تحويل الكيف إلى دواء

مراجع صادرة عن الأمم المتحدة تعود إلى ستين سنة آخرها نشر في دجنبر الماضي استند المغرب إلى عدد من التشريعات الدولية والمراجع الصادرة عن هيآت تابعة للأمم المتحدة في تقنين استعمالات القنب الهندي، خصوصا في الجانب الطبي والصناعي. اتفاقية 1961 المعدلة في 1972 تشكل مرجعية أساسية لمشروع القانون الخاص بتقنين استعمال القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية، وهي نتاج قرار للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، صدر نهاية الخمسينات، ويقضي بتنظيم مؤتمر دولي يضع اتفاقية وحيدة في هذا المجال تعوض ما كان قائما حينها من اتفاقيات مختلفة. وانعقد المؤتمر في مارس 1961، أي قبل ستين عاما بالضبط، بمشاركة 73 دولة من بينها المغرب، وانتهى المؤتمر بعدة قرارات تم تنزيلها في معاهدة وحيدة سيتم تعديلها ببروتوكول تم اعتماده سنة 1972. وتتضمن الاتفاقية عددا من الإجراءات والمساطر التي تضمن المراقبة الدولية لتداول واستعمال المخدرات لأغراض طبية وعلمية، مع تمكين الهيأة الخاصة المحدثة لهذا الغرض من البيانات والإحصاءات حول المخزون والمساحات المزروعة. وتسمح هذه الاتفاقية بزراعة القنب الهندي قصد استعماله لأغراض طبية، شريطة إخضاع عملية الإنتاج للمراقبة وضمان عدم استعمال النبتة لأغراض غير مشروعة. كما تسمح المعاهدة لكل دولة أن تحتفظ ببعض الاستعمالات غير المشروعة لبعض المخدرات في مرحلة انتقالية، من قبيل استعمال القنب الهندي لأغراض غير طبية. إلا أن الاتفاقية ظلت تصنف القنب الهندي في الخانة نفسها مع مخدرات مثل الهيروين والكوكايين، إذ اعتبرته من بين المخدرات الممنوع تداولها، مع ترخيصها باستخدامه بشكل محدود وتحت مراقبة مشددة. اتفاقية فيينا 1988 تتعلق بمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، وتم توقيعها في فيينا نهاية 1988. صادق المغرب على هذه الاتفاقية ونشرها في 2002. ويحضر موضوع القنب الهندي في هذه الاتفاقية من خلال إلزامها الدول الموقعة عليها باتخاذ ما يلزم في قوانينها الداخلية، لتجريم ومحاربة زراعة القنب لغرض إنتاج المخدرات خلافا لما تنص عليه اتفاقية 1961 في نسختها المعدلة. مقررات منظمة الصحة يعود اهتمام هذه المنظمة الدولية المرجعية في المجال الصحي بنبتة القنب الهندي إلى عقود طويلة، حيث فتحت الباب أمام البحوث العلمية الخاصة بآثار القنب الهندي والمواد المستخلصة منه على صحة الإنسان، وشرعت في تنظيم هذا البحث وتطويره منذ ستينات وسبعينات القرن الماضي. توصيات يناير 2019 في يناير 2019، راسلت منظمة الصحة العالمية الأمين العام للأمم المتحدة، موجهة إليه توصيات جديدة بشأن القنب الهندي، بناء على الخلاصات التي انتهى إليها عمل الخبراء التابعين للمنظمة. وتنص هذه التوصيات بالخصوص على حذف القنب الهندي من الجدول الرابع للاتفاقية الوحيدة للأمم المتحدة (1961) كما جرى تعديلها عام 1972، أي سحبه من قائمة المخدرات المحظور استخدامها إلا في حالات استثنائية محدودة وتحت مراقبة شديدة. كما أوصت المنظمة، بعد نقاشات طويلة استمرت على مدى عقود، بحذف مادة الكنابيدول التي تستخلص من القنب الهندي، بشكل نهائي من قائمة المواد المخدرة التي تخضع لرقابة الهيآت الدولية، وذلك من خلال تعديل أحد هوامش الاتفاقية الوحيدة للأمم المتحدة في هذا الاتجاه. قرار الأمم المتحدة لدجنبر 2020 بناء على التوصيات الواردة في مراسلة منظمة الصحة العالمية، اجتمعت لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة في دجنبر 2020، وخلصت إلى قرار يقضي بالاستجابة لطلب حذف القنب الهندي من خانة المواد المخدرة والسامة التي أدرجتها فيها الاتفاقية الوحيدة لعام 1961. وكان صوت المغرب حاسما في ترجيح كفة المصادقة على هذه التوصية، بـ27 صوتا مؤيدا ضد 25 معارضا، حيث اصطفت المملكة إلى جانب كتلة مكونة أساسا من الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية، في مقابل معارضة دول من بينها الصين وروسيا والجزائر التي قننت زراعة واستخدام القنب الهندي لأغراض طبية وعلمية عام 2004.في موقع أخبار الأمم المتحدة الذي أعلن مصادقة اللجنة على التعديل، نقرأ أن حوالي 50 دولة في العالم باتت تعتمد برامج خاصة بالاستخدام الطبي للقنب الهندي، في مقابل دول قليلة من بينها كندا والاوروغواي و15 ولاية أمريكية، قامت بتقنين استعماله لأغراض "ترفيهية". ولكم فيه منافع أخرى لنبتة القنب الهندي استعمالات أخرى ناجحة وذات فعالية ومميزات خاصة في كثير من الميادين الصناعية يصعب حصرها عدديا، التي تعود أصول كثير منها إلى آلاف السنين. ووجدت شهادات ترجع لما يناهز أربعة آلاف سنة حول استعمال أليافه في تصنيع مجموعة من المواد، مثل النسيج والحبال والأشرعة، لتمتد بعد ذلك إلى صناعة الملابس والأحذية والأقمشة وما يماثلها، كما يتم استخدامها أيضا في مجال الصناعات الورقية والغذائية وكذا في إعداد أعلاف خاصة بالحيوانات والطيور إلى جانب الصناعات المرتبطة بمواد النظافة والتجميل، كما تستخدم نبتة القنب الهندي بشكل واسع في ميدان البناء عازلا حراريا وفي صناعة الإسمنت و مواد أخرى. وأثبتت العديد من الدراسات المختبرية الحديثة، أن لنبتة القنب الهندي مجموعة كبيرة من الخصائص و المميزات، التي تجعلها مستجيبة إلى حد بعيد للفلسفة، التي تعبر عنها الاتفاقية الوحيدة للمخدرات بصيغتها المعدلة، سواء في ما يتعلق بالاستعمال الطبي والعلمي بشكل عام، أو بالمجال الصناعي. وأخذت الاستعمالات الطبية لنبتة القنب الهندي تتطور، إذ تستخلص منها مجموعة من الأدوية والعلاجات الفعالة، خاصة للحد من الآلام الشديدة، خصوصا لدى المرضى المصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة، أو السرطان إلى جانب علاجات أخرى، بمجموعة من بلدان العالم المتقدمة، التي تبنت بشكل لا رجعة فيه دعم وتطوير هذا الاستعمال، من ضمنها بريطانيا وكندا وسويسرا و إسبانيا وهولندا و بلجيكا، وكذا مجموعة كبيرة من الولايات الأمريكية. تعتمد أغلب الدول الاتفاقية الوحيدة للمخدرات في 1961 بصيغتها المعدلة ببروتوكول 1972، بهدف جعل استعمالات العقاقير المخدرة المدرجة في الجدولين الأول والثاني لهيأة المخدرات، مقتصرة على مختلف الأغراض الطبية والعلمية وتوافرها كذلك للأغراض المشروعة بصفة عامة، ومنع تسريبها وإساءة استعمالها في أغراض قد تمس بأمن و رفاهية البشرية. وفي الاتجاه ذاته، دعت كل من هيأة الأمم المتحدة ومنظمة مراقبة المخدرات عبر تقاريرهما إلى ضرورة ضمان توافر الأدوية المستخلصة من هذه العقاقير لوضع حد للآلام الحادة و المزمنة التي يعانيها الملايين من المرضى عبر العالم، خاصة من جراء الولادة والعمليات الجراحية والصدمات وأمراض مثل السيدا و السرطان. يوسف الساكت

تحويل الكيف إلى دواء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبـس لزوجـة وعشيقهـا

السجن لـ"مايكل" بالجديدة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات