الحـلـقـة الـغـائـبـة

لبكر أستاذ القانون العام أكد أن سلبية تأثير وتفاعل الأحزاب أفقدتها الثقة قال رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بسلا، "إن الشباب، يعد الشريحة الأكثر طلبا للانفتاح على الدرس الاستحقاقي المقبل، ومن الطبيعي جدا، ولكي تقتنع بالعرض السياسي لجلب اهتمامها، أن تخاطب بلغة تفهمها، وأن تحرص الأحزاب على أن يكون عرضها في مستوى تطلعاتها، والأساسي، أن يتسم بالموضوعية والإقناع، وعدم التناقض، لكن للأسف، هذه هي الحلقة الغائبة". وأفاد لبكر أن المغرب لم يعد تفصله إلا بضعة شهور، على موعد ثاني استحقاق انتخابي في ظل دستور 2011، وفي الوقت الذي كنا ننتظر ارتقاء الخطاب الحزبي إلى المستوى الذي ينمي شعور المواطن بأهمية الفعل السياسي، لاحظنا مع الأسف، أن لا شيء من انتظارات تجسد على أرض الواقع، على الرغم مما تميزت به الفترة الفاصلة بين الاستحقاقين الانتخابيين من أحداث ومحطات هامة، كانت مناسبة لصدور العديد من الخطب الملكية، التي صعدت من لهجة النقد تجاه سلبية الفاعل السياسي وطالبته بتحديد موقعه بين اختيارين، فإما تحمل المسؤولية و إما الانسحاب، وعلى العكس من ذلك، بدا الخطاب الحزبي عاجزا عن مسايرة الإيقاع المطلوب. وأضاف أستاذ التعليم العالي أن التطور الحاصل في تناول الشأن السياسي بالبلاد، لم ينتج أي لغة في مستوى الحدث لجلب انتباه المواطن وتحسيسه بأهمية وجود هذه الأحزاب، وظل خطابها متخلفا ومستقيا مادته من قاموس متجاوز، لا يمكن بأي حال المراهنة عليه من أجل حمل المواطن على الاعتقاد بأهمية الفعل السياسي، ودفع الشباب بالتالي إلى المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة. وأورد المتحدث نفسه أننا كنا ننتظر أن تفصح الأحزاب، عن مواقف واضحة تخدم واقعنا وتدافع عن مصالحنا ضد بعض القرارات، التي اتخذتها الحكومة، لكنها على العكس، خذلت انتظاراتنا بسلبية، قوضت وجودها مقابل تقوية دور السلطة، بدليل، أن الأحزاب خلال الوضعية الوبائية كانت شبه غائبة، ولم تبد أي موقف، إيجابي أو سلبي أو حتى توضيحي إزاء عدد من القضايا التي أفرزتها الجائحة، ومنها، على سبيل المثال، الإعلان عن حالة الطوارئ وتقييد الحريات، وغيرها من قضايا عديدة صاحبت هذا الوباء، ولم تلعب الأحزاب دورها الحقيقي مشاركا للدولة في السلطة، وفق ما ينص عليه الدستور، مفضلة تبني خطاب التبعية، وبالتالي التنازل عن دورها الأساسي في أن تكون وسيطا بين المواطن وبين الدولة، تنقل معاناته وتوجساته و آماله. واستدرك لبكر أن الشعب لم يحس بأهمية وجود الأحزاب في حياته، وهذه السلبية هي التي تعاملت بها الأحزاب، مع قضايا أخرى، كقضية الهجرة الجماعية نحو سبتة المحتلة، أو استقبال إسبانيا لزعيم الكيان الوهمي، وأيضا قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي...في كل هذه القضايا، بدت الأحزاب – مع استثناءات معدودة- متوجسة من الإفصاح عن ردودها، مترددة في الإعلان عن رأيها، وكانت السلطة بالنسبة للشعب، هي مصدره الأساسي في المعلومات وبناء المواقف، وعلى العكس من ذلك تماما، كانت الأحزاب شرسة في الدفاع عن القضايا التي ترعى مصالحها نظير قانون معاشات البرلمانيين قبل الإطاحة به، فكيف يستطيع الشاب المتحمس المندفع، إزاء هذه الانتهازية، رتق حجاب الثقة الممزق بينه وبين الأحزاب؟...الجواب يتمثل في القيام بعملية نقد ذاتي حقيقي، بهدف مراجعة شاملة في أسلوب ووسائل العمل، والاجتهاد في بلورة برامج واقعية، تحترم ذكاء المواطن وترفع مستوى النقاش السياسي ومضمونه، بعيدا عن خطاب السب والجلد، الذي تتبناه بعض الأحزاب تجاه أخرى، فلم يعد من المقبول بناء البرامج الانتخابية على أساس وحيد، هو تحطيم برنامج الخصم والنيل من سمعته وإلغاء وجوده في معادلة الأرقام أمام جمهور الناخبين. حقيقة مؤلمة يورد رشيد لبكر الأستاذ بكلية الحقوق بسلا، أنه يستحيل إقناع الشباب بفتح باب الأمل بمستقبل أفضل، إذا كانت هذه الأحزاب، تمنح تزكياتها إلى الوجوه القديمة نفسها، التي يعتبرها الشاب جزءا من مأساة الوضع الذي يعيشه ولن تكون بالتالي جزءا من الحل... لأجل ذلك، لا بد من الاعتراف، أن نفور الشباب من الاهتمام بالشأن السياسي ومخاصمة العمل الحزبي، مجرد تحصيل حاصل ومخارج لعملية كانت مداخلها غير صحيحة: " قالوا بوك مات، قاليه من الخيمة اخرج مايل"، وهذه هي الحقيقة. وختم لبكر بالقول إنه لا بد من الإشارة إلى أن هذه الملاحظات تنم عن اعتقاد بأهمية الفاعل الحزبي، أهمية وجودية لا محيد عنها لأي بناء ديمقراطي حقيقي تشاركي، وأن الغيرة هي التي "تجبرنا على قول الحقيقة ولو كانت موجعة ومؤلمة". المصطفى صفر

الحـلـقـة الـغـائـبـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

غضب بسبب احتلال شارع ببوفكران

رئيس حكومة شاب... "أش فيها كاع" !!

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات