عاصمة الاختلال البيئي

لمينة: المنتخبون يتحملون مسؤولية غياب مخطط لمواجهة تلوث المدينة الصناعية تعاني العاصمة الاقتصادية اختلالات عميقة على مستوى تدبير المجال العمراني، أثرت سلبا على حضور المساحات الخضراء في المدينة المليونية، وما يشكله النشاط الاقتصادي والانفجار الديمغرافي بالمدينة من مشاكل تؤرق المسؤولين، ويؤدي ضريبتها المواطن البيضاوي. ويشكل التلوث أحد التحديات التي تعانيها البيضاء، بسبب انبعاث الغازات الناجمة عن الأنشطة الصناعية بالمدينة، ونشاط أسطول السيارات والحافلات والشاحنات التي تملأ الشوارع على طول اليوم، في ظل تراجع المساحات الخضراء، وضعف التشجير في مدينة باتت تعرف زحفا كبيرا للإسمنت. نسبة تلوث مرتفعة ويرى المهدي لمينة، الفاعل الجمعوي، أن البيضاء لم تعرف خلال السنوات الخمس الأخيرة، أي برنامج بيئي، يمكن أن يساهم في انخفاض التلوث الذي تعانيه المدينة، خاصة أنها مدينة صناعية تنشط بها مئات الوحدات الصناعية من مختلف الأنواع، والتي جعلت نسبة التلوث مرتفعة بالمدينة المليونية.وأوضح لمينة في حديث مع "الصباح" أن مشاكل البيضاء في مجال حركة السير والجولان، كبيرة بسبب الازدحام الناجم عن عدد السيارات والحافلات التي تتحرك بالمدينة، ما يساهم في رفع حدة التلوث، ينضاف إليها تراجع مهول في المساحات الخضراء، من حدائق وفضاءات طبيعية يمكن أن تشكل متنفسا وسط الزحف الكبير للعمران والبناء. أمراض تنفسية وبخصوص المسؤوليات في هذه الاختلالات المجالية والعمرانية، يرى الفاعل الجمعوي، المهتم بقضايا المدينة، أن المنتخبين والساهرين على تدبير الشأن المحلي يتحملون قسطا كبيرا من المسؤولية، فمجلس المدينة، كان من المفروض أن يكون له مخطط بيئي من أجل تحسين الوضع البيئي بمدينة يفوق عدد سكانها ستة ملايين نسمة، مشيرا الى أن غابة بوسكورة، التي تعتبر المتنفس الطبيعي للمدينة، باتت محاصرة اليوم بمشاريع التعمير والبناء، ما يقلص المساحات الخضراء في ضواحي المدينة. وباستثناء بعض المشاريع الخاصة بإصلاح بعض الحدائق الكبرى مثل حديقة الجامعة العربية، التي افتتحت أخيرا، وفضاء أنفا الجديد، تبقى باقي المشاريع محدودة، مقارنة مع حالة الاختناق العمراني، الناتج عن ارتفاع عدد السكان، والذي فرض إقامة مشاريع سكنية، تفتقر أغلبها للمساحات الخضراء، وللفضاءات الطبيعية. ولم يفت المسؤول الجمعوي توجيه اللوم إلى جميع الأحزاب، والتي لا تضمن الجوانب البيئية في برامجها الانتخابية، بسبب ضعف هذه الثقافة لديها، وغياب نشاط تحسيسي في أوساط المواطنين حول أهمية الحفاظ على البيئة، ودورها في الحفاظ على صحة المواطن وسلامته، وهو ما يفسر ارتفاع الأمراض المرتبطة بالتنفس. تمدد عمراني وترى حسنة كجي، رئيسة مركز الدراسات والأبحاث للبيئة والتنمية المستدامة التابع لجامعة الحسن الثاني بالبيضاء، أن المدينة تعاني ضمور الطابع الأصيل للعمران، مقابل نشوء نسيج عمراني لا يتلاءم والهوية الثقافية والحضارية، مؤكدة غياب مساحات خضراء كافية وخاضعة للمعايير الدولية، فضلا عما تشهده من اختناق في حركة السير وضوضاء، وانبعاث للغازات وتلوث الهواء، وتقلص الغطاء النباتي ومشكل تدبير النفايات والصرف الصحي والنقص في التجهيزات الأساسية خاصة بالأحياء الهامشية.وبرأي الباحثة في كلية الحقوق، فإن المشكل البيئي بالمدينة مركب تتداخل فيه العديد من العوامل، أهمها التمدد العمراني والمجالي غير المخطط له، والذي جعلها تتوسع على حساب المجال الطبيعي المحيط بها، علاوة على غياب الالتقائية في السياسات المحلية والمركزية، وتداخل الاختصاصات بين المتدخلين في تدبير الشأن البيئي المحلي، وتغييب المعطى البيئي في برامج عمل الجماعات المحلية. فوائد المساحات الخضراء تشير دراسات الأمم المتحدة إلى أن الحدائق والمساحات الخضراء والمجاري المائية، هي أماكن عامة مهمة في معظم المدن، وتوفر حلولا لما ينتجه التمدن السريع المفتقر لمقومات الاستدامة من آثار في الصحة والسلامة. كما توفر المساحات الخضراء فوائد اجتماعية واقتصادية على القدر ذاته من الأهمية، خاصة في ظل تغير المناخ، والأولويات الأخرى المنصوص عليها في أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك المدن المستدامة والصحة العامة والمحافظة على الطبيعة. وأثبت عدد متزايد من الدراسات الوبائية أن المحافظة على المساحات الخضراء الحضرية تحقق آثارا صحية إيجابية متنوعة، بما في ذلك تحسين الصحة العقلية وخفض الاكتئاب وتحسين نتائج الحمل وخفض معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفيات الناجمة عنها، والسمنة، وداء السكري. برحو بوزياني

عاصمة الاختلال البيئي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اعتقال مروجي خمور بفاس

هالاند يقضي الصيف باليونان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات