغيير المدرسةـ وقصدت مؤسسة أخرى، وضعت أمامها بعض الشروط من أجل قبوله " أخبروني أن ابني في حاجة إلى مرافقة، تظل إلى جانبه في القسم، وتساعده على الكتابة والتعلم، باعتبار أن الأستاذة لن تقوى على تدريس جل التلاميذ إلى جانب ابني الذي يعاني صعوبات التعلم". وكشفت الأم في حديثها مع "الصباح"، حجم الألم والحزن اللذين مررت منهما، سيما أن إمكانيات الأسرة المالية، لا تخول لها توفير المرافقة لابنها مقابل أكثر من ألفي درهم "وسط المعاناة التي كنت أتخبط بها علمت بوجود جمعية بسلا، تهدف إلى مساعدة الأطفال الذين يعانون صعوبات التعلم، وتسهر على تشخيص كل حالة، وتحديد طبيعة الصعوبات الذي يعانيها التلميذ، وتساعده على تجاوزها"، على حد تعبير المرأة. محاولات التخفيف من جانبها، أوضحت ناهد تولو، رئيسة جمعية شفاء للدعم شبه الطبي والتربوي، بسلا، أن الديسليكسيا تعد إعاقة خفية مستدامة لا يتم علاجها، وتتطلب القيام بتصحيح النطق وأشياء أخرى لا تقل أهمية عن ذلك، مشددة على أن الأستاذ والمحيط الأسرى ككل، من بين الأوائل الذين يشخصون هذا الاضطراب، "وبالتالي عليهم أن يكونوا على دراية بهذا المشكل". وأوضحت تولو أن الأطفال الذين يعانون صعوبات في التعلم، ليسوا أغبياء، بل هم في حاجة إلى المساعدة لتجاوز بعض العراقيل التي غالبا ما يصادفونها داخل المؤسسات التعليمية، قبل أن تضيف أن الديسليكسيا، اضطراب يفرض نفسه بقوة وترافقه مشاكل أخرى، منها عسر في الكتابة والقراءة والإملاء.

أطفال “الديسليكسيا”… معاناة ورفض وتنمر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

العثماني يدفع مموني الحفلات إلى السجون

الوداد مدعو لمواجهة إشبيلية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات