نقابة المحامين تصعد والجماعة تعتبره إخلاء مؤقتا يضمن العودة وليس إفراغا إعداد: ياسين قطيب أجج إخلاء مكتب للمحاماة بالبيضاء، غضب زملاء المحامي وعلى رأسهم نقيب هيأة المحامين بالبيضاء، بسبب ما اعتبره خرقا لالتزامات قانونية آمرة، شرعت لحماية مصالح موكلي المحامي واستمرار تقديمه لخدماته ولحماية أسرارهم ووثائقهم. وأثيرت ردود أفعال متباينة بشأن ما وصفه المحامون بعملية "الإفراغ"، ونعتهم القرار ب"الإخلاء"، والذي تم بناء على قرار جماعي صادر عن رئيس جماعة سيدي بليوط، وأمر قضائي، مبني على طلب السلطة المحلية بتعيين مفوض قضائي للإشراف على تنفيذ القرار الجماعي، لإخلاء شقق بعمارة تندرج ضمن البنايات المهددة لأمن السكان والمارة. وتعتبره إخلاء مؤقتا إلى حين إصلاح البناية وتثبيتها، ويدخل ضمن التدابير الوقائية المؤقتة بسبب أقدمية العمارة والخطر الذي تشكله. النقيب يتوعد أصدر نقيب هيأة المحامين بالبيضاء، بلاغين، الأول في يوم الثلاثاء الماضي، الذي تمت فيه عملية الإخلاء والثاني، مساء أول أمس (الأربعاء). إذ اعتبر في البلاغ الأول أن الرأي العام تفاجأ صباح الثلاثاء 16 يونيو بإفراغ مكتب محام بهيأة البيضاء، واصفا العملية بغير العادية، لأنها تمت دون مراعاة الضوابط القانونية والاحترازية الجاري بها العمل. وأضاف أنه انتقل إلى المكان رفقة أعضاء من مجلس هيأة المحامين، بناء على طلب المحامي، صاحب المكتب الذي يستغله محلا مهنيا منذ عدة عقود، والذي فوجئ عند رغبته في ولوجه صباحا بمنعه من قبل عمال البناء، بعد أن تبين له اقتحام مكتبه بعد كسر بابه وتمت بعثرة محتوياته وخصوصا ملفاته ووثائق عمله. وبعد إجراء عدة اتصالات تبين أن الأمر يتعلق بقرار جماعي صادر عن رئيس مقاطعة سيدي بليوط، في 11 مارس الماضي، صدر الأمر بتنفيذه، بتاريخ 12 يوينو دون تبليغ القرار إلى المحامي المعني بالأمر، ودون الإشارة إلى أن المحل يتعلق بمكتب محام، ودون إشعار النقيب والوكيل العام للملك، كما يقتضي القانون ذلك. وذكر النقيب بمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 59 من ظهير 20 أكتوبر 2008، الصادر بتنفيذ القانون رقم 08.28 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة، والذي ينص على أنه " لا يمكن تنفيذ حكم إفراغ مكتب محام، إلا بعد إشعار النقيب واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان مصالح موكليه". وأوضح النقيب أن السلطات الجماعية المتخذة للقرار وسلطة الإدارة الترابية المنفذة للقرار بقواعد القانون، خرقا عدة التزامات قانونية آمرة، شرعت لحماية مصالح موكلي المحامي واستمرار تقديمه لخدماته ولحماية أسرارهم ووثائقهم. وختم النقيب أنه سيتوجه إلى جميع الجهات الإدارية القضائية من أجل تحديد المسؤولين عنه ومحاسبتهم، ومن أجل تجنب تكرار الخرق مستقبلا. أما البلاغ الثاني فأخبر فيه النقيب باجتماع مجلس الهيأة ومناقشة واقعة اقتحام مكتب مسجل بجدول هيأة المحامين، وإتلاف وثائقه وممتلكاته، بقرار جماعي قامت السلطة المحلية بتنفيذه دون مراعاة الضوابط القانونية، وما أثاره من غضب لدى المحامين والمحاميات، عبر ربوع الوطن. وأفاد بلاغ النقيب أن مجلس الهيأة وقف على التعسف والخرق السافر للقانون في ظل الطوارئ الصحية، والمس بحصانة مهنة المحاماة ومكتب المحامي، التي قررها القانون والاتفاقيات الدولية، باعتبارها تشكل جزءا من حقوق المتقاضين الأساسية، وتحمي مصالحهم وأسرارهم ووثائقهم. وحمل المجلس كامل المسؤولية للسلطة الجماعية التي أصدرت القرار بالإخلاء دون مراعاة أن الأمر يتعلق بمكتب محام، وكذلك السلطة المحلية التي سهرت على تنفيذه، والجهة القضائية التي ساهمت في التنفيذ، مطالبا بتدخل هذه السلطات لمعالجة الخلل والتراجع الفوري بتمكين المحامي من ولوج مكتبه واسترجاع محله المهني بجميع محتوياته، وإجراء المساطر الضرورية وتسريع الأبحاث القضائية ضد كل من أوقع هذه السلطات بشكل مباشر أو غير مباشر في الخطأ. قرارات وأمر قضائي عملية الإخلاء التي أثارت الضجة، عززت بأمر قضائي، صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية آنفا، أمر فيه رئيس مكتب التبليغات والتنفيدات القضائية، بتعيين أحد المفوضين القضائيين، استجابة لطلب ممثل السلطة المحلية، الذي أرفق مقاله المرفوع للمحكمة، بالتماس تعيين مفوض قضائي من أجل مواكبة تنفيذ عملية الإفراغ التي ستباشرها السلطة المحلية، لمعاينة ما يمكن معاينته وجرد ما يمكن جرده، أثناء عملية إخلاء الشقق المذكورة وتدوين ذلك في محضر. وسبقت الأمر القضائي قرارات للجماعة، انصبت على العمارة موضوع الإخلاء، وتعززت بقرار جماعي عدد 1198 صادر في 11 مارس 2020، يتعلق باتخاذ تدابير وقائية نحو مبنى آيل للسقوط ومهدد لأمن للسكان والمارة، والقاضي بالإخلاء المؤقت للسكان القاطنين به إلى حين تثبيته وإصلاحه، ويتعلق الأمر بالعمارة المتكونة من طابق أرضي، وطابق سفلي وسبعة طوابق علوية، وتقع بزاوية زنقة بريزاك وشارع رحال المسكيني. واتخذ القرار، بعد سلسلة من الإجراءات بسبب أقدمية العمارة والخطر الذي أصبحت تشكله على السكان والمارة، وفق ما جاء في توصيات خبرة أنجزت من قبل مكتب للدراسات والخبرة، بتاريخ 26 شتنبر 2019. وكذا بالنظر إلى التزامات السلطة المحلية في تنفيذ قرارات المجلس المشروعة استنادا إلى المادة 108، من القانون التنظيمي، للجماعات المحلية، والمادة السابعة المتعلقة بالمباني الآيلة للسقوط، والتي تلزم السلطة المحلية بتسخير القوة العمومية لضمان التنفيذ الفوري لقرار إداري، عندما يتعلق الأمر بمنزل آيل للسقوط. وحسب ملخص الإجراءت التي أجرتها الإدارة، والمدونة في مقال ممثل السلطة المحلية إلى المحكمة، فإن سكان العمارة امتثلوا لقرار الإخلاء، ما عدا ثلاث شقق تحمل على التوالي رقم 2 و3 و4، إذ تعذر تبليغ سكانها لعدم وجودهم بها، الشيء الذي دفع إلى إناطة تبليغ القرار بالإخلاء، إلى السلطة المحلية، التي يدخل العقار ضمن نفوذها الترابي. وعلل عامل آنفا، طلبه تعيين مفوض قاضي بالرغبة في تحصين العملية وإضفاء المزيد من الضمانات القانونية عليها، تفاديا لأي طعن في شرعيتها. وهو ما استجابت له المحكمة. إخلاء مؤقت يضمن العودة أكدت مصادر جماعية أن الأمر لا يتعلق بإفراغ، لأن الأخير يكون بحكم قضائي حاز قوة الشيء المقضي به، ولكن الأمر يتعلق بإخلاء مؤقت يضمن حق عودة المكتري، إخلاء هدفه وقف خطر يهدد السكان أو المارة، لا يتم إلا وفق مجموعة من المساطر الإدارية وكذا رأي المختصين من خبراء، قبل أن تتدخل السلطات لتنفيذ قرار الإخلاء. وأفادت أن المحامي نفسه، اكترى الشقة للاستعمال السكني منذ 1984، وفق عقد مصحح الإمضاء، يحدد استغلالها في السكن. وأوردت المصادر نفسها أن السلطة العمومية تتخذ قرارات لحماية الناس من كوارث الانهيار أو السقوط، وأن هذه القرارات تبنى على خبرات تأكيدية، وهو ما يدفع إلى تفعيل الحماية التي تدخل ضمن اختصاصات ممثل السلطة المحلية، ناهيك عن أن الأمر يتعلق بإخلاء وليس إفراغا، إذ يحق للمحامي العودة إلى الشقة حينما تتم بناء العمارة، خصوصا أن القانون أصبح أكثر تشددا مع الملاك، الذين يتباطؤون في إعادة البناء، بعد أن حدد آجالا زمنية، في حال خرقها، يواجه المالك بعقوبات مالية عبارة عن تعويضات تجبر الأضرار الفعلية التي تكبدها من تم إخلاؤهم. جواب الجماعة في اتصال بمسؤول بقسم التواصل بجماعة سيدي بليوط حول موقف مجلس هيأة المحامين، بخصوص تنفيذ القرار الإداري والتعسف الذي ميزه، رد بأنه ليس هناك ما يثبت أن الشقة السكنية للمحامي، المبلغ بهذا القرار، هي في الأصل مكتب للمحاماة، بحيث أنه بالرجوع إلى الوثائق القانونية الممسوكة فإنها لا تتعلق بعلاقة الكرائية بين مالك الشقة والمحامي، يتوضح العقد المبرم بينهما أن الشقة معدة للسكنى فقط، وليس لغرض مهني ولم يكن هناك أي تعديل لهذا العقد، لتغيير الغرض. وأفاد المسؤول نفسه أن المادة 59 من قانون المحاماة المتحجج بها من قبل مجلس الهيأة، لا تنطبق على واقعة الحال، إذ حصرت الإشعار في حالتين هما، أولا لمناسبة البحث مع محام أو تفتيش مكتبه بشأن جناية أو جنحة، وثانيا، لمناسبة تنفيذ حكم الإفراغ، وهو الأمر المتعارض مع نازلة الحال، لأنه يتعلق بتنفيذ قرار إداري صادر عن رئيس جماعة سيدي بليوط، يخص الإخلاء الموقت لمبنى مهدد بالسقوط، إلى حين تثبيته وإصلاحه. رأي خارج الخصومة أورد خبير قانوني، متخصص في فض النزاعات، اطلع على مختلف المساطر والوثائق الخاصة بالعمارة، أن القرارات التي تهم المباني الآيلة للسقوط والمهددة لسلامة للسكان والمارة، يكون دافعها حماية الأرواح، وهي قرارات ذات حساسية كبيرة، وأن السلطات مسؤولة عن التدخل وبسرعة قبل وقوع الكوارث، وان عمل الإدارة يبقى مشروعا متى كان هدفه الحفاظ على الأرواح، ضاربا المثل بما وقع في عمارة بوركون والخسائر البشرية والمادية الكبيرة، ناهيك عن المساءلة التي أعقبت الحادث وتسببت في السجن لموظفين عموميين. وأضاف المتحدث نفسه أن على جميع الأطراف الاحتكام إلى العقل والمنطق، عوض التصعيد وركوب حرب سياسية وانتخابية في إشارة إلى قرب انتخابات مجالس المحامين، وأن حقوق صاحب الشقة مضمونة قانونا، وأن شأنه شأن باقي جيرانه من أصحاب الشقق في العمارة التي وصفتها تقارير مختلف الخبرات والمعاينات القضائية، بالآيلة للسقوط والتي تحتاج إلى تمتين وتقويم وإصلاح، مؤكدا أن هناك استثمارا في العملية مؤطرا بقوانين تسري على الجميع، وعلى الكل الالتزام بها، سيما أن الأمر لا يتعلق بإفراغ بل بإخلاء مؤقت، يمكن من وقف التهديدات الواقعية التي تشكلها العمارة، كما يمكن من اكتساب البناية متانتها وأناقتها وجماليتها، وعودة الجميع إلى مراكزهم القانونية، ودخولهم شققهم طبقا للقوانين الجاري بها العمل.