الهيني: ورش ملكي ممتد

> على امتداد 21 سنة من الحكم نهج الملك سياسة الاهتمام بورش العدالة. في نظركم هل تمكن المغرب من تنزيل مضامين الخطب الملكية؟ > من أهم أوراش الإصلاح التي عرفها المغرب في عهد حكم الملك محمد السادس، إصلاح وتحديث السلطة القضائية، باعتبار أن القضاء يندرج في صلب الخيارات الإستراتيجية التي ترتكز عليها بلادنا لربح رهان التطور والتنمية. وأكد جلالته، لمناسبات عديدة، على الأولوية التي يحظى بها القضاء في مجال الإصلاح، كما أعلن حرصه الكامل على النهوض بقطاع العدل حتى يكون في مستوى مواجهة التحديات المعاصرة، ومواصلة الجهود لعصرنة القضاء، وتسريع تحديث إدارة العدل، بعقلنة العمل، وتبسيط المساطر، وتعميم المعلوميات ليكون القضاء متطورا ومتجددا، يواكب ما يعرفه العالم المتقدم في مواجهة المشكلات التي يثيرها العصر وتولدها الحضارة الحديثة. > ماهي قراءتكم للتحديات المرفوعة من أجل الحكامة ومحاربة الرشوة؟ > إن إصلاح القضاء يظل شرطا ضروريا لسيادة القانون، ومحفزا قويا على الاستثمار، بما يشيعه ترسيخ نزاهته من ثقة واستقرار للإسهام الفعال في المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي، لما يكفله القضاء المستقل والنزيه والفعال من سيادة القانون، وإشاعة الثقة والأمن على الأشخاص والممتلكات وتخليق المرافق العمومية ومكافحة الفساد، وتحفيز التنمية والاستثمار، وتوطيد الاستقرار، وترسيخ الديمقراطية إن استقلال القضاء باعتباره ضمانة دستورية، ليس مطروحا فقط إزاء السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولكن أمام السلط الأخرى شديدة الإغواء وفي مقدمتها سلطة المال المغرية بالارتشاء، وسلطة الإعلام التي أصبحت بما لها من نفوذ متزايد وأثر قوي في تكييف الرأي العام سلطة رابعة في عصرنا، فضلا عن سلطة النفس الأمارة بالسوء. ويعتبر استقلال القاضي بمعناه الحق عن هذه المؤثرات الجامحة لا تكفله الوسائل القانونية مهما كانت متوافرة، وإنما يكفله قبل كل شيء الميثاق الذي بينه وبين ضميره، فهو رقيبه الذاتي الدائم والوسيلة المثلى لتحصين نفسه من كل تأثير أو انحراف وهو يقوم برسالته النبيلة. والسلطة القضائية حسب الفصل 117 من الدستور هي الحامية للحقوق والحريات ولا يمكن حماية الحقوق وصون الحريات دون توفير الحكامة في تدبير المحاكم وتخليق عملها ومحاربة الفساد باعتباره صمام الأمام لتكريس الثقة في دولة الحق والقانون وتطوير التنمية ورفع مؤشراتها. ومن المهم الإشارة إلى أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية كان له دور رائد ومحوري في تخليق مرفق القضاء وتعزيز المحاسبة داخل الوسط القضائي، كما أن دوريات رئاسة النيابة العامة كان لها بالغ الأثر في جعل محاربة الفساد وتخليق القضاء والإدارة ضمن محاور السياسة الجنائية. > ما هي المعيقات التي تقف أمام رهان ملكي بشأن السلطة القضائية والمهن القضائية؟ > يعتبر مكسب بناء السلطة القضائية وتعزيز استقلالها رهانا ملكيا ارتقى به صاحب الجلالة إلى مستوى الإقرار الدستوري، لتكون السلطة القضائية إحدى السلطات الثلاث للدولة تتميز باستقلالها وبمكانتها في الهرم الدستوري والقانوني للدولة . وهكذا يقول الملك "إننا حريصون على السير على النهج القويم لأسلافنا الميامين، الذين أقاموا دولة المغرب الموحدة، منذ أزيد من اثني عشر قرنا، على الأساس الصحيح والحصن الحصين للعدل، جاعلين منه أساس الملك. ولذلك يذكر التاريخ للمغرب، ملكا وشعبا، أنه كان يحيط القضاة بما يستحقونه من تبجيل واحترام...». والملاحظ أن إصلاح القضاء من خلال بناء السلطة القضائية المستقلة لم يوازه إصلاح على مستوى المهن القضائية التي مازالت بعيدة عن مفاهيم الاستقلالية والتحديث والتطور لأن بنيتها القانونية إما ضعيفة أو قديمة، كما أن الدولة لا تساهم في ميزانية المهن القضائية رغم ما تقدمه من خدمات قانونية للمتقاضين تعتبر بمثابة مرافق عمومية أو في حكمها تخلت عنها الدولة لفائدتها دون أن تتحمل مسؤوليتها في ضمان إنجاح أدوار باقي المتدخلين في العملية القضائية، سواء على مستوى إصلاح المنظومة القانونية أو على مستوى الدعم والتمويل أو التكوين أو توفير أماكن لائقة لها . وفي هذا الإطار، فإن استقلال السلطة القضائية يبقى ناقصا دون استقلال مالي وإداري للمحاكم، لأن المجلس الأعلى للسلطة القضائية لا يملك الأدوات المالية والبشرية لممارسة دوره في تطوير منظومة السلطة القضائية. أجرت الحوار: ك . م

الهيني: ورش ملكي ممتد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تنويع مصادر النمو الاقتصادي

السلطة القضائية... بناء الدولة الحديثة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات