العثماني يسير الحكومة برأسين

الخلط بين الصفة الحزبية والمسؤولية في الحكومة، ليس بجديد على سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، فالرجل سبق أن تجرع من كأس مر لما عين وزيرا للخارجية في الحكومة السابقة، وغلبت حماسته وشعارات الحزب على أدائه الدبلوماسي الحساس، فلم يدم مقامه طويلا بالوزارة بعد توالي الهفوات، ووجد نفسه في الصفوف الخلفية بتحريض من خصومه في الحزب. كأنه طائر الفينيق، عاد العثماني للهيمنة على المشهد السياسي المغربي، وهذه المرة من موقع قوة بعد تعيينه رئيسا للحكومة، رغم دسائس سلفه عبد الإله بنكيران، الذي حاول بسط هيمنته على الحزب للمرة الثالثة في خرق لقانونه الداخلي، ومن ثم الظفر بولاية جديدة في منصب رئيس الحكومة، فتبخر الحلم وفشل في تشكيل الحكومة وغادر من الباب الضيق. كان للجميع يقين أن العثماني استوعب دروس تجربته في وزارة الخارجية، وأن العزف على وتر الحزب والمنصب الحكومي الرفيع معا لا تنتج إلا الألحان الشاذة، إلا أن الطبيب النفسي خيب أمل من توسموا أن يدخل المغرب مرحلة القطيعة مع الارتجال وازدواجية المواقف، إذ أن الأمر لم يكن سوى أضغاث أحلام، وتناقض المصالح وتضاربها، ما فتح الباب أمام اتهامات للحزب ومناضلين بالعمالة لجهات خارجية. من بين المواقف "المخجلة" لرئيس الحكومة، تهافته على توقيع اتفاقيات مع مسؤولين إسرائيليين، في رسالة للعالم أن المغرب أعاد علاقته مع الدولة العبرية، وفي الليل، خرج حزبه يندد بالتطبيع معتبرا إياه جريمة وفلسطين قضية سياسية وأيديولوجية ودينية لا ينبغي التخلي عنها. كشف خبير لـ"الصباح"، أن فهم عشوائية قرارات رئيس الحكومة وتضاربها، يعود إلى طبيعة حزب العدالة والتنمية، فهو تنظيم هجين ولد من حزب الحركة الشعبية الدستورية للراحل عبد الكريم الخطيب، تتحكم فيه أقطاب تؤمن بمنطق الولاء للقبيلة والعرق، وهو ما ظهر جليا في الموقف الإيجابي للأمين العام السوسي من خصومه السياسيين من أبناء منطقته، وإن كانوا أشد خصومة لحزبه، في حين أدارا ظهره لقيادات أخرى، تحملت وزر تحالفها مع بنكيران ودفاعها عنه. هذه الأقطاب صارت لها الكلمة العليا في الحزب، والدليل أن عددا من قيادات الحزب تورطت في فضائح وأخطاء، دون أن تتم محاسبتها، كما حدث للوزير أمكراز الذي حاور قناة معروفة بموقفها العدائي من المغرب ووحدته الترابية، وبرر الأمر أنه تحدث بصفته قياديا في شبيبة الحزب وليس وزيرا في الحكومة. ينضاف إلى ذلك، يؤكد الخبير، أن العثماني وباقي وزراء العدالة والتنمية يدفعون ثمن الديمقراطية الداخلية، فالقاعدة تتحكم في توجهاتهم لكسب تعاطفها معهم، والنتيجة أن أصغر مناضل في الحزب، يمكنه التأثير في السياسات العامة للحكومة وعن جهل. والأخطر أن هذه التوجهات هي إملاءات من الخارج، مصدرها قادة التنظيم الدولي للإخوان، لهذا نكون أمام موقف في الصباح باسم رئيس الحكومة وآخر بالليل يناقضه جملة وتفصيلا باسم الأمين العام للعدالة والتنمية. مصطفى لطفي

العثماني يسير الحكومة برأسين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الديمقراطية "كفر" لا غنى عنه

مع ״طابا״ ضد ״الكيف״

مقالات ذات صلة